التصعيد الاسرائيلي والمخطط الامريكي في لبنان
العدوان الاسرائيلي على لبنان واستمرار الانتهاكات الاسرائيلية والى أين ستصل الامور في لبنان؟ وهل هناك استمرار في الاعتداءات وهل تتطور الامور الى شيء اخر ام انها ستقف عند ذلك؟
لا شك ان ما يجري اليوم هو ربما نوع من انواع تكريس مفهوم السيادة وكذلك توازن القوى، في ظل هذا التصعيد اليومي والانتهاكات اليومية المتصاعدة لاتفاق وقف الاعمال القتالية الذي جرى التوصل اليه في تشرين الثاني عام 2024، وصلت هذه الخروقات الى 4500 خرقا منذ ذلك الوقت.
كذلك بالتطرق الى الخطة الامريكية التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية والتي تقضي بانسحاب العدو من خمس نقاط اساسية في جنوب لبنان مقابل تسليم السلاح الى الجيش اللبناني.
ولكن الامريكي والاسرائيلي اعلن بشكل واضح يعني ان الاسرائيليين لن يتراجعوا ولن ينسحبةا من هذه النقاط الخمسه.. اذن ما هو المطلوب؟ المطلوب وفق الخبراء ان يتم استسلام لبنان لشروط تل أبيب بدون أي مقابل وأكثر من ذلك، وفق التقارير الغربية، ليس فقط احتلال لخمس نقاط اساسية ولكن هناك حديث عن خطة امريكية لافراغ 27 منطقة او بلدة جنوبية في لبنان من مرجعيون الى الناقورة من اهلها، أي تغيير ديموغرافي.
هذا المخطط الامريكي هو تحت مسمى مخطط اقتصادي سينعش لبنان وحمل اسم منطقه ترامب الاقتصادية وذلك من اجل ابعاد حزب الله عن هذه المنطقة.
هذه الارض يجب ان تتحول وفق هذا المخطط لادارة امريكية، يتم نشر ما بين 1500 الى 2000 جندي امريكي، كذلك طبعا هناك حرية الانتقال والدخول والخروج متى ما شاء جنود جيش الاحتلال، وهذا يعني ان لبنان لن تبقى له سيادة على هذه المنطقة. كذلك سيتم بناء عشرات الابراج على المنطقة الحدودية لايجاد نوع من الاطمئنان لمستوطني الشمال الحدوديين.
هذا يعني تحت هذا العنوان أن لا سيادة لبنانية على جزء واسع من منطقة جنوب لبنان، وبالمقابل تقام مشاريع اقتصادية تحت مسميات عديدة ومشاريع سياحية وزراعية ولكم ان تتخيلوا مسميات هذه المشاريع.
ولكن السر الاكبر خلف هذه العناوين هو ان هذه المنطقة في باطنها هناك ثروات نفطية وغازية هائلة جدا، وهنا نرى الصورة بالكامل بمجملها.
بالمختصر بحقيقة المشهد ووفق الخبراء فإن الكيان الاسرائيلي لا يريد التفاوض، وهناك نوع من انواع الاملاءات وعلى لبنان الاختيار؛ اما الموافقة على هذه الاملاءات او الحرب.
هذا ما يؤكده الخبراء، حتى الخبراء الامريكيين يعتبرون ان الولايات المتحدة أعطت شيكا على بياض للكيان الاسرائيلي لممارسة ما يريد ان يقوم به. وفي اعتقاد الكيان الاسرائيلي ان لبنان في اضعف حالاته وخصوصا بعد استشهاد السيد حسن نصر الله، ويعتقد انه يمكن ان يقوم بما يريد ان يقوم به.
اذا رجعنا الى التصريحات الاخيرة لتوم برّاك المبعوث الامريكي الى سوريا ولبنان عندما قال ان الصراع الان في الشرق الاوسط ليس صراع حدود بل صراع على مبدأ الهيمنة والخضوع، وهذه التهديدات الامريكية تتلاقى مع الرسائل الاسرائيلية عبر العدوان، وكأن الاسرائيلي يقول انه رغم انه منشغل في قطاع غزة لكنه لن يترك الجبهة اللبنانية وهو يريد لبنان على مقاسه، يريد، بناء على الخبراء، ان تكون دول المنطقة إما تابعه أو خاضعة أو منسجمة مع اهدافه، ومن يخرج ويكون خارج هذا السر سوف يلاقي عدوانا تلو الآخر حتى يخضع، لكن المقاومة ترى ان هناك حرب طويلة المدى ستندلع مع الكيان الاسرائيلي وان الوقت ليس بصالح الكيان بسبب التحديات التي يواجهها سواء التحديات الداخلية والانهيار داخل الحكومة اضافة الى الغضب الاقليمي والدولي الكبير، حيث شاهدنا موجة تسونامي من الاعترافات بدولة فلسطين رغم ان البعض يرى ان هذا التسابق الغربي للاعتراف بفلسطين نوع من الهروب من المسؤولية، لكن على أية حال هذا يعتبر ضغطا على الكيان الاسرائيلي ولان نتنياهو بارع في الهروب الى الامام يريد اثارة التوترات حتى يبقى وكذلك حتى يحقق حلم "اسرائيل الكبرى".
هذه التكتيكات والصبر التكتيكي الذي يمارسه حزب الله يلعب في هامش الخيارات المطروحة ويقول قادة حزب الله في آخر تصريحاتهم انهم قاموا ببناء وترميم ما بعد عملية الاسناد وما بعد الحرب مع الكيان الاسرائيلي لذلك هم مستعدون اكثر واكثر لكن لن يفصحوا طبعا عن ما يريدون القيام به لأن المفاجآت هي التي تقول كلمتها الاولى والاخيرة في الميدان وفي السياسة.
ورغم كل ذلك حزب الله يؤكد على أنه يريد حلا يوافقه جميع اللبنانيين وان الاتحاد اللبناني هو الذي سوف ينقذ لبنان من اي تهديد، كذلك اذا ما وضعت لبنان ضمن سياق المنطقة العربية فإن هناك تهديدات تواجه الجميع ليس فقط لبنان، هناك اليمن والاردن ومصر وغيرها والخطر سيتناول الجميع ان لم يتم التصدي للكيان.
وعلى وقع الاعتداءات الاسرائيلية المتصاعدة والمستمرة على جنوب لبنان اتت تصريحات المبعوث الامريكي توم براك وقال ان "اسرائيل" لديها خمس نقاط في جنوب لبنان وانها لن تنسحب منها كذلك قال ان على الحكومة اللبنانية تحمل مسؤولياتها.
تصريحات توم براك يبدو انها تهديدات للبنانيين حتى يرضخوا للاملاءات الاسرائيلية وهناك نوع من التصعيد الوقح في السياسة، يعني لبنان يتعرض اليوم لضغط عسكري كذلك يتعرض لضغط سياسي، لان تصريحات توم براك وهو يفترض به ان يكون وسيط لحل النزاعات وحل الخلافات وتقريب وجهات النظر ولكن من الواضح انه يتبنى موقفا واحدا وهو بجانب الكيان الاسرائيلي ليحقق اهدافه.
اليوم في ظل هذا التصعيد لبنان لا شك انه امام امتحان اما ان يقرر ان يكون دولة ذات سيادة او لا.
خبير قناة العالم في الشأن العسكري والاستراتيجي الفريق الركن عبد الكريم خلف قال في هذا السياق: فيما يخص الضغوط التي تتواصل على حزب الله داخليا وخارجيا، أي امريكيا وعربيا وايضا بعض اقطاب السياسة الموجودين في الداخل اللبناني، فحزب الله هو حزب له خبرة كبيرة في القتال والسياسة، ولهذا وضع حزب الله الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية ليرى الشعب اللبناني والعالم بأسره أن سلاح حزب الله هو سلاح شرعي بسبب السلوك الاسرائيلي الذي تجاوز المعقول، اعتداءات وضربات واغتيالات وقتل حتى طالت امريكيين في الداخل اللبناني، 5 لبنانيون يحملون الجنسية الامريكية قتلوا ولم تتفوه الادارة الامريكية بكلمة واحدة، وهذا يعني أن هناك ضوء اخضر واضح للكيان الاسرائيلي.
واضاف الفريق خلف: هذا الصبر الاستراتيجي الذي اتخذه حزب الله الآن مع قيامه بتهيئة وترميم قدراته التي تضررت خلال الحرب الماضية، وبعد وقف اطلاق النار حزب الله لم يقف، هو تخلى عن منطقة جنوب الليطاني ولكن هذه المنطقة لا تتجاوز من 5 الى 10 كيلومتر في مناطق التماس اللبنانية، أما البقية وعمق حزب الله، اصبح الان حزب الله جاهز لمجابهة برية اذا ما حصلت، ويعرف الكيان جيدا أن ما حصل في الاشهر الماضية اعطى دفعة قوية حتى للحاضنة الشعبية لحزب الله بالدفع باتجاه المجابهة، لأن الضربات المستمرة دون رد جعلت من الداخل اللبناني يمنح شرعية متزايدة لسلاح حزب الله.
وتابع: والان الضربة على الدوحة جعلت حتى المحيط العربي يتفهم ان السلاح الذي يجابه الكيان هو سلاح مهم لحفظ كرامة ليس فقط اللبنانيين وانما الجميع، لهذا الان الاسلحة التي يعرف الكيان انها ستؤذيه، من الناحيه البرية جربها يعني تم تجربة هذه الاسلحة بريا، المشكلة الكبيرة هي في قضية الجو والدفاع الجوي، فحزب الله حسب المعلومات الاخيرة طور منظومات للدفاع الجوي قادرة على القيام بجزء كبير من المخاطرة بسلاح الجو الصهيوني.
واردف الفريق خلف: ولهذا أنا أعتقد الان هم حتى اللبنانيين كحكومة وكجيش عندما وضعوا خطة ما سمي بنزع سلاح حزب الله، وضعوها بشكل لا يتضمن الصدام مع حزب الله، بل تتضمن تفاهمات بطريقة معينة.
القدرات العسكرية: منظومة صواريخ ثارالله – حزب الله
الملف الثاني من برنامج شيفرة ركز على منظومة "ثارالله" الصاروخية لدى حزب الله، واستخدمها في ميادين مختلفة واثبتت نجاح وتفوق كبير وسميت بصائدة دبابات الميركافا.
كشف خبير قناة العالم في الشؤون العسكرية، الفريق الركن عبد الكريم خلف، أن هذه المنظومة، بعد حرب 2006، أُضيفت إليها أسلحة جديدة تُعرف بمنظومة دفاع صاروخية صغيرة، تستقبل إشعارًا خلال 2 إلى 4 ثوانٍ وتتمكن من تدمير الصواريخ التي تقترب من الدبابات.
وتابع: لذلك، وبعد فهم حزب الله لطبيعة وآلية الدفاع الصاروخي المحيط بدبابة الميركافا، جهز هذه المنظومة الثنائية بصاروخ كورنيت، حيث يتم إطلاق الصاروخ الأول تليه الثاني بعد ثانيتين. هذا التكتيك يهدف إلى استنزاف منظومة الدفاع على الميركافا، إذ تتعامل المنظومة الدفاعية مع الصاروخ الأول، بينما يخترق الصاروخ الثاني جسم الدبابة مباشرة، متسببًا في انفجار داخلي بحجم حوالي 1200 مل، مما يحولها إلى أنقاض، مشيرا إلى أن المنظومة الدفاعية لا تستطيع العمل بكفاءة مماثلة مرة أخرى في نفس اللحظة، نظراً لانشغالها بالتعامل مع الصاروخ الأول بفارق توقيت يتراوح بين ثانية إلى ثانيتين.
وأكد الفريق خلف أن المعارك الأخيرة أظهرت تفوق حزب الله في مواجهة الكيان الإسرائيلي من خلال استخدام هذه المنظومة، حيث لم تستطع العديد من الدبابات تجاوز الحدود سوى لمئات الأمتار قبل أن تعود إلى الخلف. كما استُخدمت أسلحة المشاة بتغطية نارية مكثفة وصلت إلى 200–400 متر، مما أدى إلى تكبد العدو خسائر فادحة في منطقة مارون الراس، حيث منعت هذه الصواريخ الدروع الإسرائيلية من التقدم وتجاوز الحدود.
وقال الفريق الركن عبد الكريم خلف إنّ دبابة الميركافا، التي تُعدّ من أغلى الدبابات في العالم، صُمِّمت ليس فقط لتتحمّل الضربات بل لتمنح طاقمها حرية حركة أكبر وإمكانيات استخدام أسلحة متقدّمة داخل الحاضنة المدرّعة. وبسبب ارتفاع تكاليف صناعتها واعتمادها على أنظمة متطورة، فإن استغلال عامل الزمن في مواجهة منظومة الدفاع حول الدبابة أصبح مفتاحًا تكتيكيًا. لذا، طُوِّرت آلية ثنائية الإطلاق —قادرة على الوصول بسرعة— لاختبار وكسر قدرة منظومة الدفاع على التعامل مع تهديدين متزامنين. وهذه الآلية تعتمد على حسابات فيزيائية وتوقيت دقيق، وقد نجح حزب الله في تطبيقها إلى حد كبير.
شهيد الأمة.. السيد حسن نصرالله
في أيلول كان لنا وطن يحمل وطنا.. خاتم وعمامة وغصة وسبابة يدور حولها العالم.. في 27 من ايلول كأننا وقعنا على أنفسنا.. اختفت جاذبية الأرض.. أذكر جيدا ثقل هذا اليوم.. أن تسأل عن حالنا اليوم هو نفسه كما قبل عام، نحزن ونبكي ونشتاق.. فنحن بشر.
غائب لكنك حاضر فينا اكثر من أي وقت مضى.. قوة وتمسك وايمان بخط الحق ونهجه. انت الاصدق والأنبل يا سيد حسن، انت من ربيتنا على المقاومة ونحن أشرف الناس وأنبل الناس وسنبقى في ذكرى استشهادك نعاهدك أننا لن نترك الامانة ولن تسقط لنا راية.
السيد نصر الله الذي كرس حياته للدفاع عن الاحرار ولم يكن اسيرا او محدودا لمذهب او دين فجعل الحرية والانتصار للاحرار والمظلومين عنوانه طوال الاعوام التي عاش فيها بيننا ليقدم نموذجا لاستمرار المقاومة في الدفاع عن حقوقها وحقوق شعبها وحاضنيها.. انه السيد نصر الله الذي ما زال حاضرا رغم غيابه.
الفقرة الاخيرة من برنامج شيفرة اختصت بملف رصد، حيث تم تسليط الضوء على شخصية شهيد الأمة الأمين العالم لحزب الله السيد حسن نصرالله.
حسن نصر الله، وهو سيد شهداء الأمة، شخصية قيادية استثنائية أثّرت في عمق الأحداث في لبنان والمنطقة على مدى أكثر من ثلاثة عقود. هذا القائد غير من بنى مجتمع المقاومة وحوّله من تنظيم عسكري محدود إلى مجتمع سياسي وثقافي واجتماعي وعسكري يُحسب له ألف حساب.
وبعد اغتيال الشهيد عباس الموسوي، ورث مسؤولية صعبةوقام بثلاثة أمور جوهرية وأساسية خلال وجوده وحضوره في المقاومة. أولًا بنى قوة الردع ومنظومة الانتصار، وكان من أولى إنجازات ذلك تحرير الجنوب عام 2000. ثم بنى مفهوم شرعية المقاومة وربط سلاح المقاومة بالدفاع عن لبنان، وفي هذا الإطار أقام تحالفات عابرة للطوائف. ومن ثم تمكن من تثبيت معادلة النصر وإعادة الإعمار، وهنا رسّخ وعزّز مفهوم الثقة الشعبية بالمقاومة.
كما كان قائد الحرب الناعمة بامتياز؛ ينتظره العدو ويصدقه تمامًا كما كنا نحن ننتظره ونصدقه، وكذلك كلّ الشرفاء والمقاومين في العالم.
وحصل على ما تمنى: الشهادة لأجل فلسطين، وهي كانت كل ما يتمناه؛ فالشهادة لأجل أسمى ما كان يدافع عنه وهي فلسطين، لذا مثله لا يموت في نظرنا ونظر جيلنا. مثله يبقى قدوة ومثلًا وأبًا، ونعاهده ألا نترك الراية ولا نترك طريق المقاومة، إن شاء الله.
فباستهداف سماحة السيد حسن نصر الله ظنّ الكيان الإسرائيلي أنه سينهي حزب الله، لكن اللافت أن الحزب أصبح أقوى في ردع الكيان وما زال كذلك، لأن أبناء الحزب هم أبناء السيد نصر الله الذي أراد أن تكون المقاومة قوية سواء بوجوده أو بغيابه، إذ هذا نهج حسيني تربّى عليه السيد حسن نصر الله.
ويقول النائب محمد رعد، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، إنه بعد اغتيال السيد نصر الله كان هناك تدافع للمقاومين اللبنانيين للذهاب إلى الجبهة لردع الكيان الإسرائيلي، حتى إن الحزب وضع موانع لأن التراكم على الجبهات كان كبيرًا جدًا أكثر من استيعابها. هذا هو الحزب الذي رباه السيد حسن نصر الله.
يوم استشهاده كان يومًا ثقيلاً على محبي المقاومة ومحبي الشرف والكرامة؛ يقول أعضاء الحزب إنه عندما تم استهداف المبنى الذي تواجد فيه السيد حسن نصر الله كان هناك صمت وترقب وخوف، لكنهم لم يبدُ بكلمة لأن السيد علمهم أنه عندما يعرفون الحقائق بأنفسهم يعلنونها. لذلك، للأسف، بعد التأكد من وقوع العملية تم إعلان اغتيال سماحة الشهيد حسن نصر الله الذي كان يجمع جميع الطوائف اللبنانية، وخصوصًا بعد 2005 وبعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، إذ قام السيد حسن نصر الله بعمل ائتلافات مع الحزب التقدمي الاشتراكي ومع قوى أخرى حتى يمرّ لبنان من كبوته.
ويقول المناضل اللبناني المعروف جورج إبراهيم عبد الله، الذي أمضى في السجون والاعتقالات الفرنسية أكثر من أربعة عقود، عندما زار ضريح سيد الشهداء للمقاومة: من جعل لدماء القربان للمقاومة عنوانًا للحرية والسيادة ولا سيادة إلا لهذه المقاومة التي تقدم قادتها قرابين الشهادة لا يمكن إلا أن تنتصر.