في بيت عابق برائحة التضحيات تجلت أسمى معاني العطاء أب وأم قدما شابين من صلبهما ليكونا قناديل تضي ظلمات الوطن.
هنا ترى على تراب الجنوب امتزجت دماؤهما برائحة الأرض وصار الحاضر أمانة والمستقبل عهدا لا يخون.
شقيقان اختارا درب المجد دون تردد تاركين خلفهما قصة تروى عن عائلة وهبت الوطن نبضها، وعن شجاعة لا تعرف التراجع في سبيل الأرض والعزة.
منذ أن خطيا خطواتهما الأولى كان محمد جواد وخضر أيقونة لإخوة تتوهج بالحب وتشع بروح المقاومة في بيت متواضع شيد على أسس الإيمان تربيا كفجرين متعانقين يضيئان دربا واحدا.
محمد جواد الفتى الذي أبصر في عينيه بريق الجهاد منذ نعومة أظفاره، وخضر المبدع الذي نقش حكايات البطولة والسير الحسينية بحسه المتقد وشغفه الخالد.
بين ألعاب الطفولة وأحلام الشباب لم يدركا أن القدر يخبئ لهما فصلا استثنائيا حيث يجتمعان في ميادين العزة والشهادة.
وتقول أم الشهيدين: أنا أم الشهيدين محمد جواد ياسين وخضر علي ياسين، كانت علاقتهما بالبعض أكثر من إخوة، كانا رفيقين وكان كل واحد شخصيته تختلف عن الثاني يعني محمد جواد كان خجولا وخضر كان جريئا.
ويقول أبوهما: عاشا مثل التوأم وكانت طفولتهما مع بعض. وكبرا مع بعض.
وتحكي الأم أن الشهيدين تربيا على محبة أهل البيت وعاشوراء.
...
محمد جواد ذاك المقاتل الذي أعلن شهيدا ثم أسيرا في معركة الدفاع المقدس لم يهزمه جراحه ولا قساوة الأسر في قبضة جبهة النصرة، عانى الويلات لكنه خرج كطائر العنقاء أقوى عزيمة وأشد قرارا على المضي في درب المقاومة.
أما خضر فكان قلبه نابضا باليقين أن اللقاء قريب ولحظة العودة لم تكن مجرد لقاء بل كانت طمأنينة في قلب خضر الذي أدرك أن عودة محمد ليست نهاية الرحلة، بل بداية لفصل آخر تكتب فيه حكاية الشهادة بأبهى معانيها.
في معركتي طوفان الأقصى وأولي البأس حيث اختلط الدم بالتراب لتكتب أسطورة لا يطالها الزمن سطر الأخوان محمد جواد وخضر فصولا من البطولة التي تعانق العنفوان وتستظل بالسرية.
محمد جواد الذي قاوم بإصابات جسده وسنوات أسره وخضر الذي أخرس عدسته ليطلق رصاص كرامته في وجه العدو .. هناك في ميدان المواجهة امتزجت أرواحهما في عناق أبدي لتروى حكاية إخوة لا تنسى وتنبض شجاعتهم في كل ذرة من تراب الوطن.
المزيد في سياق الفيديو المرفق...