حققت إيران اكتفاء ذاتيا في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية، واحتلت مراتب متقدمة عالميا في زراعة الأعضاء، ونافست دول العالم في مجال الخلايا الجذعية وإنتاج العظام الاصطناعية، ما فتح الباب على مصراعية أمام السياحة الطبية في البلاد.
شهدت حرب الأيام الالـ12 يوما بين إيران وكيان الاحتلال الإسرائيلي دورا حيويا للمستشفيات الإيرانية في تقديم الدعم الطبي والإغاثي للمتضررين والجرحى.
المستشفيات الإيرانية وخاصة تلك التابعة لوزارة الصحة عملت على تجهيز وحدات طبية متقدمة لاستقبال الحالات الطارئة وتوفير العلاج المناسب للجرحى، كما لعب الأطباء والممرضين الإيرانيون دورا بارزا في تقديم الاستشارات الطبية والتنسيق مع الفرق الطبية في المناطق المتضررة من الحرب.
كما تم التركيز على تأمين المستلزمات الطبية والأدوية الضرورية، بالإضافة إلى تجهيز غرف العمليات والعناية المركزة لاستيعاب أعداد كبيرة من المصابين.
كذلك حرصت المستشفيات على تدريب الطواقم الطبية على التعامل مع الإصابات الحربية المختلفة، مما ساهم في رفع مستوى الاستجابة الطبية.
وقد أظهرت المستشفيات الإيرانية استعداداً عالياً واستجابة فعالة خلال فترة الحرب، ما عكس قدراتها التنظيمية والطبية في مواجهة الأزمات، وأسهم في تقديم الدعم الطبي الإنساني في ظل ظروف الحرب الصعبة.
كما أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد خلال ذلك العدوان على استهداف المستشفيات الإيرانية، ما يعكس همجية الاحتلال وعدم التزامه بالقوانين الدولية والإعراف الإنسانية.

وبهذا الشأن كان لقناة العالم الإخبارية هذا اللقاء مع د.علي رضا عسكري رئيس مركز إدارة المشافي والخدمات السريرية في وزارة الصحة الإيرانية:
العالم: رغم الحظر والعقوبات ولكن إيران تتمتع بنظام صحي متقدم، ولديها مشافي فيها أحدث المعدات الطبية.. ما هي نقاط القوة في النظام الصحي الإيراني؟
عسكري: توجد مجموعة من نقاط القوة في مجال الطب في بلدنا تستحق الإشادة، أولا أن القطاع الطبي لدينا يعتبر من القطاعات الرائدة في العالم، بمعنى أنه سواء في مجال الصحة العامة أو في القطاع الصحي من حيث العلاج أو في مجال تأمين المعدات الطبية والأدوية قد حققنا تقدما كبيرا خاصة بعد انتصار الثورة الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، وكل هذا بفضل جهود الشباب الجادين في هذا الوطن، ولدينا أيضاً إرث تاريخي هائل في مجال الطب والصحة، يعود إلى قرون من الجهود التي بذلها الأطباء والعلماء في هذا المجال، والتي جعلت بلدنا العزيز إيران يتألق في العالم، كما تعرفون لا تزال كتب إبن سينا وغيره من العلماء الإيرانيين في مجال الطب تناقش وتبحث في الجامعات المرموقة حول العالم، وفي أوقات لم يكن لدى أي من مدعي التقدم في مجال الطب ما يقوله في العالم كان لدينا أطباء يضيئون سماء البشرية.. نجوم خالدون مثل إبن سينا والعديد من الأطباء الآخرين، وقد توسع نطاق هذا الإرث التاريخي أيضاً، حيث أن إيران الإسلامية مليئة اليوم بالأطباء والكوادر الطبية الذين يقدمون خدمات طبية متميزة، مما يجعل الكثيرين في أماكن متفرقة من العالم يرغبون في تلقي الخدمات العلاجية في إيران.
العالم: تطرقت دكتور إلى الأدوية.. حجزت إيران مراكز متقدمة في صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية.. إلى أي درجة حققت إيران الاكتفاء الذاتي في هذا المجال؟
عسكري: إن كنا نود التحدث بصراحة عن موضوع الاكتفاء الذاتي في الأدوية فإننا الآن ننتج أكثر من 95% من الأدوية المستهلكة في البلاد محليا، وهذا يمثل تقدما فوق التصور في المصانع والشركات المصنعة للأدوية لدينا، معتمدين على التقنيات الحديثة التي تلعب دوراً رئيسياً في إنتاج الأدوية المتطورة، ومع ذلك هناك مشاكل ما زالت قائمة في مجال تأمين المواد الأولية للأدوية.. أنا اعلم أن الجامعيين والصناعيين في قطاع الأدوية يعملون بجد لتحقيق الاكتفاء لكن فيما يتعلق بإنتاج الأدوية فإن أكثر من 95% من الأدوية المستهلكة في البلاد تنتج محليا، وبعضها يتم تصديرة إلى الخارج.
العالم: ما هي خطتكم دكتور لتوسيع صادرات إيران من الأدوية وكذلك اللقاحات إلى الخارج ولتعزيز التعاون مع الدول في هذا الإطار؟
عسكري: فيما يتعلق بصادرات الأدوية فإن الدول المجاورة تستورد منتجاتنا، لدينا مراكز صحية في العديد من دول العالم، مثل المراكز الهلال الأحمر الإيراني في دول إفريقيا والأميركتين، نلاحظ أحيانا أن هناك إقبالا استثنائيا من قبل سكان تلك الدول لاستخدام الأدوية الإيرانية، حتى بالمقارنة مع المنافسين الذين قد ينتجون الأدوية في جميع أنحاء العالم يفضلون بشكل اكبر استهلاك الأدوية الإيرانية، بسبب الفعالية المتوقعة ورضاهم الاستثنائي عنها، لذا من الناحية الاستراتيجية هناك تركيز كبير على موضوع الصادرات في الوثائق العليا التي وصلت إلى وزارة الصحة الإيرانية،ـوخاصة من منظمة الغذاء والدواء، مع إعطاء الاولوية للدول المجاورة في المنطقة وكذلك دول اخرى في إفريقيا وأميركا، بل وحتى جيراننا في شمال إيران الذين يعتبرون أيضاً أنهم سوق جيد لاستهلاك الأدوية الإيرانية.

العالم: أريد أن أسأل هذا السؤال لأنه يدخل في اختصاصك.. إيران تنافس دول العالم في مجال الخلايا الجذعية وكذلك في إنتاج العظام الاصطناعية.. لو تخبرنا أكثر عن هذا المجال والتطور الإيراني في هذا المجال تحديدا.
عسكري: تعتبر إيران رائدة في بعض التقنيات الحديثة، فهي في المنطقة بلا منافس.. وفي العالم تتنافس مع الدول المتقدمة، نظرا لأنني متخصص في العظام وخاصة جراحة الركبة فقد لعبت الخلايا الجذعية دوراً رئيسياً في ؛عادة بناء المفاصل وإنتاج العظام الاصطناعية، هذه الصناعة المتطورة تتميز بإنتاج أنسجة لديها القدرة على التكاثر ويمكنها تغطية العيوب والنواقص في التشريح الفسيولوجي للجسم بشكل جيد، وقد سبقت إيران غيرها في هذا المجال وهي واحدة من الدول الرائدة في الصناعات الطبية التكنولوجية، كما أشرت نحن لدينا مراكز مثل مركز "رويان" في بلادنا والعديد من المراكز الجامعية الأخرى التي تنتج هذه الخلايا الجذعية لأغراض علاجية لعدد كبير من المرضى، في مجال علاج السرطان والعلاج الجيني وفي منتجات طبية مثل العظام تستخدم خلايا الحبل السري، كما يتم الاستفادة من الخلايا الجذعية في ترميم قرنية العين وكذلك الإصابات ومشاكل الدم وكذلك المشاكل العصبية والأمراض المتعلقة بالجهاز العصبي وحتى العضلي، وتتنوع منتجات الخلايا الجذعية بفضل التقنيات الحديثة مما يوفر للإنسان إمكانية علاج مجموعة واسعة من الآلام والمشاكل التي ربما لم يتوفر لها علاج من قبل.
العالم: دكتور أمام هذه التقنيات المتطورة والمعتمدة على يعني الجهود المحلية الإيرانية سنذهب باتجاه الحرب.. حرب الـ12 يوما.. والعدو الإسرائيلي استهدف المشافي الإيرانية ومن بينها مشفى الأطفال في طهران، لماذا هذا العدو استهدف المنظومة الصحية الإيرانية.. رغم أنه يمتلك صواريخ دقيقة جدا وكان بإمكانه أن يحيد المدنيين؟
عسكري: رغم أننا نعلم أننا في مواجهة حرب غير متكافئة وغير مرغوب فيها مع الكيان الصهيوني الذي يقف وراءه العديد من الحلفاء الغربيين مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية.. أود أولا أن أقول أن هذا أصبح ورقة ذهبية أخرى ناصعة في تاريخ إيران، لا ننسى أنه في بداية النزاع الذي شهدته أوكرانيا واجهت المستشفيات مشاكل بسبب خوف الكوادر والتخلي عن مراكزهم العلاجية ما أدى إلى مشاكل كبيرة لذلك البلد، حتى اضطروا لطلب المساعدة من الخارج، أما في إيران فقد صمد فريق العلاج بقوة، ورغم أن الهجوم كان مفاجئا ولم تكن هناك التوقعات اللازمة كانت الفرق الطبية متواجدة بقوة بجانب الشعب وعولجت جموع المصابين الذين تدفقوا على مراكزنا العلاجية بشكل جيد، الأطباء والممرضون والفنيون في مختلف المجالات كانوا عاملا أساسيا في ذلك، ورغم أنهم كانوا مواطنين قد يشعرون بالخوف أيضاً لاحظنا أحيانا أن عائلاتهم كانوا يأتون إلى المراكز العلاجية ليكونوا بجانب الممرضين والأطباء، ما يوفر لهم الثقة ليقوموا بعملهم.. لكن سؤالك كان حول السبب وراء تعرض بعض مراكزنا العلاجية للهجوم رغم ادعاء العدو بالدقة في الهجمات.. من الواضح الهدف وخلق الرعب والذعر وزعزعة الأمن النفسي للناس وإحداث الفوضى، هذه كانت واحدة من أفعال أعدائنا الدائمة حيث يسعون لتوليد الخوف حتى لا يدافع الناس عن وطنهم ونظامهم، ومع ذلك رأينا أن ردود فعل الناس كانت قوية ولم نرى ضعفا منهم.. بل زادوا قوة وتماسكاً، والحمد لله تمكنوا من صد هذه الهجمات معربين عن قوتهم واعتزازهم إلى العالم.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..