هذه الوحدة، التي تُعرف بـ"الكتيبة الغامضة" وإحدى أهم القوات الخاصة في كتائب القسام، استطاعت منذ تأسيسها في عام 2006 وحتى الآن أن تُبقي جميع الأسرى الإسرائيليين في دائرة المجهول، وهو ما يُعد إنجازاً أمنياً واستخبارياً فريداً. تأسست وحدة "الظل" بناءً على طلب مباشر من القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، وقام بتشكيلها الشهيد باسم عيسى. الهدف الأساسي والرئيسي من تشكيل هذه الوحدة هو "تبييض سجون العدو وكسر القيد عن آخر أسير فلسطيني في الاحتلال"، مما يجعل مهمتها الأساسية الحفاظ على الأسرى الإسرائيليين في يد المقاومة لاستبدالهم لاحقاً ضمن صفقات تبادل ضخمة، على غرار صفقة "وفاء الأحرار".
المعلومات المتوفرة عن هذه الوحدة شحيحة للغاية، حيث أن هويات أعضائها غير معروفة للعامة، وليس هناك رقم محدد لعدد عناصرها. هم يعيشون حياة طبيعية بين الناس، ولكنهم في الحقيقة من ذوي الخبرة الكبيرة في المجال الأمني والاستخباراتي، ويتمتعون بقدرات قتالية عالية. كما أنهم تلقوا تدريباً على إدارة الأمور من الناحية التكنولوجية والأمنية والاستخباراتية، مما يجعلهم متطورين جداً في هذا المجال. اللافت أن هذه الوحدة تعتمد على أساليب بدائية في عمليات إخفاء الأسرى، وهو ما يُعتقد أنه السر وراء بقائهم خارج نطاق الرصد الإسرائيلي حتى هذه اللحظة، رغم كل ما يمتلكه العدو من قوة وتطور تكنولوجي واستخباراتي.
ويُحسب لوحدة "الظل" استمرار نجاحها في قطاع غزة، الذي لا تتجاوز مساحته 360 كيلومتراً مربعاً. فبالرغم من وجود العملاء والجواسيس والاستخبارات الإسرائيلية، وتحليق الطائرات الإسرائيلية والبريطانية فوق القطاع، لم يتمكن الاحتلال من كشف أماكن وجود أسراه، خصوصاً بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، حيث لعبت الوحدة دوراً كبيراً في إبقاء أسرى جدد بعيدين عن الكشف حتى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. تم الإعلان عن وجود الوحدة لأول مرة في عام 2006 عبر فيديو قصير يرصد كيفية قيام المقاومين الفلسطينيين بأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وكيفية الحفاظ عليه لمدة خمس سنوات بقي خلالها في الأسر دون أن يتمكن الاحتلال من كشف مكانه. الإعلان الرسمي عن وجود الوحدة جاء في عام 2016. وقد نجحت هذه الوحدة في تحقيق أبرز عملياتها عبر الحفاظ على شاليط لمدة خمس سنوات، ومن ثم تحقيق صفقة تبادل كبرى (صفقة الأحرار) عام 2011، حيث تم مبادلة الجندي الإسرائيلي بأكثر من ألف أسير فلسطيني، من بينهم القيادي الشهيد يحيى السنوار.
تلتزم وحدة "الظل" بالتعامل مع الأسرى الإسرائيليين بناءً على التعاليم الإسلامية، من حيث حسن المعاملة وحماية الكرامة الإنسانية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم. وفي الحرب الأخيرة على غزة، ظهر مقاتلو هذه الوحدة بشكل واضح، وهم يرتدون اللباس الأسود ويضعون أقنعة سوداء على وجوههم، ما أثار تساؤلات حول هويتهم. ولا شك أنهم اضطروا إلى نقل الأسرى مرات عديدة في ظل القصف الإسرائيلي الكثيف، لكنهم حافظوا على سلامتهم. وفي عام 2024، كشفت وكالة "سند للمصادر المفتوحة" عن عدد كبير من طلعات التجسس للطيران الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي فوق القطاع. ورغم كل هذا الحشد الاستخباري الدولي، تمكنت وحدة "الظل" من كسر كل هذه الاستخبارات، وليس فقط الاستخبارات الإسرائيلية، في معرفة مكان وجود الأسرى في قطاع غزة.