في مدرسة الحياة لم تكن البراءة مخرجهم، بل كانت المقاومة مدخلهم إلى النضج المبكر، وإلى الوعي الذي لا يُشترى.
حين اشتعلت الأرض، لم يختبئوا خلف الصور، بل دخلوا إلى الصورة، صاروا جزءاً من الحدث لا شاهدين عليه. بعضهم غاب دون أن يعود؛ لا ضريح، لا شاهد، فقط الريح تحفظ اسمه، والتراب يعرف خُطاه.
في زوايا الطفولة، لم يكن محمد ابراهيم الصولي طفلًا كغيره؛ كان يكتب أسماء الشهداء على دفاتره، ويحفظ وجوههم كما يحفظ الأطفال ألعابهم. كبر قلبه قبل جسده، وتفتّح وعيه باكراً على بوصلةٍ لا تشير إلّا إلى الجنوب. لم يكن يسير نحو البراءة، بل كان يشقّ طريقه بثبات نحو القداسة.
ومن بين دفاتر المدرسة خرج يحمل حلماً أكبر من عمره، حلماً اسمه المقاومة.