ويأتي هذا التطور في وقت أعلنت فيه برلين أنها تبحث مشاريع تسليح بقيمة 50 مليار يورو لتعزيز قدرات جيشها، في سياق عسكرة متسارعة تشهدها ألمانيا منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إن وتيرة توريد أنظمة التسليح "تتسارع بشكل غير مسبوق"، مؤكداً أن لجنة الموازنة في البرلمان ستنظر في مشاريع ضخمة تشمل توسيع منظومة "آرو 3" (حيتس 3) ونظم دفاع جوي أخرى.
غير أن توسيع الصفقة مع كيان الاحتلال أثار انتقادات حادة، لا سيما في ظل الحرب المستمرة على غزة، حيث يُتهم الاحتلال بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي. ويرى منتقدون أن إصرار ألمانيا على المضي قدماً في هذه الصفقة، بل وتوسيعها، يكشف ازدواجية صارخة في الخطاب الألماني حول "القيم" و"حقوق الإنسان"، إذ تواصل برلين تمويل واحدة من أكثر الصناعات العسكرية ربحاً للكيان، في وقت تعلن فيه فرض قيود على تصدير بعض أنواع السلاح إليه.
وكانت ما يسمى"وزارة الأمن" في الكيان قد سلمت، في 3 ديسمبر/كانون الأول، أول منظومة تشغيلية من "حيتس 3" إلى الجيش الألماني، في احتفال رسمي حمل أبعاداً سياسية ورمزية واضحة. ووصف الكيان الصفقة بأنها "تاريخية"، فيما اعتبرها معارضون داخل ألمانيا دليلاً إضافياً على انخراط بلادهم في سباق تسلح يخدم شركات السلاح ويعمق التوترات الدولية، بدلاً من الاستثمار في الدبلوماسية والأمن الجماعي.
وبحسب وسائل إعلام الكيان، فإن توسيع الصفقة سيمنح الصناعات العسكرية للاحتلال دفعة مالية غير مسبوقة، في وقت تواجه فيه حكومة الاحتلال ضغوطاً دولية متزايدة بسبب عدوانها على غزة. ويؤكد منتقدون أن ألمانيا، عبر هذه الصفقة، لا تكتفي بتجاهل تلك الضغوط، بل تساهم عملياً في تعويض الكيان سياسياً واقتصادياً، ما يطرح تساؤلات جدية حول دور برلين في تأجيج النزاعات بدلاً من احتوائها.
وفي ظل تصاعد الإنفاق العسكري الأوروبي، يُنظر إلى صفقة "حيتس 3" بوصفها نموذجاً لتحالفات عسكرية تتقدم على حساب الاعتبارات الإنسانية، وتكشف كيف تحولت الحروب والأزمات إلى فرص استثمارية مربحة لصناعة السلاح، سواء في كيان الاحتلال أو في الدول التي ترفع شعار الدفاع بينما تغذي منطق المواجهة والتسلح.