"محاولة أغتيال السفير السعودي".. وجائزة أوسكار

الأربعاء ١٢ أكتوبر ٢٠١١ - ١٠:٥٢ بتوقيت غرينتش

لم اكن اتوقع يوما ان يدفع العجز الامريكي أمام ايران ، دولة بحجم الولايات المتحدة الامريكية تدعي انها أعظم دولة على وجه البسيطة، ان تنحدر الى هذا المستوى من التخبط الفاضح ، وهي تعلن للعالم اجمع عن كشفها مخططا ايرانيا كان من المقرر ان تستخدم فيه اسلحة دمار شامل بهدف اغتيال السفيرالسعودي في واشنطن!!.

صحيح ان امريكا تمتلك سجلا طافحا بالاكاذيب والمزاعم الواهية ضد مناهضيها لردعهم وكذلك ضد حلفائها لتأديبهم ، الا انها كانت تحاول ان تسوق هذه الاكاذيب في اطار جاد لايخلو من محاولات استخباراتية مستمية لاضفاء الطابع المنطقي عليها مشفوعة بضغط اعلامي هائل للتوصل الى حالة او شبه حالة من الاقناع لدى المخاطب . ولكن مزاعم اغتيال السفير السعودي باسلحة الدمار الشامل وتفجير سفارتي السعودية والكيان الصهيوني في واشنطن من قبل ايران جاءت على شكل فيلم هوليودي جيمس بوندي ، الا ان مخرج فيلم اغتيال السفير السعودي رجح كفة المؤثرات السمعية والبصرية على كفة الحبكة الدرامية.

** الفيلم والمخرج

مخرج الفيلم "مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن" هو اريك هولدر وزير العدل الامريكي ، الذي كشف في مؤتمره الصحفي الثلاثاء 11 تشرين الاول اكتوبر عن موهبة فنية واعدة ، حيث ابتعد وبشكل ذكي عن تناول مشاهد الفيلم بطريقة انسيابية ، وفضل استخدام الكاميرا في التنقل بين مشاهد الفيلم غير المترابطة ، مستعينا بعنصري السرعة والاثارة للتغطية على ضعف الحبكة الدرامية للفيلم.

الوزير هولدر وجه في اطار فيلمه الجديد اتهاما الى شخصين احدهما مواطن امريكي من اصول ايرانية وهو معتقل الان ، والاخر هارب ، بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن . والتآمر لقتل مسؤول اجنبي واستخدام سلاح دمار شامل بهدف ارتكاب عمل ارهابي دولي.

وزارة العدل الامريكية ، الجهة المنتجة للفيلم ، اشارت الى ان احد المتورطين المزعومين وهو المواطن الامريكي اعترف على ما يبدو بمشاركته في المؤامرة المفترضة واقر بانه جند ودفع وقاد رجالا كان يظنهم مسؤولين كبارا في فيلق القدس!!.

وهذه الشخصية المزعومة وبحسب وزارة العدل الامريكية ، التقى مرارا مخبرا اميركيا كان يظنه عضوا في كارتيل مخدرات مكسيكي !!، وقد عرض عليه الاخير تنفيذ عملية الاغتيال مقابل 1,5 مليون دولار. وبعدها حول هذا الشخص مبلغ 100 الف دولار الى حساب مصرفي اميركي كدفعة اولى من اصل مبلغ المليون ونصف المليون دولار.

واكثر مشاهد فيلم هولدر "محاولة اغتيال السفيرالسعودي في واشنطن" اثارة هو المشهد الذي يعلن فيه المدعي العام في نيويورك بريت بهارارا ، انه لما قيل لاحد المتهمين في القضية ان التفجير سيتم في مطعم قد يكون فيه 150 شخصا، اجاب المتهم "هذا ليس بالامر الخطير"!!.

ولجعل المشاهد يلتصق بشاشة العرض يشير مسؤول اميركي في احد مشاهد الفيلم ، الى ان محاولة اغتيال السفير الاميركي كانت ستتبعها اعتداءات عديدة اخرى بينها تفجير سفارتي السعودية واسرائيل في واشنطن!!.

وعلى الفور وبعد عرض بعض مشاهد من الفيلم ، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان بلادها تريد التشاور مع حلفائها للبحث عن وسائل لزيادة عزلة ايران ، في اشارة الى ان الرد الاميركي يتضمن فرض عقوبات جديدة على ايران!!.

اسئلة تطرح نفسها

فات الجهات التي تقف وراء هذا الفيلم الهوليودي ، ان المشاهد ومهما كان حجم الضغط الاعلامي الصهيوامريكي الذي يتعرض له ، الا انه لايمكن ان تجرده من البديهيات ومنطق الاشياء. فالمشاهد الذي حسبت الادارة الامريكية انها استغفلته ، لايمكن ان يجرد اي عمل كان من الاهداف التي من اجلها يقوم الانسان بهذا العمل وخاصة لو كان في المجال السياسي. ترى الا يحق لهذا المشاهد ان يتساءل :

- ما هو الهدف الذي يمكن ان تحققه الجمهورية الاسلامية الايرانية من وراء اغتيال سفير دولة تربطها معها علاقات دبلوماسية وعهود مواثيق؟!!.

- كيف يمكن للجمهورية الاسلامية الايرانية ان تسيىء بهذا الشكل الساذج لمكانتها ومنزلتها في العالم ؟!!.

- الم تضع الجمهورية الاسلامية الايرانية في حسابها حجم الربح والخسارة وهي تخطط لعملية الاغتيال المزعومة؟!!.

- لماذا اختارت الجمهوية الاسلامية الايرانية واشنطن مكانا دون العالم لاغتيال سفير دولة جارة؟!!.

- الم تدرك ايران صعوبة تنفيذ هذا المخطط الضخم في استخدام اسلحة دمار شامل في عمليات تفجير سفارات وأغتيال شخصيات في داخل اراضي الولايات المتحدة وفي واشنطن تحديدا !!، في الوقت الذي يخضع فيه حتى الرياضيين الايرانين للمضايقة خلال زيارتهم لامريكا؟.

- كيف امكن لايران ان تنقل هذه الاموال الضخمة في النظام المصرفي الامريكي لتنفيذ المخطط في الوقت الذي تطارد الاجهزة الامريكية حتى الحسابات الشخصية لمواطنين ايرانيين في مختلف انجاء العالم؟!!.

- لماذا اختار الفيلم الامريكي سفارتي السعودية والكيان الصهيوني كاهداف للمخطط ؟ وما هي الرسالة التي ارادت الجهات التي تقف وراء هذه الرواية ايصالها ؟ ولمن؟.

- كيف تخول ايران ، اذا ما سلمنا جدلا في الفيلم الامريكي ، شخصا للاشراف على هذه العملية الضخمة ، الا انه لايعرف الجهات التي سيتعامل معها ، فيقع فريسة سهلة في فخ المخابرات الامريكية؟!!.

- لماذا كل هذاالاصرار الايراني !! على تفجير سفارة اسرائيل والسعودية في واشنطن!! رغم ان الوصول الى مثل هاتين السفارتين اسهل بكثير في عواصم اخرى من العالم؟!!. الا تريد الجهات الملفقة للرواية الامريكية ان توهم المتلقي ان ايران تتعامل مع الاسرة الدولية كما تتعامل القاعدة ؟!!.

 ** التوقيت

وبعيدا عن تفاصيل الفيلم الهوليودي الجيمس بوندي " مؤامرة اغتيال السفيرالسعودي في واشنطن" ، هناك من يرى في توقيت الاعلان عن هذا الفيلم انه جاء:

- لصرف الانظار عن الازمة الاقتصادية والاجتماعية و السياسية التي تواجهها الادارة الامريكية والتي تحولت الى احتجاجات شعبية عارمة لم تشهدها امريكا من قبل.

- للاساءة الى مكانة الجمهورية الاسلامية الايرانية في العالمين العربي والاسلامي بعد ان برز هذا الدور بفضل الثورات العربية التي اكدت على اعادة العلاقات مع ايران بوصفها البلد الاسلامي الكبير والجارللعرب.

- تبرير الاجراءات الصارمة التي تتخذها الاجهزة الامنية في جميع مناحي الحياة في داخل الولايات المتحدة كالتنصت على المواطنين وانتهاك حرمة حقوقهم الفردية.

- التعتيم على الثورات العربية التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط لاسيما في منطقة الخليج الفارسي.

- اعادة ا لتأكيد على مقولة ايران هي العدو وليس اسرائيل ، بعد ان ابطلت الثورات العربية هذه المقولة الصهيوامريكية من خلال الاحتجاجات الشعبية العارمة ضد العلاقات الشاذة التي كانت تربط الحكومات العربية مع هذا الكيان الغاصب.

- اظهار اسرائيل كدولة مظلومة ومعتدى عليها في محاولة لتبيض سجلها الاجرامي الاسود.

- التعتيم على الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الاسلامية في غزة على الكيان الصهيوني ، في اطار صفقة تبادل السجناء الفلسطينين في سجون الاحتلال الصهيوني بالاسير شاليط جلعاد ، بعد كل هذه السنوات من التعنت الصهيوني.

 ** الى الجهات المشرفة على جائزة اوسكار

الفيلم الامريكي الجديد "محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن" ، لمخرج وزير العدل الامريكي اريك هولدر يستحق نيل جائزة اوسكار لافضل اخراج ، نظرا لاثباته وبشكل مؤثر ، عبر استخدام احدث التقنيات الفنية ، مقولة قديمة مفادها ان الضعيف والعاجز هو الذي يلجأ لاساليب ملتوية كالخداع والكذب لتبرير افعاله ، حتى لو اضحك الناس عليه.

بقلم : ماجد حاتمي