نقض العهود والمواثيق ديدن الطغاة والبغاة

نقض العهود والمواثيق ديدن الطغاة والبغاة
الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١١ - ٠١:٣١ بتوقيت غرينتش

التاريخ الاسلامي مليء وحافل باسماء قادة وحكام وولاة طغاة وبغاة ناقضين للعهد ناكثين للوعود قاسطين منافقين مارقين قساة ظلمة شوهوا صورة الاسلام المحمدي الاصيل عملوا خلافاً لما أمرهم الله سبحانه وتعالى واوصاهم به رسوله الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث أدموا قلبه الحنون وظلموا وقتلوا وهجروا أهل بيته الاباة الميامين عليهم السلام وشيعتهم محبيهم وانصارهم منذ يوم السقيفة وحتى يومنا هذا .

وقد اتبعهم قوم الجور والظلم والبغاء والطغيان في هذا النهج طيلة اكثر من 14 قرناً وفعلوا ما فعلوا من اجرام وطغيان وسفك للدماء الأبية والزكية وقمع الناس ونهب ثرواتهم وسلب ارادتهم وحرياتهم وقراراتهم السياسية وحياتهم الاجتماعية وقدموا الغالي والنفيس باثمن بخسة ورخيصه للكافر المحتل على طبق من ذهب كي يبقوا في مسند السلطة والحكم على رقاب الناس ولو يكون ثمن ذلك قتل الملايين من ابناء جلدتهم بدم بارد دون ان تنبس لذلك حتى شفاة واحدة في عالمنا المعاصر عالم الحداثة والتشدق بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والعيش بسلام وما القبور الجماعية التي ضمت في طياة أرضها حوالي الثماني ملايين من خير ابناء العراق الاباة على يد الطاغية المعدوم "صدام" وجلاوزته البعثيين المجرمين الدمويين إى أنموذج من هذه الصورة المريرة والمرعبة التي شهدها تاريخنا الاسلامي الحنيف.

ولكن هل ياترى كانت نهاية هذه الطاغية الفرعونية عبرة لسائر حكامنا العرب الذين لا يزالون جاثمين على رقاب شعوبهم بقوة السيف والقبضة الحديدية مستندين بدعم المحتل والمستعمر الاجنبي مقابل نهب البترول والذهب والمناجم والخيرات الاخرى الكثيرة التي منى بها الله سبحانه وتعالى على أرض المسلمين وبلادهم خصهم بها دون غيرهم ؟. وهل يتعضون الحكام القساة من المصير الذي آل اليه فرعون مصر "مبارك" الذي لا يزال يستعطف شعبه كي لا يحام على أجرامه ؟ أم يتعظون من مصير عبقرية الجنون وهسترية العظمة والسلطة "القذافي" المعدوم ؟ ليمنحوا شعوبهم حقوقهم المسلوبة والمنهوبة والمغتصبة ويعيشوا معهم كابناء جلدة واحد في رخاء ونعيم وسعادة؟.

فا هم حكام البحرين الطغاة البغاة وابناء عمومتهم في السعودية والاردن واليمن والمغرب وقطر والامارت وغيرها من بلاد المسلمين في منطقتنا التي تعصف بها رياح الصحوة الاسلامية والثورات العربية لتعيد أمجاد أمتنا الاسلامية وتتصدر القرار السياسي العالمي ، لا يتوانون من اقتراف أبشع صور القمع الدموي واستباحة الحرمات في سفك دماء المسلمين التي حرمها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم حيث قال" أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"- المائدة32 وغيرها من الايات الكثير والصريحة في حرمة دم المسلم على المسلم قبل الكافر .

اما ما نشاهده اليوم في هذه البلدان خاصة في البحرين واليمن والسعودية فهو ليس اجرام بكل ما للكلمة من معنى على المسلمين لوحدهم بل على مقدساتهم ايضاً استهداف الاعراض وهدم لبيوت الله المساجد ودور العبادة وحرق المصاحف الكريمة وكتب الأدعية والزيارات ومهاجمة المراسم الدينية وتشييع جثامين الشهداء الذين يسقطون برصاص غدرهم وحقدهم الدفين الذي استخلفوه من اسلافهم من على عصبية قبلية جاهلية نرى في الاسلام تقييداً لحريتهم في القتل والذبح واستباحة المحرمات تسندهم في الكثير من الحالات فتاوى وعاظ سلاطينهم  مزيفة محرفة لا تنتمي للاسلام بادنى صلة.

يواصل الفراعنة الطغاة في السعودية والبحرين واليمن اجرامهم وقمعهم ضد ابناء جلدتهم وامام اعين مسامع الرأي العام العالمي دون استحياء أو خجل أو خوف حتى من الله سبحانه وتعالى وهو القائل "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً"- النساء 93 ضد اناس ابرياء مسلمين لا يطالبون إلا بعزة وكرامة ولقمة عيش دون تمييز على أسس طائفية أو قبلية أو حزبية أو عائلية ، دون أن يحرك الغرب لذلك أدنى ساكناً تلك الأنظمة التي تتشدق بالحرية والديمقراطية واصمت اسماع العالم بصراخها في هذا المضمار وجعلته سلاحاً حاداً توجهه ضد هذا البلد أو ذاك الذي يتعارض ومصالحها القومية منافعها المادية ضرباً لاستقلالية الدول والشعوب والحد من تحديها للمخططات الاستعمارية الغربية الاميركية الصهيونية .

وليست "رزية يوم الخميس" التي تدمي قلوب المسلمين المؤمنين الخلص  منذ وقوعها ورسول الله صلى الله علية وآله وسلم وهو على فراش الموت وحتى يومنا هذا هي بداية لنكث العهود ونقض المواثيق والايمان الغليظة التي اقسموها هي أول فعلة فعلوها هؤلاء القوم ممن يدعي انتمائه للصحابة ومسلمي صدر الاسلام بل كانت مراحل عديدة اخرى شهدت مثل هذا الموقف في نقض العهود والمواثيق وانحرافهم من الطريق القويم الذي أمرهم به الباريء المتعال في محكم كتابه " وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى- النجم 3و4، وسلبهم للخلافة الحقة للامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام بعد الرسول الأكرم (ص) دون فصل، ولكنها أكثر قساوة على الدين الاسلامي الحنيف ومصدر وأساس الانحرافات التي عاشها المسلمين وسيعيشونها مستقبلاً.

فقد نكثوا ونقضوا وخالفوا العهد والميثاق الذي قطعوه على أنفسهم بشهادة الله سبحانه وتعالى وخاتم رسله (ص) وامام أكثر من 130 ألف حاج في واقعة "غدير خم" بعد الخطبة الغراء التي تلاها عليهم رسول الله (ص) بأمر من الخالق الأحد المتعال عندما قال له " أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْم الْكَافِرِينَ" المائدة:67 ، تلك الحادثة العظيمة التي ولد فيها عيد الغدير الاغر عيد الله الأكبر الذي سمي في السماء ب" يوم العهد المعهود"وفي الأرض ب" يوم الميثاق المأخوذ والجمع المسؤول" ونعيش هذه الايام ذكراه الحميدة لعلها تعيدنا الى الصواب وطريق الاسلام المستقيم طريق الله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) والأئمة من أهل بيته الهداة الميامين ولاة أمرنا ونهج استقامتنا كما قال في كتابه الحكيم "ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"- النساء 59.

ففي هذا اليوم اكمل الله سبحانه وتعالى دينه القويم للبشرية جمعاء وأتم نعمته عليهم باختياره للامام علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة لرسوله الأعظم محمد (ص) دون فصل الذي خطب في جمعهم الحاشد حين رجوعهم من "حجة الوداع" في وادي "خم" وهو آخذاً بيد وصيه وأبن عمه علي بن أبي طالب (ع) قائلا:" ألستم تعلمون ؟ ألستم تشهدون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه ؟قالوا : بلى ، قال (ص) : فمن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه ، اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه" ، ذلك الحديث الذي رواه كبار علماء العامة قبل الخاصة في عشرات بل مئات المسانيد بكتبهم المعتبرة والمسندة من أمثال " مسلم بن الحجاج في صحيحه ج2 \325" و"أبن تيمية في كتاب منهاج السنة" و"العلامة السهمودي في جواهر العقدين" والفخر الرازي في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب" وأبو الحسن الواحدي النيسابوري في أسباب النزول" و"الطبري في تفسيره الكبير" ونظام الدين النيسابوري في تفسير غرائب القرآن" و"العلامة السهمودي في جواهر العقدين" و"البخاري في كتابه فصل الخطاب" وعشرات أخرين لا يسع للمقال من ذکرهم جميعاٌ ، ومن ثم نقضوا العهد والميثاق هذا.

وقد كان أول من نقض عهده وميثاق لله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) والمسلمين جميعاً في يوم "رزية الخميس" هم أولئك الذين كانوا أول القوم  وأكثرهم حماساً في مبايعتهم للامام علي بن أبي طالب عليه السلام في يوم الغدير الأغر بخم وهم يصرخون هاتفين "بخ بخ لك ياعلي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.." ولكن ماذا حدث بعد ذلك على الامام علي (ع) وأهل بيته وأصحابه وحقه في الخلافة ؟

واليوم يتكرر المشهد المأساوي على أمتنا الاسلامة وشعوبها المظلومة هنا وهناك خاصة في السعودية والبحرين واليمن ،فهذا "الشيخ حمد" مثلاً الذي نصب نفسه ملكاً على البحرين كان قد قطع العهد لشعبه أمام نوابه في مجلس الشورى وكبار قادته ورؤسائه وعلمائه قبل أكثر من عشرة أعوام بانتهاج الحرية والأخذ برأي الناس في السلطة والحكم وأوثق كلامه ذلك ب"وثيقة المنامة" موقعاً اياها امام اعين الجميع وهو اليوم يضحى بدعم ابناء عمومته الوهابيين والسلفيين المجرمين من آل سعود الذي أسود تاريخ حكومتهم باجرامهم البشع وتعديهم على المقدسات والمحرمات ، ليسلك "حمد" ذات الطريق في قمع شعبه وابناء جلدته وذبحهم وبلده لعله يعيش فترة أطول على مسند السلطة دون أن يعي ومن يسنده ويدعمه من "إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ" – هود 81. 

*جميل ظاهري?

تصنيف :