في خطوة قالت الولايات المتحدة إنها ستعزز أمن الخليج وسط توترات متزايدة مع إيران وقعت واشنطن صفقة بقيمة 29.4 مليار دولار لبيع السعودية 84 مقاتلة من طراز أف 15، أندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية والعسكرية، الغرض من الاتفاقية هي تعزيز أواصر العلاقة القوية والدائمة بين الولايات المتحدة والسعودية كما تعكس الاتفاقية الالتزام الأميركي بتقوية قدرات الدفاع السعودية، باعتبارها عضواً رئيسياً في الأمن الإقليمي. وتعد الصفقة من أهم صفقات السلاح الأميركي مع دولة أجنبية وتتراجع إلى جوارها صفقة سلاح سابقة بمليارات الدولارات، وظلت السعودية لسنوات أكبر مشترٍ للسلاح الأميركي وتنطوي الصفقة أيضاً عل تطوير 70 مقاتلة طراز أف 15 لتصل إلى المعايير الجديدة ، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للإشعاع وذخائر وقطع الغيار والتدريب والصيانة والخدمات اللوجستية...
الصفقة هي حينما وقعت كانت فيها بعد استراتيجي من الأساس، بناءاً على قراءات مستقبلية لمستقبل الصراع في المنطقة أو المخاطر المحدقة بالمنطقة، هي لم تتخذ بشكل عشوائي أو هذه اللحظة، هذه الصفقة قديمة، من ضمن خطط القوات الجوية الملكية السعودية لتحديث أسطولها من الطائرات المقاتلة وتعزيزها بالمزيد من هذا النوع من الطائرات الذي كنا نواجه الحقيقة في الماضي صعوبات في تمريرها من الكونغرس الأميركي بسبب اللوبي الإسرائيلي، ولكن في ظل الأخطار المحدقة في المنطقة أعتقد أن المعارضة ستكون أقل ويمكن للحكومة الأميركية أن تزودنا بمزيد من هذا النوع من الطائرات المقاتلة. الولايات المتحدة في كل صفقاتها العسكرية لديها شروط للاستخدام بالنسبة لأسلحتها في أي منطقة وتراعي في العادة الصراعات الإقليمية، حينما تزود المملكة بهذا النوع من الطائرات لا بد أن هناك شروطاً للاستخدام.
وكان البيت الأبيض أعلن أن الولايات المتحدة ستبيع مقاتلات إلى السعودية في صفقة ستدعم أكثر من 50 ألف وظيفة في أميركا.
وأشاد جوش آرنست مساعد المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما بالنتائج "الإيجابية" لهذا الاتفاق على الاقتصاد الأميركي وخصوصا لجهة "تامين خمسين ألف فرصة عمل".
ويأتي الإعلان عن الصفقة أيضا بينما يستعد الرئيس الأميركي باراك أوباما لتسريع حملته من أجل إعادة انتخابه في نوفمبر تشرين الثاني 2012 وهي حملة من المرجح أن يشكل الاقتصاد الأميركي ونمو الوظائف محور المنافسة فيها.
وقال متحدث باسم البيت الابيض إن صفقة الأسلحة للسعودية ستعطي الاقتصاد الأميركي دفعة سنوية قدرها 3.5 مليار دولار وستساعد في تعزيز الصادرات والوظائف.
ومع تأكيد الولايات المتحدة على دعم الصفقة التسلحية مع المملكة العربية السعودية للاقتصاد الأميركي ولحملة الرئيس أوباما الانتخابية تبرز الأهداف الأساسية للصفقة جلية وهي ببساطة تتركز على خدمة الأمن الأميركي وخططه الاستراتيجية في الخليج الفارسي لتأليب وتوظيف دوله لمواجهة إيران.
وعلى الرغم من أن الموافقة عليها تمت أكثر من عام، لكن الكشف عنها في هذا الوقت يبدو أنه مرتبط بما يجري في منطقة الخليج من تطورات، فالإعلان عنها يأتي في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في منطقة الخليج بعد أن هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز رداً على التهديد بعقوبات أميركية وأوروبية جديدة، يضاف إلى ذلك القلق الذي ظل يثيره برنامج إيران النووي لدى الولايات المتحدة ودول الخليج وتخوف هذه الدول من تعرضها لهجوم إيراني في حال إقدام الولايات المتحدة وإسرائيل على تدمير المنشآت النووية لإيران، وهي رسالة موجهة إلى إيران كما يبدو تفيد بأن دول المنطقة قادرة على مواجهة أي تهديدات محتملة مستقبلاً.
في الوقت الراهن هناك العديد من التهديدات في منطقة الشرق الأوسط السعودية لديها قضايا تتعلق بأمن الحدود وتواجه تهديدات في منطقة الخليج، وإيران أحد مصادر تلك التهديدات التي تواجه دول المنطقة أيضاً، هذه الصفقة ليست موجهة ضد إيران فقط وإنما لتلبية المتطلبات الدفاعية لشريكتنا السعودية
وقد أثارت صفقة الأسلحة الأميركية – السعودية، التي بلغت قيمتها حوالي 30 مليار دولار، زوبعة من التساؤلات والتحليلات، التي وإن اختلفت بشأن تفسيرها واستشراف ما تخبئه من تداعيات، فقد أجمعت على أنها صفقة «الرسائل السياسية والأمنية» بامتياز.. الرسائل الموجهة إلى جبهات مختلفة، تبقى أولاها بلا منازع «العدو الإيراني المشترك.
ولم تتوقف رسائل الصفقة، وفقاً للمحللين، عند إيران فحسب، بل أعادت التأكيد على أن التحالف الاستراتيجي بين البلدين أقوى من أن تكسره رياح «الربيع العربي» .
من هنا، اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن «واشنطن تسعى لتحصين أمن واحدة من حلفائها الرئيسيين وعلى الرغم مما أعلنه البيت الأبيض عن أن الاتفاقية لم يتم التعجيل بها للرد على تهديدات المسؤولين الإيرانيين خلال الأيام الماضية، إلا أن توقيتها يحمل دلالات غاية في الأهمية، بالتزامن مع زيادة حدة التوتر بين واشنطن وطهران من جهة، وقيام الولايات المتحدة بسحب آخر جنودها من العراق من جهة ثانية.
من جهة أخرى، أشارت نيويورك تايمز إلى رسالة ثانية حملتها الصفقة مفادها أن «العلاقة على خط واشنطن – الرياض متينة إلى درجة استطاعت من خلالها تخطي أزمة «الاختلاف في التعاطي» مع الثورات العربية، فصحيح أن البلدين واجها أزمة في التعامل مع الثورات العربية، إلا أن ذلك لم يدفع باتجاه كسر التحالف الاستراتيجي القائم على أساس المصالح المشتركة ضدّ إيران».
وفي السياق، نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول سعودي، رفض الكشف عن اسمه، قوله «إن حجم الصفقة هو خير دليل على أن الخلافات التي حاول البعض تضخيمها لم تؤثر على العلاقة الجوهرية».
وفي إطار أوسع، قالت «واشنطن بوست»: يبدو أن أميركا تسعى بكل ثقلها لتأكيد نفوذها في المنطقة، بدءاً من صفقة الأسلحة مع العراق على الرغم من المخاوف من سعي المالكي للسيطرة على السلطة أو أن يتحول إلى الحليف الإيراني، وصولاً إلى توسيع العلاقات العسكرية مع دول الخليج الفارسي الأخرى من قطر إلى سلطنة عمان والإمارات العربيّة المتحدة.
حول هذا الموضوع والتعليق عليه أرحب بالكاتب والمحلل السياسي د. وفيق إبراهيم.. د. أسالك عن المغزى السياسي والعسكري لهذه الصفقة التسلحية؟
ج: أعتقد أن هذه الصفقة تندرج في إطار صفقات أكبر، وأكبر بكثير، ومهمتها الأساسية التهام نحو ثلاثة آلاف مليار دولار، هي قيمة الإيداعات الملكية السعودية في المصارف الأميركية، وتأتي هذه الإيداعات الكبيرة الــ ثلاثة آلاف مليار لكي تجد حلاً للأزمة المالية الاقتصادية التي تضرب الصناعة الأميركية، إن هذه الصفقة لها عدة أهداف، أول هدف لها هو تأمين وظائف عمل لمئات آلاف الأميركيين الذين يمرون بمرحلة بطالة، لدعم الدولة الأميركية، أتصور أن السعودية تحاول دعم الدولة الأميركية. ثانياً، تحاول تطمين كل الدول التي تخلت عنها الولايات المتحدة الأميركية أن انسحابها من العراق هو انسحاب شكلي لأن صفقة ثلاثين مليار دولار ثمن الطائرات إنما هي قاعدة أميركية في السعودية، هذه الطائرات التي سيتم توريدها للسعودية هي قاعدة أميركية جديدة قبالة العراق في محاولة لتطويق العراق، وفي محاولة للاعتداء على إيران في أوقات سابقة، وقد تستعمل أيضاً ضد الحوثيين وضد المعارضين في البحرين، لذلك لهذه الصفقة مآرب اقتصادية على المستوى الداخلي وتطبق الجزء الخليجي من السياسة الأميركية في المنطقة.
س: لكن د. السؤال البديل المطروح هنا ماذا عن توقيت هذه الصفقة التسلحية، لماذا الآن تحديداً برأيك؟
ج: لسببين أولاً رد على المناورات الإيرانية التي أثارة يجب أن نعترف أنها أثارة رعب دول الخليج باعتبار أن الإعلام الأميركي لا يزال يركز على الإيرانوفوبيا، وأتت هذه المناورات لكي تسجل المزيد من الإيرانوفوبيا لدى حكام الخليج الفارسي جزء عربي من الخليج الفارسي باعتبار أن هؤلاء الحكام يمثلون أنظمة من القرون الوسطى أصبحت بائدة وهي معادية لشعوبها أولاً قبل أن تكون معادية لإيران، كيف يمكن أن نقبل حوالي 25 مليون خليجي يأكلون وينامون ولا يفعلون شيئاً ويذهبون إلى الجامع، الله لا يريد ذلك وأنا لا أعتقد أن الأنبياء ولا حتى الصحابة، هناك فكر متخلف يسود في المنطقة ترعاه الولايات المتحدة الأميركية وتحاول أن تجد حلاً لمشاكلها الاقتصادية والسياسية، وأن تجد حلاً لمشكلة إسرائيل، هذا الكيان الذي يريد أن يبقى ولا يستطيع أن يبقى إلا بمثل هذه الأنظمة العربية الموجودة في الخليج الفارسي.
بات واضحا أن الصفقة الأميركية السعودية لا تهدف لتعزيز القدرات الدفاعية للمملكة كما يقول المسؤولون السعوديون بل الهدف الأساس منها هو تعزيز قدرات السعودية في إطار التحالف لمواجهة إيران ولحمايتها من رياح الصحوة الإسلامية التي أفرزت ثورات في بعض الدول العربية تشهد بعض دول الخليج الفارسي ومنها المملكة السعودية ارتدادات لها وأيضا بهدف دعم الاقتصاد الأميركي المتأزم .