وصحيح ان المجتمع الدولي لا يريد اصلاحات حقيقية في سوريا، والاصح انه يريد اسقاط النظام واضعاف سوريا وصولا الى تقسيمها، ولهذا فان المبادرة جامعة الدول العربية حول سوريا، تندرج في سياق خطة متكاملة لايصال الملف السوري الى مجلس الامن وتدويل الازمة السورية حتى اسقاط النظام لكن من يتطلع الى يحصل في سوريا يرى ان النظام السوري ما زال متينا وقويا وسيستمر عصيا على المؤمرات، سواء كانت عربية او دولية.
وقد ساعد قيام الرئيس السوري بشار الاسد بجملة اصلاحات سياسية كبيرة باطلاق مسيرة الديمقراطية في سوريا وهذا الامر لا يريد ان يراه اعداء سوريا اليوم من الولايات المتحدة الاميركية الى السعودية وقطر .
وفي اطار التغييرات في سوريا وفي معلومات خاصة حول انعقاد مؤتمر حزب البعث الذي سينعقد خلال الايام القليلة المقبلة، ان هذا المؤتمر سيقوم بتغييرات مهمة في جسم الحزب، فضلا عن تشكيل حكومة جديدة في وقت قريب ستضم عددا كبيرا من الشخصيات المستقلة وممثلين عن الاحزاب القديمة والجديدة بحيث ستمثل هذه الحكومة كل شرائح المجتمع السوري، كما ستشهد سوريا خلال شهرين انتخابات تشريعية على اساس الدستور الجديد.
واذا كان ان ما يجري في سوريا من اعمال ارهابية على ايدي المسلحين تطال المدنيين في مدنهم وقراهم يكشف حجم المؤامرة التي تتعرض لها، فان تسابقا يجري بين هذه الاعمال المسلحة لعصابات المدعومة من قطر والسعودية وعمليات الاصلاح التي يقوم بها الرئيس السوري الذي على ما يبدو انه استطاع حتى الساعة ان ان يحمي بلده من ان تتحول الى ساحة ملتهبة تحركها الاطماع والاهداف المشبوهة.
ومع تلمس بعض المتابعين بدقة لما يجري في سوريا توجها لدى المؤسسات الدولية لتدويل الازمة السورية, ما يعني ان المرحلة القادمة شديدة التوتر والفوضى, وان الرهان السياسي والاستراتيجي الغربي خرج من اطار العمل السياسي التفاوضي الى اطار العمل الاجرائي.
ولذلك ينطلق الحديث من قبل اكثر من متابع لمجريات المنطقة من اننا نطل على مرحلة من اعقد مراحل التاريخ المعاصر تتقرر فيها مصائر شعوب المنطقة ومن هنا لابد من الاستعدادا للمواجهة ليس في سوريا فحسب انما في المنطقة باسرها.
فاما تنتصر ارادة الحق والاستقلال عن الهيمنة الغربية, واما ترزح لعقود جديدة من التبعية والانسحاق الحضاري.
وهذا ما لا يرجوه كثيرون وهم لا يعتقدون ان الهيمنة الاميركية قادمة على المنطقة ولو كانت كذلك لبقي الاحتلال الاميركي جاثما على صدور العراقيين في الفترة القليلة المقبلة على الاقل للعب على الارض السورية .
فلا يمكن للاميركي الذي فر هاربا من العراق تحت وطاة ضربات المقاومة ان يعيد الكرة من جديد خصوصا من الباب السوري الذي يعد من امتن الابواب العربية في مواجهة التهديدات الاميركية .
وفي اطار المواجهة مع الاميركيين هناك من يعتقد في لبنان ان من مسؤولية العرب والمسلمين والاحرار ان يثبتوا الى جانب سوريا وايران لانهما يمثلان خيار الدفاع عن الامة وعن مقدساتها, ويضيف هؤلاء انهم لا يجيدون من تحريك النزاعات المذهبية في الوقت الذي تقف فيه ايران وسوريا الى جانب حقوق الشعوب المستضعفة وحق الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص الا طريقة خسيسة للالتفاف على مطالب هذه الشعوب وعلى انكار اي حق للشعب الفلسطيني في الوجود والوطن.
وتوجيه الانظار الى اماكن اخرى ليس فيها مصلحة لشعوب المنطقة وخصوصا العربية منها .
ولهذا هنا في بيروت من يطالب برفع الصوت بكل قوة من اجل ان تنتبه جماهير الامة الاسلامية والعربية الى المخطط الاستعماري الجديد, ومن اجل ان تعمل لافشال المخططات الغربية والصهيونية بتقسيم البلاد العربية الى مناطق طائفية ومذهبية.
محمد غريب – بيروت