لوفيغارو: دول الخليج الفارسي في مواجهة إيران

لوفيغارو: دول الخليج الفارسي في مواجهة إيران
الثلاثاء ٠٦ مارس ٢٠١٢ - ٠٦:٣٢ بتوقيت غرينتش

اشارت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، حسب تقرير مراسلها "رونو جيرار"، من الدوحة يوم امس الاثنين، الى موقف دول الخليج الفارسي من الحرب على إيران، واصفة اياه بالرافض لاشعال فتيل حرب في هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية في العالم معتبرة بانه سيكون بمثابة كارثة.

 

وافاد التقرير في البدء إلى أنه "رغم التفاوت بين مواقف دول مجلس تعاون الخليج الفارسي إزاء إيران، فإن جميع دول المجلس تتفق اليوم، وبشدة، على أن أية حرب جديدة في الخليج الفارسي ستكون بمثابة كارثة، سواء على اقتصادياتها أو على استقرارها السياسي، وحتى الأمير تركي الفيصل أعلن معارضته لضربة وقائية ضد إيران ، لأنه لن ينجم عنها سوى تعبئة الشعب الإيراني حول النظام".

بالمقابل، تساند السعودية من دون أدنى شك، حسب التقرير، الدول الغربية في إستراتيجية العقوبات الاقتصادية ضد إيران، وهي مستعدة لتقديم الدعم في الأمم المتحدة، خصوصا على المستوى الاقتصادي، حيث تعهدت الرياض بزيادة إنتاجها من الخام لتعويض الواردات التي ستتوقف أوروبا بعد أشهر قليلة عن شرائها من إيران، أي أن النفط بات السلاح الأول في الحرب الباردة الجارية الآن على سواحل الخليج الفارسي.

ويذكر مراسل "الفيغارو" أنه "في شبه جزيرة قطر، وهي البلد الخليجي الأقرب إلى سواحل إيران، لا يلحظ المرء أي ذكر أو أية استعدادات عسكرية، علما بأن قطر ستكون أول بلد.سيتم استهدافه في حال نشوب حرب. فقطر هي المقر العام المتقدم لـ"القيادة المركزية" (سنتكوم) الأميركية، التي تغطّي المنطقة الواسعة الممتدة من بلدان المشرق وحتى آسيا الوسطى".

وإذا كانت قطر لا تعتقد أن الحرب على الأبواب، فالسبب هو أن أميرها (60 عاماً) الذي تُطلّق عليه تسمية "كيسينجر العرب"، يؤمن بالدبلوماسية، وخصوصا بدبلوماسيته هو شخصياً. وعلاوة على استضافتها لمختلف المؤتمرات والمنتديات السياسية الدولية، فقد تحوّلت قطر إلى "ممر إجباري" لدبلوماسية الشرق الأوسط، وهي البلد العربي الذي يمكن أن تلتقي فيه بالنائب العمالي الإسرائيلي "يوسي بيلين"، صاحب فكرة "اتفاقات جنيف"، وفي الوقت نفسه بزعيم حماس، خالد مشعل.

ويرى كاتب التقرير أن الشيخ حمد، وهو حليف للأميركيين ويتصرف كفريق مستقل ويسعى ليكون "صديق الجميع"، يلعب دورا بارزا في أربعة ملفات دولية كبرى: ليبيا، حيث قام بتمويل وتسليح أهم الكتائب التي قاتلت نظام القذافي؛ وفلسطين، حيث نجح في إبرام اتفاق مصالحة بين فتح وحماس وأفغانستان، بعد أن عرض على الطالبان فتح مكتب اتصال في الدوحة وسوريا، حيث كان الشيخ حمد أول زعيم عربي يقفل سفارته في دمشق ويدعو الرئيس الأسد إلى التنحي.

ومع أن قطر تدعو إلى تدخل عسكري دولي "إنساني" في سوريا، فإنها تدعو إلى تسوية دبلوماسية لمشكلة البرنامج النووي الإيراني، وتتشارك قطر مع إيران في استغلال حقل غازي مغمور عملاق.

وإذا ما وقعت حرب، فإنها ستعرّض للخطر المصدر الوحيد للنفوذ الذي يملكه هذا البلد الذي لا يزيد عدد مواطنيه عن 230 ألف نسمة. وبناءً عليه، يسعى الأمير، الآن، لإقناع الأميركيين بالقيام بكل ما يلزم لردع حليفهم الإسرائيلي عن توجيه ضربة لإيران.

ويشير كاتب التقرير إلى أن الصورة تبدو مختلفة إلى حد بعيد من الرياض، حيث يذكر أنه بفضل برقيات "ويكيليكس": "بتنا الآن نعلم أن الملك عبدالله بن عبد العزيز شجّع الأميركيين، في العام 2008، على قصف إيران ، وحينها، كان نائب الرئيس الأميركي "ديك تشيني" يدعو إلى اعتماد خيار قصف إيران، غير أنه لم ينجح بإقناع الرئيس جورج بوش، الذي فضّل الاستماع إلى نصائح الحذر التي تلقاها من روبرت غييتس وكوندوليزا رايس.

ولا يخفي السعوديون اليوم، كما يكشف الكاتب، مدى خيبة أملهم من السياسة الشرق أوسطية التي اتبعها الحليف الأميركي في السنوات العشر الماضية. ويرى الكاتب أن العائلة الحاكمة في السعودية وإن لم تكن مغرمة بصدام  فإنها كانت تعتبره سدا بوجه ما أسماه بـ طموحات الهيمنة الإيرانية في الخليج الفارسي. أما اليوم، فلا يسع السعودية سوى ملاحظة أن العراق بات عمليا أشبه بمقاطعة إيرانية، حسب تعبير الصحيفة.

وتبدي السعودية قلقها علنا من تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية طوال السنوات العشر الأخيرة. وإزاء هذا التطوّر الذي يعتبرونه تهديداً لهم، فقد قرر السعوديون أن يعززوا تسلحهم، كما يفيد الكاتب. وقد وقعوا، مؤخرا، على عقد بقيمة 40 مليار دولار لشراء أسلحة متطورة من الأميركيين.

وينقل كاتب التقرير عن مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، "إدوار دجيرجيان" (الذي يعمل الآن في "معهد بيكر للسياسات العامة")، قوله: "إن حربا باردة حقيقية اندلعت بين السعودية وإيران".

وماذا عن دول الخليج الفارسي الأخرى (التي تضم كلها قواعد أميركية)؟ من حيث المبدأ، كما يفيد الكاتب، هذه الدول جميعاً تتضامن مع السعودية. ولكن، ثمة تباينات. فدبي، حيث يعيش 400 ألف إيراني، والتي تصدّر بضائع بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً إلى إيران، تفضل الدبلوماسية. أما عُمان التي ترتبط مع الولايات المتحدة بمعاهدة صداقة منذ العام 1831، فقد حافظت على علاقات حسنة مع طهران. ويلعب سلطان عُمان دور وسيط خفي بين واشنطن وطهران.