في ذکرى ميلاد قمر بني هاشم العباس عليه السلام

في ذکرى ميلاد قمر بني هاشم العباس عليه السلام
الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٢ - ٠٥:١٦ بتوقيت غرينتش

في اليوم الرابع من شهر شعبان المبارك سنة (26 ) للهجرة إزدهرت المدينة المنورة وأشرقت الدينا بمولد "أبي الفضل العباس" ابن الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام ، وبمولده أضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً .

ان نسب أبي الفضل هو من صميم الاَسرة العلوية ، التي هي من أرفع وأجلَ وأشرف الاسر التي عرفتها الانسانية في جميع ادورها ، تلك الاسرة العريقة في الشرف والمجد التي أمدت العالم الاسلامي بعناصر الفضيلة والتضحية في سبيل الخير، وما ينفع الناس، وأضاءت الحياة العامة بروح التقوى والإيمان أنه قمر بني هاشم وفخر الاسلام الخالد وحامل راية الحق راية الحسين يوم الطف.

أمّا الأب فهو الاِمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصيّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله)، وباب علمه وهو اول من آمن بالله وصدَق رسوله وهو بطل الاسلام والمدافع الاول عن کلمة التوحيد، هو غني عن البيان والتعريف .

أمّا الاَم الجليلة المكرّمة لاَبي الفضل العباس (عليه السلام ) فهي السيدة الزكية فاطمة بنت حزام بن خالد.. ، وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الأَضياف ، وأما أسرتها فهي من أجلّ الاَسر العربية ، وقد عُرفت بالنجدة والشهامة، و إشتهرت بالنبل والبسالة ومراعاة العهد.

وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا أبو الفضل العباس (عليه السلام )،وقد إزدهرت يثرب ، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الاَسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره.

وحينما بُشِّر الاِمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا المولود المبارك سارع إلى الدار فتناوله، وأوسعه تقبيلاً ، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى،
لقد كان أوّل صوت قد إخترق سمعه صوت أبيه رائد الاِيمان والتقوى في الاَرض، وأنشودة ذلك الصوت. "الله أكبر...".. "لا إله إلا الله".

وإرتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الاَنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل وإنطبعت في ذاته حتى صارت من أبرز عناصره، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته وتقطعت أوصاله في سبيلها.

وسمّى الاِمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وليده المبارك (بالعباس) وقد استشفّ من وراء الغيب انه سيكون بطلاً من أبطال الاِسلام، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل، ومنطلق البسمات في وجه الخير، وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لاَهل البيت عليهم السلام، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء.

احتلّ أبو الفضل (عليه السلام) قلوب العظماء ومشاعرهم ، وصار أنشودة الاَحرار في كلّ زمان ومكان، وذلك لما قام به من عظيم التضحية تجاه أخيه سيّد الشهداء، الذي ثار في وجه الظلم والطغيان، وبنى للمسلمين عزّاً شامخاً، ومجداً خالداً.

وبرز أبو الفضل العباس (عليه السلام) على مسرح التاريخ الاِسلامي كأعظم قائد فذّ لم تعرف له نظيرا في بطولاته النادرة بل ولا في سائر مُثله الاَخرى التي استوعبت ـ بفخر ـ جميع لغات الارض .

لقد أبدى أبو الفضل يوم الطف من الصمود الهائل، والارادة الصلبة ما يفوق الوصف، فكان برباطة جأشه، وقوّة عزيمته جيشاً لا يقهر فقد أرعب عسكر ابن زياد، وهزمهم نفسيّاً، كما هزمهم في ميادين الحرب.

ان بطولات أبي الفضل كانت ولا تزال حديث الناس في مختلف العصور، فلم يشاهدوا رجلاً واحداً مثقلا بالهموم والنکبات يحمل على جيش مدعَم بجيمع آلات الحرب في ذلك العصر فيلحق بهم أفدح الخسائر.

وأنّ شجاعة أبي الفضل وعلمه وإيمانه وتقواه وسائر مواهبه ومزاياه مما تدعو إلى الاعتزاز والفخر ليس لهو للمسلمين فحسب، وإنما لكل إنسان يدين لإنسانيته، ويخضع لقيمها الكريمة.

وبالاِضافة إلى ما يتمتّع به أبو الفضل العباس (عليه السلام) من البطولات الرائعة فانّه كان مثالاً للصفات الشريفة والنزعات العظيمة، فقد تجسّدت فيه الشهامة والنبل والوفاء والمواساة، فقد واسى أخاه أبا الأحرار الإمام الحسين عليه السلام في أيام محنته الکبرى، ففداه بنفسه
ووقاه بمهجته وان هذه  المواساة لايقدرعليها  إلا من إمتحن الله قلبه للايمان.

تصنيف :
كلمات دليلية :