الامام الصادق (ع) في ذمَة الخلود

الامام الصادق (ع) في ذمَة الخلود
الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٢ - ٠٣:٥٣ بتوقيت غرينتش

غدا ذکري استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام سادس الائمة الاطهار من اهل البيت المعصومين الذين نص الرسول الاکرم صلي الله عليه وآله وسلم علي خلافتهم من بعده.

غدا ذکري استشهاد من ترعرع في ظلال جدَه زين العابدين وابيه محمد الباقر عليهما السلام وعنهما اخذ علوم الشريعة ومعارف الاسلام ، فهو يشکل مع آبائه الطاهرين حلقات نورية متواصلة لايفصُل بينها غريب او مجهول ، حتَي تصل الي رسول الله (ص) لذا فهو من معين الوحي ومنبع الحکمة الالهية.
غدا ذکري استشهاد من شقق العلوم بفکره الثاقب وبصره الدقيق ، حتي ملأ الدنيا بعلومه وهو القائل « سلوني قبل ان تفقدوني فإنه لايحدثکم احد بعدي بمثل حديثي » ولم يقل احد هذه الکلمة سوي جده الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.
غدا ذکري شهادة عظيم من ارتوي من بحر علومه اربعة آلاف طالب وقد اشاعوا العلم والحضارة والثقافة في جميع الحواضر الاسلامية ونشروا معالم الدين واحکام الشريعة.
غدا ذکري من اندي الناس کفا ومن کان يجود بما عنده لانعاش الفقراء والمحرومين.
غدا ذکري من کان علي جانب کبير من سمو الاخلاق والتقوي والورع والتواضع والصبر والکرم.
نعم لقد کانت شخصية الامام العظيمة بما تجسد فيها من هدي الاسلام وبما حملت من نور تجذب الناس اليه وکان بما حمل من علم وفهم وخلق واخلاص لله تعالي يذکرهم بسيرة الرسول الاکرم (ص) والسابقين من اهل بيته عليهم السلام . ولم يحتل احد المکانة المرموقة والمقام السامي في عصر الامام جعفر بن محمد عليه السلام کالمکانة التي احتلها هو.
فعامة المسلمين وجمهورهم کانوا يرون جعفر بن محمد (ع) سليل بيت النبوة وعميد اهل البيت ورمز المعارضة للظلم والطغيان الاموي والعباسي وحبه والولاء له فرض علي کل مسلم مصداقا لقوله تعالي:
( قل لا أسالکم عليه أجرا إلا المودة في القربي )  الشوري /  23.
لقد عايش الامام الصادق (ع) الحکم الاموي مدة تقارب اربعة عقود وشاهد الظلم والارهاب والقسوة التي کانت لبني امية ضد الامة الاسلامية بشکل عام وضد اهل بيت الرسول(ص) وشيعتهم بشکل خاص.
وکان من الطبيعي - بعد ثورة الامام سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام - ان يکون آل البيت هم الطليعة والقيادة المحبوبة لدي الجماهير المسلمة ، ومن هنا بدأت فصائل العباسيين تتحرک باسم اهل البيت وتدعو الي الرضا من آل محمد (ص) وخلافة ذرية فاطمة بنت رسول الله (ع).
لقد انسحب الامام الصادق عليه السلام من المواجهة المکشوفة ولم تنطل عليه الشعارات التي کان يستخدمها بنو العباس للوصول الي الحکم بعد سقوط بني اميه بعد ان ازداد ظلمهم وعتوهم وارهابهم وتعاظمت نقمة الامة عليهم.
لقد سقط سلطان بني امية سنة ( 132ه) ثم آلت الخلافة الي بني العباس فعاصر حکم ابي العباس السفاح وشطرا من حکم المنصور الدوانيقي بما يقرب من عشر سنوات.
لقد انصرف الامام الصادق عليه السلام من الصراع السياسي المکشوف الي بناء الامة الاسلامية علميا وفکريا وعقائديا واخلاقيا ، بناءا يضمن سلامة الخط الاسلامي المحمدي الاصيل علي المدي البعيد بالرغم من استمرار الانحرافات السياسية والفکرية في أوساط المجتمع الاسلامي.
لقد انتشرت الفرق الاسلامية کالمعتزلة والاشاعرة والخوارج والکيسانية والزيدية في عصره واشتد الصراع بينها ، کما بدأت الزندقة تستفحل وتخترق اجواء المجتمع الاسلامي فتصدي الامام الصادق (ع) للرد علي الملاحدة من جهة وتصدي لمحاکمة الفرق المنحرفة من جهة اخري.
لقد اهتم الامام عليه السلام ببناء الجماعة الصالحة التي تتحمل مسؤولية تجذير خط اهل البيت في الامة الاسلامية الي جانب اهتمامه ببناء جامعة اهل البيت الاسلامية ،وتخرج العلماء في مختلف فنون المعرفة ولاسيما علماء الشريعة الذين يضمنون للامة سلامة مسيرتها علي مدي المستقبل القريب والبعيد ويزرعون بذور الثورة ضد الطغيان.
ولم يغفل الامام الصادق (ع) عن تقوية الخط الثوري والجهادي في اوساط الامة من خلال تأييده لمثل ثورة عمه زيد بن علي بن الحسين (ع) ومن تلاه من ثوار البيت العلوي الکرام.
ولم يکن الامام عليه السلام ليسلم من هذه المحنة ، محنة الثورة علي الظلم العباسي ، فقد کان کان المنصور يطارده الخوف من الامام الصادق عليه السلام مما ادي الي استدعائه الي العراق اربع مرات وضيق عليه واجري عليه محاکمة يجل الامام عن مثلها ليشعره بالرقابة  والمتابعة ثم خلَي سبيله.
واخيرا صمم الطاغية المنصور علي اغتياله غير حافل بالعار والنار، فدس اليه سما فاتکا علي يد عامله فسقاه به ولما تناوله الامام السلام تقطعت امعاؤه واخذ يعاني الآلام القاسية وانتقل الي جوار ربه في 25 شوال عام 148ه وکانت شهادته عليه السلام بالمدينة المنورة ودفن في مقبرة البقيع مع ابيه وجده وجدته فاطمة الزهراء وعمه الحسن السبط بن علي سلام الله عليهم جميعا.
فسلام عليه وعلي الائمة الهداة الميامين من آبائه وأبنائه ، سلاما دائما مع الخالدين.
محمد بسطامي

تصنيف :
كلمات دليلية :