لا مصداقية لأميركا،وايران لها بالمرصاد

     لا مصداقية لأميركا،وايران لها بالمرصاد
الأربعاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٢ - ٠٩:١٥ بتوقيت غرينتش

من المؤكد انَّ المذهب الواقعي للسياسة الاميركية عار تماما عن أية مصداقية يمكن الوثوق بها حين تحاول الولايات المتحدة الظهور بمظهر "قديس" نذر حياته لخدمة البشرية. فبالامس اقتنصت الدفاعات الجوية الالكترونية الايرانية طائرة اميركية (بلا طيار) .واعلن الحرس الثوري في بيان، ان طائرة اميركية بلاطيار من نوع ("اسكان إيغل"، "ScanEagle")، كانت تقوم خلال الايام الماضية بعملية استطلاعية في منطقة الخليج الفارسي قد اصطادتها الوحدات الدفاعية وانظمة المراقبة لسلاح البحر التابع للحرس فور دخولها المجال الجوي الايراني وتمكنت من السيطرة عليها وانزالها في الاراضي الايرانية .

 واضح – اذا – ان الطائرة کانت تجوب اجواء  الجمهورية الاسلامية  لاهداف تجسسية ، وقد انزلت بفعل التقنيات الالکترونية الايرانية،  لتنضم الي شقيقتها ال (آر کيو 170 ) التي اصطيدت في ديسمبرالعام الماضي 2011، و لتکونا معا مادة علمية دسمة لفائدة خبرات طهران (الجو فضائية) التي باتت ترتد بمفاعيل هائلة علي مستوي تغطية التحرکات الغربية-الصهيونية المشبوهة ومراقبتها و تقويض استهدافاتها المعادية في المنطقة.

وخلال الحقبة الطويلة الماضية برهنت واشنطن، بما فيه الكفاية ، على انها لا يمكن ان تكون "حمامة سلام" . و لا ريب في ان قيامها بضرب ناكازاكي و هيروشيما بالقنبلة الذرية في نهاية زمن الحرب العالمية الثانية ، يقطع الشك باليقين في انّ اميركا ، حاضنة للعدوان و الاستكبار و التهور ، و انها تجسد الشر المطلق في هذا العالم.

و في ظل هذا الواقع المليء بالمغامرات و الدسائس و المؤامرات، فإن من السذاجة بمكان، الركون الى المزاعم و الادعاءات الاميركية المتحمورة حول حماية الامن و السلم العالميين باعتبار انها كانت قد دشنت اطلالتها العملية على الساحة الدولية بجريمتها المروعة في اليابان عام1945 ، و عليه فإن من الصعب جدا ان تكون الولايات المتحدة موضع ثقة في المجتمع الدولي حتى و لو جهدت بكل وسائلها السياسية و ضغوطها العسكرية و ادواتها الدعائية من اجل اثبات ذلك.

اذن هنا و أمام هذا النموذج الهائج و المتمرد و الحقود على كل ما هو انساني و اخلاقي و حضاري ، فان منطق الاشياء ، يدعو الى الحذر و التحرز منه، و الامتناع عن منحه ادنى فرصة قد يستغلها لتجميل صورته البشعة امام الراي العام العالمي.

لقد كان يمكن لزعماء الولايات المتحدة ، ان يتحرروا حتى من عقدة تاريخ النشأة الاولى لبلادهم و التي تحصلت جرّاء بحار من دماء و المجازر الجماعية التي طاولت السكان الاصليين الابرياء ل"القارة الجديدة" قبل اكثر من خمسمائة عام ، لو انهم (الزعماء) كفروا عن ذنوب اجدادهم بإشاعة علاقات الالفة و المحبة  و الصداقة على وجه البسيطة، بيد ان حروبهم و جرائمهم الوحشية المعاصرة بدءً من اليابان و مرور بكوريا و فيتنام و انتهاء بافغانستان و العراق و حاليا في مختلف مناطق الشرق الاوسط  و افريقيا، تعزز الاعتقاد و القناعة على مستوى الامم و الشعوب ،بأن اميركا تفتقد لأية مصداقية يمكن ان تخولها التحدث باسم قيم الديمقراطية و العدالة و المساواة و الحريات و حقوق الانسان ، او الدفاع عن الامن و السلام الدوليين.

فحينما تصطدم الشعارات الزائفة  مع الممارسات الهوجاء ، عندها تتحقق النتائج الفاضحة، و حينئذ لا يسع أي انسان عادي ، إلا  ان يوجه نظرة الكراهية و الادانة و الاستنكار الى حكومات "الولايات المتحدة" ، "جمهورية" كانت او "ديمقراطية" بسبب ادوارها المشينة في دعم الارهاب الصهيوني -سابقا و للان - ، و مساندة الارهاب التكفيري في راهننا المعاصر ، باعتباره وقود "الفوضى الخلاقة" التي بشر بها الساسة الاميركيون منذ عام 2004 لقيام شرق اوسط جديد ، وفقا لمعايير صناعة القرار في اقبية "البيت الابيض" و "البنتاغون" و "السي آي ايه" و "اسرائيل" ، و بتمويل من سماسرة البترول و المال و الاعلام في منطقة الخليج الفارسي.

و أيا كان ما تفكر به السياسة و الدبلوماسية الاميركية لايهام المجتمع الدولي بانها تسعى للتقارب مع الجمهورية الاسلامية ، و طرح اجراء "محادثات ثنائية بين واشنطن و طهران" بشأن (الموضوع النووي الايراني)، فإن الحقيقة الثابتة و المعترف بها دوليا ، هي ان ايران صادقة حقا في تعاملها الشفيف مع وكالة الطاقة الذرية بل مع العالم كله في التاكيد على سلمية انشطتها النووية ، و لذلك فهي في غنى عن الحصول على"تزكية" من الولايات المتحدة او التفاوض معها تحت هذه الذريعة، اذ ثمة قنوات معنية بهذا الملف و منها (مجموعة 5+1) و من المعروف ان اميرکا هي طرف شرير و استفزازي فيها.

    ويتوجب القول ان المراد هو العكس بالضبط ،لأن اميركا هي المطالبة اولا بتقديم شهادة حسن سلوك عن سياستها و سلوكياتها في مختلف بقاع الارض طيلة الاعوام السبعين الماضية، و هو امر مستحيل اكيدا ، خاصة و ان تحركاتها العسكرية و الاستخبارية و التخريبية الراهنة في العالم الاسلامي بعامة و ضد ايران بخاصة تنسف اية ميول او رغبات في الاطمئنان الى دعواتها الملتوية.

حميد حلمي زادة