ايران ومنطلق ترشید القوة الاسلامية العالمیة

ايران ومنطلق ترشید القوة الاسلامية العالمیة
الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ - ٠٨:٣٦ بتوقيت غرينتش

فيما يعتبر المراقبون تعاظم الدور الجيوسياسي الايراني تحولا استثنائیا جدیرا بالاهتمام ، تعتقد الجمهورية الاسلامية انَّ هدف ارساء الامن الاقليمي، قابل للتحقق عبر توفير شروطه الاستراتيجية واللوجستية والنفسية، وبمساهمة دول المنطقة وشعوبها بذاتها، بعيدا عن التأثيرات والتدخلات الاورواميركية، وذلک لدورها فی اشعال جميع الازمات والتوترات والاضطرابات الضاربة باطنابها في العالم الاسلامي حاليا.

في ضوء ذلك انعقد في طهران (ملتقى الجغرافيا والتنمية والدفاع والامن في الخليج الفارسي ومضيق هرمز) لمناقشة السبل الكفيلة بتفادي محاولات اخضاع (الامن الاسلامي) للسياسات والمشاريع والاملاءات المرسومة عبر القارات، والسعي لبلورة الرؤى والبرامج والدلائل العملية من اجل حماية المصالح الوطنية والاقليمية والدولية لجميع البلدان الواقعة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، على قاعدة المساواة والتكافؤ والاحترام المتبادل، ونبذ الارتهان للاجندات الغربية ــ الصهيونية بشكل أو بآخر.
ولايخفى ان وتيرة التطورات والاحداث المتسارعة في الشرق الاوسط، تضع على عاتق الدول المعنية بالامن الاقليمي مسؤوليات جسيمة، لا سيما ونحن نرى ان "التحالف الاميركي ــ الاوروبي ــ الاسرائيلي" قد القى بثقله وراء مخطط  زعزعة الاستقرار والسلام والتآلف في المنطقة، وهو يقاتل الان بشراسة لتعميم نوازع القتل والجريمة والفساد والتناحر والخلافات المذهبية والطائفية والعرقية بين ابنائه الطيبين المجبولين بالفطرة على قيم الخير والتسامح والتراحم التي يشدد عليها الدين الحنيف من المهد الى اللحد.
ومن المعروف ان منطقة الخليج الفارسي والعالم العربي هي منطقة غنية  بالكثير من الثروات الطبيعية والطاقات الظاهرة والكامنة،كما انها متميزة بموقعها الجيوسياسي والجيواستراتيجي، باعتبارها اهم حلقات شبكة امدادات الطاقة (النفط والغاز)  منها الى اميركا واوروبا والصين واليابان وغیرها ، وازاء ذلك فان هذه المزايا وضعتها على الدوام في عين الاعاصير العاتية، وعرضتها باستمرار لمؤامرات اباطرة الذهب والمال الغربيين والصهاينة، الذين لم يوفروا اية وسيلة دنيئة لممارسة القرصنة واللصوصية الدولية من اجل بسط السيطرة والتحكم والاستغلال على هذه المنطقة.
بيد ان السيناريو الاستكباري القائم على لغة الغطرسة والاملاءات والترغيب والترهيب، اصيب بصدمات عنیفة عقب انتصار الثورة الاسلامية  في ايران (11 شباط 1979)، وتحولت طهران منذئذ الى قوة اقليمية ودولية مدافعة عن حياض الوطن والامة والاسلام وقضايا التحرر والمظلومية، الامرالذي انعكس لاحقا من خلال تحطم جمیع البرامج  والممارسات الصهيوغربية على صخرة المقاومة المؤمنة التي انطلقت في عموم المنطقة بفضل الملاحم والتضحيات الخالدة لتلاميذ مدرسة الامام الخميني (قدس سره) النهضویة في ايران ولبنان وفلسطين والعراق ومصر ومناطق كثيرة اخرى في العالم.
ان قراءة سريعة لمسيرة التحولات في منطقة الخليج الفارسي والعالم العربي، تعزز القناعة في أن (المقاومة بوجه المشروع الصهيوني ــ الغربي) اضحت التحدي الاخطر للسلوكيات والمؤامرات الساعية للسيطرة على مقدرات الامة الاسلامية وتعبيد ابنائها لفائدة "المحتل الاسرائيلي".
وليس هذا فحسب بل يمكن القطع ايضا بأن جميع الاهداف والبرامج الاستكبارية قد منيت خلال العقدين الاخيرين بالهزائم والاندحارات المذلة، في دلالة واضحة على ان القوة الاسلامية المتنامیة لابناء الامة باتت عقبة كأداء امام تنفیذ احداثیات زعماء النظام الرأسمالي الغربي الصهيوني وتجار الحروب العالميين، رغم استغلالهم اجهزة ما يسمى بـ "الشرعية الدولية" وقوانينها وقراراتها لبلوغ مآربهم الجهنمية وفقا لمعاييرهم المزدوجة.
واضح ان رسالة ملتقى طهران الاستراتيجي (17- 12- 2012)، توخت هدفا اساسيا كبيرا، هو ترشيد (القوة الاسلامية العالمية)  وبما يؤدي الى تحقيق المزيد من المنجزات و الانتصارات علی ارضیة التلاحم والتكاتف والتضامن فی جغرافیا الخليج الفارسي والعالم العربي، وذلک من اجل الوصول الى تشكيل جبهة متراصة ، تقف بكل حزم وصلابة  في مواجهة المؤامرة الصهيوغربية  و تحرکاتها الرامية الى تمزيق المنطقة وشعوبها بالحروب الاهلية والافكار المتطرفة والجماعات التكفيرية المسنودة ـــ وللاسف الشديد ــ باموال سماسرة البترول والمال الاقلیمیین ، فی موقف  مشین یثیر الاستنکار والاشمئزاز فی ان معا، ويبرهن على التبعية العمياء للسياسات الاستكبارية الارهابیة.
حمید حلمی زادة