في ذكرى ميلاد خير الانام المصطفى محمد (ص)

في ذكرى ميلاد خير الانام المصطفى محمد (ص)
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣ - ٠٢:٥٢ بتوقيت غرينتش

لم يکن العرب يومئذ -أيام الجاهلية- أهل کتاب ولا ديانة سماوية ترفع من مستواهم الفکري والاجتماعي والحضاري، فلقد کان الجهل والامية والخرافة تسيطر علی الجزيرة العربية وتعبث بالعقول والمعتقدات.

کان العرب يعبدون الاصنام والاوثان والجن والنجوم والملائکة، وقليل منهم کانوا علی دين إبراهيم وموسی والمسيح عليهم السلام.
وعلی هذا الحال کانت الامم الاکثر حضارة وتقدما منهم، وهم اليهود والنصاری المجوس، کانوا ايضا يعيشون تحت کابوس حياة الجاهلية وضلال وانحراف عقائدي وظلم سياسي ويخضعون لتسلَط الطواغيت والمستكبرين.
کانت تحيط بالعرب ثلاث دول کبری، هي دولة الروم في المغرب ودولة الفرس في المشرق ودولة الاحباش في الجنوب، وهي قوی سياسية وحضارية في تلك الايام. 
بينمالم يکن العرب في مکَة وماحولها، يعرفون مفهوم الدولة فلقد کانوا يعیشون سلطة القبلية وتسلَط الاسياد الاقوياء علی الفقراء والعبيد. 
في ذلك الظلام الاجتماعي کانت المرأة تعاني حياة البؤس والشقاء، فلا حقوق لها ولاکرامة، لانها في عرف المجتمع الجاهلي في ملك للرجل، تورث کما تورث الحيوانات والممتلکات، فقد کان الابناء يرثون زوجات الآباء ويتزوجونهنَ.   
وکان أحدهم إذا ولدت امرأته بنتا، سيطر عليه الهَم والحزن وشعر بالخوف من العار وسوء السمعة ولجأ الی قتلها او دفنها حية او تقبَلها علی مضض واحتقار وکراهية.
وعندما نعرف هذه الحقائق نستطيع أن نفهم الاسلام وعظمة نبيَ الاسلام محمد صلی الله عليه وآله وسلم الذي استطاع بمشيئة الله تعالی ان ينقذ البشرية ويضعها علی طريق الحياة الحضارية السامية، والاستقامة السلوکية الرشيدة . 
وقد وصف الله سبحانه وتعالی رسالة نبيه الاکرم (ص) بقوله :
(قد جاءکم من الله نور وکتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الی النور باذنه ويهديهم الی صراط مستقيم) المائدة 16/15.
ففي السابع عشر من ربيع الاول عام الفيل ولد المصطفی محمد (ص) في مکة المکرمة، وشاء الله تعالی ان يولد يتيما، فقد توفي ابوه عبد الله بن عبد المطلب في طريق عودته من تجارة الشام وهو لايزال في رحم امه آمنة بنت وهب. 
وعلی عادة اهل مکة اُرسل محمد (ص) مع حليمة بنت ابي ذؤيب السعدية الی البادية لرضاعته وقد لقيت حلمية من رضيعها محمد (ص) الخير الکثير.
وعندما بلغ المصطفی (ص) الخامسة من عمره عادت به حليمة السعدية الی مکة، حيث وجد في جده عبد المطلب خير راع إذ وفر له کل ما يتطلب من حنان فياض وعطف ابوي غامر فکان يشدد علی العناية به اکثر من عامة اهله وبنيه.
وتوفيت امه آمنه بنت وهب سلام الله عليها، حين بلغ السادسة من عمره الشريف وشاء الله ان تختطف يد المنون الجد الحنون عبد المطلب فيتوفی والمصطفی في السنة الثامنة.
فتولی رعايته عمَه ابو طالب - ورد ان عبد المطلب هو الذي اختار ابا طالب لکفالة النبي (ص) رغم انه لم يکن اکبر اولاده ولا اکثرهم مالا ولکنه کان شقيق عبد الله لامه وابيه- الذي عامله بالحب والعطف والرعاية الابوية الفائقة بشکل لم يحظ به احد من ابنائه قط، حيث بقيه مع عمه الی حين زواجه من خديجة الکبری سلام الله عليها. 
وبُعث صلی الله عليه واله وسلم وهو في الاربعين واخذ يدعو الی الله وهو علی بصيرة من امره ويجمع الاتباع والانصار من المؤمين السابقين.
وبعد مضي ثلاث اوخمس سنوات من بداية الدعوة الی الله امره الله تعالی بانذار عشيرته الاقربين وان يصدع بالرسالة ويدعو الی الاسلام علانية ليدخل من احب الاسلام في سلك المسلمين والمؤمنين.
ومن ذلك الحين اخدت قريش تزرع الموانع امام حرکة الرسول الاکرم (ص) وتحاول ان تمنع انتشار الرسالة وعمل النبي (ص) الی فتح نافذة جديدة للدعوة خارج مکة فارسل عدة مجاميع من المسلمين الی الحبشة بعد ان حظوا باستقبال ملکها (النجاشي) وترحيبه بقدومهم فاستقروا فيها بقيادة جعفر بن ابي طالب ولم يترکها الا في السنة السابعة بعد الهجرة النبوية الشريفة.
ولم تفلح قريش في تأليب النجاشي علی المسلمين بدأت بخطة جديدة تمثلت في فرض الحصار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والذي استمر لمدة ثلاث سنوات فلما أيست من اخضاع الرسول (ص) وعشيرته وابي طالب وسائر بني هاشم لاغراضها فکت الحصار ولکن النبي (ص)  وعشيرته بعد ان خرجوا من الحصار منتصرين اُمتحنوا بوفاة ابي طالب وخديجة -سلام الله عليهما- في السنة العاشرة من البعثة وکان وقع الحادثين ثقيلا جدا جدا، علی النبي (ص)، أدمت قلبه الشريف وخيم عليه الحزن الشديد، لانه فقد بذلك اقوی ناصرين في عام واحد.
وفي أوج هذا الحزن والضغط النفسي علی النبي (ص) جاءت نفحة الهية خاصة لتعطي للرسول الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم زخما جديدا وتنفيسا عن آلامة وشفاءا لجروح قلبه الکبير... ففتح الله تعالی له آفاق المستقبل بما أراه من آياته الکبری..وتحققت حادثة الاسراء والمعراج العظيمة.. فکانت برکات المعراج عظيمة للرسول المصطفی (ص) وللمؤمنين جميعا.    
وهاجر الرسول الاکرم صلی الله عليه واله وسلم الی الطائف لبيحث عن قاعدة جديدة ولکنه لم يکسب فتحا جديدا من هذه البلد المجاورة لمکة فرجع بدون ان يحقق أية اهداف تذکر.
ثم هاجر الی يثرب بعد توفير المقدمات فامر عليا عليه السلام بالمبيت في فراشه وهاجر هو الی يثرب بکل حيطة وحذر فوصل ( قبا ) في غرة ربيع الاول واصبحت هجرته المبارکة مبدأ للتاريخ الاسلامي بامر منه صلی الله عليه وآله وسلم.   
واسس النبي الاکرم (ص) اول دولة اسلامية، ولقد واجهت هذه الدولة الفتية وکذا الدعوة الاسلامية مواجهة شرسة من جانب قريش التي عزمت علی اکتساح الدولة والدعوة الاسلاميتين فشنت الحرب بعد الحرب علی المسلمن ولکان لابد للنبي الاکرم (ص) والمسلمين من الدفاع.
وشاء الله ان يقام الاسلام بدعوة الرسول محمد صلی الله عليه واله وسلم وسيف علي بن ابي طالب وحمزة عم الرسول خاصة وسيوف المسلمين الاوفياء بشکل عام..وان من اهم غزوات الرسول (ص) بدر الكبرى ومعركة احد، ومعركة الخندق وبعدها تم عقد صلح الحديبية .. وثم معركة خيبر وبعدها تم فتح مكة المكرمة وهكذا تلاحقت موجات النصر.
وفي موسم الحج في السنة التاسعة من الهجرة حيث نزلت سورة التوبة التي اُلغيت كل مخلفات الشرك، وأنهت كل وجود للمشركين في مكة وثم جاء موسم الحج من السنة العاشرة للهجرة فدعا رسول الله الناس الى الحج واعلمهم انه عازم على أداء الفريضة فاجتمع اليه الناس من انحاء الجزيرة كلها حيت تكاملوا مائة ألف او يزيدون.
ولما أتم الرسول الاكرم (ص) حجه قفل راجعا الى المدينة ومعه ذلك الحشد العظيم من المسلمين، وفي الطريق عند غدير خم -منطقة قرب الجحفة شمال مكة- ينزل عليه وحي الله تعالى يدعوه لتعيين علي بن ابي طالب اميرا للمؤمنين بعده، وبلغ الرسول الاكرم للناس ما اُمر بكل دقة...           
وكانت رحتله صلى الله عليه وآله سلم في 28 من صفر عام 11 للهجرة.
فسلام علی أعظم هاد وأجل مرب عرفته الارض والسماء ...    
 
 

تصنيف :
كلمات دليلية :