الانتخابات في لبنان.. كبش محرقة الجميع

الانتخابات في لبنان.. كبش محرقة الجميع
الأحد ١٩ مايو ٢٠١٣ - ٠٦:٤٩ بتوقيت غرينتش

فشل السياسيون في لبنان في تذليل عقباتهم لانضاج صيغة تؤمن السير الى وضع قانون للانتخاب حتى الساعة، ضاعت كل مناقشاتهم التي لم يبق احد لم يسمع بفلسفتها في لبنان سدى او ضيعت بمعنى آخر ذاك الوقت الذي استمع فيه اللبنانيون الى هذا الطرح او ذاك، فلم يقدم هؤلاء على مدى أيام الا ما بات هنا يوصف بأنه مسرحيات لا يراد من وراءها الا تضييع الوقت ليس اكثر.

الوصول الى القناعة هذه أمنها المتصارعون انفسهم عندما بحثوا وطرحوا قوانين انتخابية يدرك كل منهم قبل غيره أن مرورها بالمستحيل، فهي تؤمن بالشكل العام مصالح طارحيها الذين يفضلون تحقيق المصلحة الخاصة او إذا ما انتفت بقاء الامور على حالها انتظارا لاستشراف واقع الامور الدولية والاقليمية.

وقفت عمليا الصيغ المطروحة بين مشروع القانون الارثوذكسي الذي بدا الافضل للمسيحيين بوصفه يؤمن وصول نوابهم بقوة تجيرية مسيحية وليس بقوى الطوائف الاخرى وهذا ما شكل لهم طعنة كبيرة تعرضوا لها في كل القوانين التي سبق اجراء الانتخابات على اساسها منذ اتفاق الطائف، الا أن القانون هذا طعن من المسيحيين أنفسهم مع تخلي القوات اللبنانية في ربع الساعة الاخيرة عنه مفضلة عليه اتفاقا مع الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل تحت عنوان مشروع القانون المختلط. الحسابات وقفت بالنسبة الى هذا الفريق عند قناعته بأن هذا المشروع يؤمن لهم بحسب مفهومهم قوة عددية من المقاعد النيابية لا تقل عن تلك الموجودة بين أيديهم الان، وتاليا يعتقد هؤلاء انهم يستطيعون بقوة المشروع هذا ان تبقى لديهم اغلبية نيابية سيحققونها من انضمام كتلة وليد جنبلاط المستقبلية اليهم بدعمه المشروع المقدم.

لم تجد اي من القوانين المذكورة حظوظا بالحياة، ووسطها انطلقت المشاورات والمباحثات التي حجز لها النواب غرفا في المجلس النيابي ايام عدة، انكبوا على دراسات توائم بين هذا الطرح او ذاك ، اوقفهم طرح لرئيس مجلس النواب نبيه بري يدمج فيه بين القانونيين، لكن بقدرة قادرة سقط الطرح الثالث قبل ان يجف حبره، ووقف رئيس المجلس ضائعا بين الكتل النيابية المختلفة، فالحسابات أسقطت بالنهاية كل الطروحات وعاد الجميع الى مربع اللاتفاق على شيء.

فجأة اختلط امامه الحابل بالنابل، وضع حساب القانون على الطاولة مقابل حساب الحكومة وتشكيلها، واعيد الجدل الى اعتماد قانون الستين القانون الحالي المستهدف تغيره، وبدا التمديد للمجلس النيابي احد النتائج الطبيعية لعدم الاتفاق على قانون، لم تنتفي الخيارات التي ضاقت حد المستحيل ربما، مع اقتراب انتهاء مدة ولاية المجلس النيابي في العشرين من حزيران يونيو القادم.

لكن كل ذلك لم يوقف جولات المصارعة السياسية، فكل طرف استبسل في وضع المسؤولية على الطرف الاخر، الاتهامات لم تتوقف عند حد، لتبدو الصورة بالنسبة للبنانيين حلبة صراع لا تنتهي، اجبرتهم قنواتهم المحلية على الاستماع الى نكهة الصراع هذا مباشرة على الهواء، لم يبدو مخيرين في معرفة ما يجري اقتيدوا وان دون رغبة منهم الى نقاش شبعوا وملوا منه على امتداد اشهر، ربما لانهم يعرفون اكثر من سياسييهم نتيجته بفعل الواقع القائم، فهم لم تعد تعنيهم انتخابات او سياسة او سياسيين بل ما يبدو عاجلا بالنسبة اليهم لقمة عيش يصعب تأمينها لابنائهم امام سوء تصرف مسؤوليهم الذين تعودوا منذ عشرات السنين ان يتقاذفوا المسؤولية فيما بينهم، كنمط واسلوب، خبروه للوصول الى كراسيهم ليس اكثر.

فاطمة عواضة - بيروت