صفقات اسلحة امريكية لدول المنطقة !!

صفقات اسلحة امريكية  لدول المنطقة !!
الأربعاء ٢٢ مايو ٢٠١٣ - ٠٩:٠١ بتوقيت غرينتش

يزور وزير الخارجية الامريكي جون كيري العاصمة العمانية مسقط لحث مسؤوليها على عقد صفقة اسلحة مع الولايات المتحدة بقيمة 2,1 مليار دولار. وهذا ثاني مسؤول امريكي يزور المنطقة خلال شهر لحث العرب على شراء وتخزين الاسلحة بمليارات الدولارات.

وقد قام وزير الدفاع الامريكي تشاك هاغل في نهاية ابريل الماضي  بزيارة لدول المنطقة  للتباحث مع مسؤوليها حول عقود تسلح ضخمة بقيمة اجمالية تبلغ عشرة مليارات دولار مع اسرائيل والامارات العربية المتحدة والسعودية.


وأوضح المسؤولون للصحافيين على متن الطائرة التي تقل كيري في جولة جديدة على الشرق الأوسط، ان أحد الأهداف الرئيسية لزيارة جون كيري إلى مسقط هو المصادقة على رسالة النوايا الموقعة بين عمان وشركة "رايثيون" الأميركية لصناعة الاسلحة  قبل بدء المفاوضات لإنجاز العقد النهائي ..
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية،حسب وكالات الانباء  إن "العُمانيين قرروا في كانون الثاني الماضي شراء نظام دفاع ارض- جو من صنع رايثيون، وهو ما كان وزير الخارجية يدعمه حين كان في مجلس الشيوخ. وأن أحد الأهداف هو دفع المصالح التجارية الأميركية والإثبات لعمان بأن ذلك مهم لهذه الإدارة".


وما زال يتعين وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة، لكن المسؤولين أكدوا أن قيمة العقد ستقارب 2,1 مليار دولار. وقال المسؤول إن هذه الصفقة "ستحدث المزيد من الاندماج بين أنظمة الدفاع في الخليج الفارسي وهو و ما نعمل عليه منذ فترة من الوقت داخل مجلس التعاون الخليجي"، مشيراً إلى أن "هناك أنظمة مماثلة لدول الخليج الفارسي.
 

وأضاف أن "عمان تلقت مؤخراً أيضاً شريحة ثانية من طائرات أف 16، وهي بالتالي وسيلة لمتابعة علاقتنا في مجال الدفاع، الأمر الذي سيحقق مكاسب على صعيد الترابط في العمليات . وقال مسؤولون أميركيون إن صفقة تزويد عمان بـ12 مطاردة أميركية من طراز "أف 16" أبرمت عام 2011 لتسليمها بحلول العام 2014.


‏وقد  انفقت الدول العربية في الخليج الفارسي حوالي‏200‏ مليار دولار خلال عامي‏2011‏ و‏2012‏ فقط لاستيراد الأسلحة حيث بلغ إجمالي ما تم استيراده من‏2002‏ إلي‏2012‏ حوالي‏500‏ مليار دولار أي بمتوسط‏ 70 مليارا سنويا‏,‏ وفقا لتقرير منظمة أيدكس‏.


السؤال الذي يتبادر الى الاذهان هو ما الدافع من وراء عقد هذه الصفقات الكبيرة بين دول الخليج الفارسي والولايات المتحدة وبلدان اوروبية مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا؟ هل هو مواجهة ايران ام مواجهة اسرائيل ؟ فايران لم تهدد ايا من دول الخليج الفارسي بل بالعكس اعلنت مرارا انها مستعدة للتعاون مع دول المنطقة لضمان امن مضيق هرمز وعبور شحنات النفط  ولكنها اعلنت باستمرار انها تعارض اي تدخل اجنبي في المنطقة ،  وانها ان قامت بتصنيع الاسلحة فانما تقوم بذلك من أجل مواجهة تهديدات الولايات المتحدة و اسرائيل المتكررة وردع الكيان الصهيوني الذي يتحدى دول المنطقة بكل صلافة ويهددها كل يوم .


إذن مخاوف دول الخليج الفارسي من ايران في غير محلها لان هناك مصلحة للولايات المتحدة والغرب في تخويف هذه الدول من ايران لانهما تريدان  بيع اسلحتهما بمليارات الدولارات لدول الخليج الفارسي ولا يحصل ذلك الا اذا شعرت هذه الدول بوجود عدو يتهددها.


فالمسؤولون الامريكيون هم في مقدمة من يحثون قادة دول الخليج الفارسي على عقد صفقات الاسلحة وهم المستفيدون بالدرجة الاولى لارتباطاتهم  بشركات الاسلحة ، ولا يغيب عن البال بان هناك جهات في الجانبين تستفيد من عمولات  هذه الصفقات وتقدر بمليارات الدولارات .


كما ان هذه الصفقات تعد وسيلة جيدة لدول المنطقة للحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب وكسب دعمها ومساعدتها وقت الشدة.
ولا ننسى ان صفقات السلاح الموقعة بين دول الخليج الفارسي والولايات المتحدة والدول الاوروبية تتضمن  استخدام خبراء وعسكريين لتشغيل واستعمال هذه الاسلحة الحديثة ، ومن البديهي أن دول المنطقة تتحمل مليارات الدولارات لتوريد الخبراء العسكريين وهذا يعد فائدة اخرى في مصلحة الدول المصنعة للاسلحة.


‏وقد اثبتت  الوقائع بان قوات درع الجزيرة التي شكلت بعد تاسيس  مجلس التعاون لم تتمكن من الحفاظ على امن دول الخليج الفارسي ، لان هناك شكوك بين اعضاء هذا المجلس حول مدى قدرة هذه القوات لتحمل مسؤولياتها  ، وقد استخدمت هذه القوات اخيرا لقمع الحركات الشعبية في دول مجلس التعاون ومنها في البحرين واثبتت هذه القوات قدرتها على مواجهة المواطنين العزل الذين يواجهونها بايد خالية ومجردين من السلاح.


ولا بأس ان يطلع  القاريء على التقرير التالي الماخوذ من منشورات مراكز الابحاث الاوروبية حول صفقات الاسلحة بين الولايات المتحدة والغرب من جهة ودول الخليج الفارسي من جهة اخرى.
 

و وفقا لبحث نشره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام‏(‏ سيبري‏),‏ فقد برزت الولايات المتحدة كأكبر مورد للأسلحة لدول المنطقة بين عامي‏2005‏ و‏2009,‏ إذ تشكل الأسلحة الأمريكية حوالي‏54%‏ من إجمالي حجم واردات منطقة الخليج الفارسي  من السلاح‏,‏ تليها فرنسا بنسبة‏21%.‏


و استأثرت دولة الإمارات العربية المتحدة بحوالي‏57%‏ من حجم الواردات من الأسلحة التقليدية الرئيسية خلال الفترة‏2005‏ ـ‏2009‏ تليها المملكة العربية السعودية بنسبة‏10%‏ فقط‏,‏ على مدى فترة أطول من‏1990‏ ـ‏2009‏ على الرغم من أن السعودية كانت أكبر مستورد في المنطقة ‏.‏


وأكد الباحث بيتر ويزمان أن حجم الأسلحة التي تستوردها دولة الإمارات العربية المتحدة قد زاد بشكل كبير في العقد الماضي‏,‏ ومن المرجح أن تظل المستورد الأكبر في السنوات المقبلة‏.‏ وكشف تقرير المعهد أن ما تحصل عليه دول الخليج الفارسي عبارة عن أسلحة تقليدية لا تندرج تحت بند أسلحة الدمار الشامل‏,‏ مثل الأسلحة البيولوجية النووية والكيميائية‏,‏ ولكن تقتصر على الأسلحة الخفيفة والبحرية والألغام الأرضية والقنابل غير النووية‏,‏ والقذائف‏,‏ والصواريخ‏,‏ والطائرات العسكرية والذخائر العنقودية‏.‏

وفي ديسمبر‏2011,‏ أبرمت واشنطن صفقة بيع أسلحة متطورة لدول الخليج الفارسي  بقيمة‏123‏ مليار دولار حصلت السعودية على مروحيات وصواريخ وذخيرة موجهة‏,‏ ودبابات.


‏ ووقعت دولة الإمارات العربية في نهاية ابريل الماضي علي صفقة بحوالي‏3.6‏ مليار دولار لشراء نحو‏100‏ صاروخ دفاعي اعتراضي كجزء صغير من صفقة أكبر بلغت قيمتها نحو‏36‏ مليار دولار تتضمن F-16‏80  طائرة مقاتلة‏.‏


وبلغت واردات عمان من الأسلحة حوالي‏18‏ مليار دولار والكويت حوالي‏7‏ مليارات دولار في حين بلغت واردات العراق من الطائرات المقاتلة والدبابات‏11‏ مليار دولار‏.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز أن نمو مبيعات الأسلحة الأمريكية زاد بعد تولي أوباما حيث وصل إلي أعلي مستوياته العام قبل الماضي‏.


وبرغم أن الإمارات كانت تحتل المرتبة الخامسة عشرة من بين أكثر الدول المستوردة للأسلحة في العالم ما بين عامي‏1999‏ و‏2003,‏ إلا أنها أصبحت ثالث أكبر مستورد للسلاح بين الدول النامية بعد أن أبرمت صفقة قيمتها‏1.4‏ مليار دولار نظير أسلحة تشمل دبابات ومدفعية‏,‏ ومركبات مدرعة وطائرات مقاتلة ومروحيات و صواريخ أرض جو‏,‏ وسفن مقاتلة‏,‏ وصواريخ سطح سطح‏,‏ وصواريخ مضادة للسفن‏,‏ وصواريخ موجهة‏.‏ واشترت الكويت من أمريكا معدات عسكرية بقيمة‏4.2‏ مليار دولار‏,‏ تشتمل علي‏60‏ صاروخ باتريوت متقدم و‏20‏ منصة لإطلاق الصواريخ و أربعة رادارات‏.‏


وحصل الأردن بموجب عقد مع واشنطن علي‏1808‏ صواريخ مضادة للدبابات و‏162‏ منصة إطلاق صواريخ بعضها صواريخ متطورة بقيمة‏608‏ ملايين دولار‏.‏ وطبقا لصحيفة الجارديان البريطانية فإن السلاح يعد أهم الصناعات الداعمة للاقتصاد الأمريكي‏,‏ الذي يسعي إعلامه لترويج شائعات عن التهديد النووي و التفوق الإقليمي لإيران في منطقة الخليج الفارسي وذلك لفرض الهيمنة علي المنطقة بخلاف ضمان الأمان الوظيفي لحوالي‏75‏ ألف موظف في الشركات التكنولوجية الكبري المصنعة للأسلحة الأمريكية مثل بوينج‏,‏ لوكهيد مارتن‏,‏ وشركة جنرال إلكتريك‏,‏ والتي تدعم الاقتصاد الأمريكي بنحو‏3.5‏ مليار دولار سنويا‏,‏ كما تعود بالنفع أيضا علي مصدري الأسلحة في العالم‏,‏ وتتيح لهم المشاركة في عملية صيانة تلك المعدات وتدريب المشترين وبالتالي تظل دول الخليج الفارسي في حاجة ماسة للولايات المتحدة لحمايتها‏,‏ فيما تضمن واشنطن تشابك وإحكام العلاقة بين إنتاج النفط في تلك الدول وتجارة الأسلحة‏,‏ التي تعد ضمانات لتدفق النفط‏.‏

 

وأوضحت الصحيفة أن خلق فرص العمل في زمن الكساد الاقتصادي في أمريكا هو الدافع الرئيسي لموافقة كل من الكونجرس ومجلس الشيوخ علي تلك الصفقات رغم أن صفقات السلاح الأمريكية مع دول الخليج الفارسي  تواجه عقبات ترجع إلي قوة اللوبي الإسرائيلي‏,‏ ولكن الإدارة الأمريكية استفادت من التوترات المتزايدة في المنطقة لإتمام تلك الصفقات لضمان أن يكون الخليج الفارسي هو خط الجبهة ضد إيران وبالتالي يصب في مصلحة إسرائيل‏.‏


ويري توماس رودابوج‏,‏ نائب مدير شركة نورثروب جرومان التي تعد أكبر تكتل للصناعات الجوية والعسكرية وثالث أكبر مقاول للمعدات الدفاعية للجيش الأمريكي أن توجهات دول الخليج الفارسي قد تغيرت خلال السنوات العشر الماضية‏,‏ فالتهديدات الأمنية الموجودة في المنطقة أدت إلى حاجتها إلى القوة العسكرية والاستخباراتية‏,‏ وهو ما دفع الإمارات إلي إنفاق‏1.4‏ مليار دولار مؤخرا لاستيراد طائرات بدون طيار ومركبات مقاومة للألغام‏.‏

 

*شاكر كسرائي