مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان:

البحرين لم تتخذ إجراءات جادة لإنهاء مظاهر التمييز

البحرين لم تتخذ إجراءات جادة لإنهاء مظاهر التمييز
السبت ٢٥ مايو ٢٠١٣ - ٠٦:٢٧ بتوقيت غرينتش

ذكر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن السلطات البحرينية لم تتخذ إجراءات جادة لإنهاء مظاهر التمييز على أسس مذهبية، وأنها - السلطات - اكتفت في معرض إظهار التزامها بتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بالإشارة إلى تبنيها برامج تدريبية لمنع إشاعات نزعات الكره المذهبي والطائفي.

وافادت صحيفة الوسط البحرينية في عددها الصادر السبت ان  ذلك جاء خلال التقرير السنوي الصادر عن مركز القاهرة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي خلال العام 2012، والذي حمل في هذا العام عنوان «آلام المخاض».
وفي الفصل المتعلق بالبحرين، أشار التقرير إلى أن السلطات البحرينية اتخذت عدداً من التدابير التشريعية وغير التشريعية، التي توحي باستجابتها للتوصيات التي أعلنتها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير/ شباط 2011.
وجاء في التقرير: «لقد جاءت هذه التدابير في غالبيتها شكلية أو محدودة الأثر في معالجة تلك الانتهاكات، ومنع الإفلات من العقاب لمرتكبيها، والحيلولة من دون تكرارها مرة أخرى، الأمر الذي يعكس غياب إرادة سياسية جادة لتبني وتفعيل هذه التوصيات، جسدته الممارسات الفعلية على الأرض خلال العام 2012، الذي سجل استمرار ممارسات التعذيب البدني والنفسي، وتواصل استخدام القوة المفرطة في التعامل مع جميع أشكال الاحتجاج والتظاهر السلمي».
وتابع التقرير: «لقد أخفقت الحكومة في تنفيذ توصيات اللجنة بخصوص معالجة قضايا التمييز على أسس طائفية ومذهبية، غير أن الإخفاق الكبير في تفعيل توصيات اللجنة، يبدو على وجه الخصوص في غض الطرف عن محاسبة ومحاكمة كبار المسؤولين في أجهزة الأمن عن الانتهاكات الخطيرة التي وقعت خلال العام 2011، والاكتفاء بتقديم عدد محدود من الضباط ذوي الرتب الصغيرة أو الجنود للمحاكمة. وطبقاً للبيانات الرسمية، فإن التحقيقات والمحاكمات التي أُجريت بشأن جرائم القتل والتعذيب لم تسفر حتى منتصف العام 2012 إلا عن توجيه اتهامات إلى 21 من رجال الشرطة، بينهم عدد من الضباط، أعلاهم برتبة عقيد، ولم يتم إدانة وحبس سوى ثلاثة منهم حتى ذلك التاريخ».
وانتقد التقرير ما وصفه بـ «الهجوم» على منظمات حقوق الإنسان، وتعريض أبرز مدافعي حقوق الإنسان لملاحقات ومحاكمات تعسفية أدت إلى سجنهم، وبانتهاج تدابير وإجراءات متعنتة لمنع دخول ممثلي المنظمات الدولية إلى البلاد، ومحاولة تشويه صور المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب مشاركتهم في أنشطة الأمم المتحدة، والإيعاز إلى حكومات عربية لمنعهم من المشاركة في أنشطة إقليمية في دول عربية أخرى، ناهيك عن تزايد الاعتداءات على الصحافيين والمصورين والمراسلين الأجانب الذين تعرض بعضهم للترحيل، وذلك للحد من الانتقادات التي تطال السلطات.
وتطرق التقرير إلى قرار سحب الجنسية من 31 شخصاً، بزعم إضرارهم بأمن البلاد، ومن دون إخضاع هؤلاء الأشخاص لأي تحقيق قضائي يدينهم، بحسب ما أورد التقرير.
بيد أن التقرير لم ينفِ أن تطورات إيجابية - وإن كانت محدودة الأثر - قد حدثت على صعيد معالجة الأوضاع المتأزمة، وفقاً للتقرير، الذي أشار إلى تشكيل لجنة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، وإنشاء صندوق للتعويضات لضحايا الانتهاكات، وتسوية أوضاع المفصولين تعسفياً على خلفية أحداث 2011.

أما على الصعيد التشريعي، فأشار التقرير إلى أن السلطات اكتفت بإدخال تعديلات محدودة على قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات، تجرّمان بث بيانات أو أخبار أو إشاعات كاذبة في الخارج، فيما تجرم الثانية حيازة أو توزيع أو صنع أو لصق صور تسيء لسمعة البلاد، وأدخلت تعديلات على المادة «168» من القانون، والتي تعاقب على نشر أخبار كاذبة، إذ اشترطت أن يكون الفعل متعمداً، وأن يترتب عليه إحداث ضرر بالأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة.
كما أشار مركز القاهرة في تقريره إلى أن العام 2012 شهد تعديلات دستورية محدودة، تمنح البرلمان قدراً من الصلاحيات في مراقبة أداء الحكومة، وأتاح نظرياً للبرلمان الحق في سحب الثقة من الحكومة.
وتطرق التقرير إلى الانتهاكات التي طالت المدافعين عن حقوق الإنسان، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه على رغم النداءات والاحتجاجات الدولية المطالبة بإطلاق سراح 13 من الحقوقيين والنشطاء السياسيين البارزين الداعين إلى إصلاحات ديمقراطية، الذين صدرت بحقهم أحكام من قبل محكمة السلامة الوطنية، فقد ظلوا داخل السجون تنفيذاً للعقوبات.
وأشار التقرير كذلك إلى ما وصفه بـ «الممارسات الانتقامية» التي تعرض لها مدافعو حقوق الإنسان في البحرين خلال مشاركتهم في فعاليات الدورة الـ21 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذين تعرضوا - بحسب التقرير - إلى التهديد بالقتل والترهيب والتحرش، ناهيك عن تحريض وسائل الإعلام على الكراهية والعنف ضدهم.
وأورد مركز القاهرة في تقريره: «فرضت السلطات مزيداً من القيود بحق المنظمات الدولية، ومنعتها من دخول البحرين في عدة مناسبات، ففي 8 يناير/ كانون الثاني الماضي رفضت السلطات السماح لنائب مدير منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان، بدخول البلاد لحضور جلسة الاستئناف الخاصة بالعاملين في المجال الطبي في محكمة الاستئناف، كما أعلنت المنظمة في 12 أبريل/ نيسان الماضي، أن فريق عملها مُنع من دخول البلاد، وأن وزارة الصحة رفضت التصريح لها بتشغيل أي عيادات في البحرين».
وأكد التقرير أن السلطات البحرينية واصلت في استخدام القوة المفرطة بتصديها للاحتجاجات والتجمعات السلمية.

أما فيما يتعلق بانتهاكات حرية الرأي والتعبير، فأشار التقرير إلى ما اعتبره «مواصلة الضغوط» على حريات التعبير والإعلام، وعلى منتقدي الحكومة من المعارضين السياسيين، ناهيك عن تزايد الضغوط على الصحافيين، بما في ذلك الأجانب، بهدف التعتيم إعلامياً على الاعتداءات المتواصلة على أشكال الاحتجاج والتجمع السلمي، ناهيك عن الاحتجاز والملاحقة القضائية والاعتداءات الجسدية التي طالت عدداً من الصحافيين والناشطين السياسيين المعارضين.
ولفت التقرير إلى أن السلطات رفضت طلبات ستة صحافيين أجانب للحصول على تأشيرة لدخول البلاد، بالتزامن مع الذكرى الأولى لبدء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.
كما أكد أن ممارسات التعذيب والإيذاء البدني مازالت قائمة بحق المحتجزين، وأثناء إجراءات القبض على المتظاهرين والمحتجين، معتبراً التقرير أن هذه الممارسات شهدت تطوراً نوعياً بامتدادها على نطاق واسع إلى الأطفال، ناهيك عن وقوع حالات وفاة يرجح حدوثها نتيجة للتعذيب، وأنه مع ذلك، لم تشهد البلاد إجراءات جادة لتعقب ومحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب، وفقاً لما ورد في التقرير.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أنه وعلى رغم تأكيدات الحكومة بإنهاء مشكلات غالبية المفصولين من أعمالهم، لايزال مجموعة من المفصولين ينتظرون إعادتهم إلى أعمالهم، وأنه وفقاً لمصادر نقابية، فإنه طُلب من العديد ممن سمح لهم بالعودة إلى وظائفهم التوقيع على تعهدات بعدم العودة إلى الاحتجاج مرة أخرى، ناهيك عن تعرضهم للضغوط للتوقف عن نشاطاتهم النقابية، إضافة إلى الطلب منهم في بعض الأحيان القيام بأعمال ووظائف أخرى غير وظائفهم الأصلية.