انهيار الامن جزء من فساد المشروع

انهيار الامن جزء من  فساد المشروع
الثلاثاء ٣٠ يوليو ٢٠١٣ - ٠٩:٠٣ بتوقيت غرينتش

التفجيرات الدامية الاثنين في بغداد والبصرة والكوت والسماوة اعادت السؤال الكبير حول قضية الامن في العراق, وكيفية التصدي الامني للتحديات الارهابية في العراق.

كثيرون يريدون من الحكومة اجرءات قاطعة وحاسمة للتصدي للارهابيين, وتحقيق حد ادنى من الامن يسمح للامهات بالاطمئنان على اولادهن في شوارع بغداد, ويسمح للناس بالثقة بان ما يحملوه من مشاعر المسؤولية ازاء ابنائهم وقيامهم بالواجب الاجتماعي والاقتصادي, لن يتبدد بلحظة انفجار طائشة في شوارع بغداد, لم يعد اي احد يستطيع ان يعد بنهايتها.
لقد اعادت حادثة تهريب سجناء ابي غريب والتفجيرات بعدها القلق المشروع وفقدان الثقة الى درجة لم يعد يقنع بالتبريرات حتى القريبون من دائرة قرارها.
هل يجب العمل على اعادة ثقة الناس بالاجهزة الامنية ؟
هل يفيد المواطن ان يستعيد ثقته بهذه الاجهزة؟ ويعتمد عليها وينتظر اخبارها؟
ان اعادة الثقة بالاجهزة الامنية بعد الان معناه تناسي كل هذه الاختراقات وتجاهلها وتناسي كل التفجيرات التي حدثت وستحدث .
ماهو الحل اذن؟ هل نقطع عرى الثقة والامان بهذه الاجهزة وننتظر بيانات القاعدة وجبهة النصرة لنعرف ما يجري وما سيجري؟
هل يمكن ان يكون الخيار,هو الانفصال عن هذه الاجهزة ومسؤولياتها وتركها لوحدها في ساحة المواجهة؟
ان الخيار الحقيقي للناس هو فهم حقيقة الاشياء كما هي واتخاذ مواقفهم مبنية على حقائق ووقائع وليس اماني واوهام.
ومن اهم مفردات الفهم الواقعي ان الاجهزة الامنية هي جزء من منظومة المشروع السياسي العراقي الذي ركب على تشاركية, ومحاصصة لا يمكن ان يتحرك اي شيء فيه الا بموافقة الاطراف المؤثرة في المشروع, وهذا الضعف العام في اداء البرلمان والقضاء والحكومة هو مصاديق صغيرة تعبر عن ذلك البناء الذي تم تصميمه بيد الاميركيين والكويت والسعودية والقوى الكردية لابقاء العراق ضعيفا لعشرات السنين عقابا له على جرائم صدام التي كان ينفذها خدمة للاميركيين والغربيين .
ان ضعف الاجهزة الامنية لا يختلف عن ضعف البرلمان, ولا يفترق كثيرا عن فشل الكهرباء في الاشراق في بيوت العراقيين, ولا يختلف عن فشل القضاء في الحكم على ارهابي وجدوا في مجمدة بيته رأسا مقطوعا يتبرك برؤيته.
ان مخرجات النظام لا تختلف كثيرا عن مكوناته الاصلية وبما انه نظام تشاركي يعرقل بعضه بعضا فلا يمكن توقع قرارات حسم وقطع وعلاج اصلي للمشاكل.
ان توقع الحسم من نظام بني لكي لا يحسم, وهم, يجب ان نخلص عقولنا منه. وتوقع العلاج من مؤسسة مريضة صممت على ان تبقى ضعيفة وهم اخر لا يقع فيه العقلاء .
وهذا ما يجعل العراقيين بين خيارين, اما الاعتماد على انفسهم في امنهم على طريقة العشيرة والطائفة والمذهب وتحويل العراق الى كانتونات مغلقة لا يدخلها من غير جنسها المذهبي والعرقي والمناطقي, او العمل على حكومة غالبية سياسية تستطيع ان تفعل كل ما تريد فيفشل والى الابد المشروع الاميركي في تفتيت الدول وتقسيمها واضعافها.
والى ان يحين موعد ذلك سواء بانقلاب عسكري يوقف العمل بالدستور ويذهب الى انتخابات مبكرة, او انتظار موعدها الدستوري يمكن القول ان الصبر المنقوع بدماء الابرياء هو خيار العراقيين الوحيد.

* كامل الكناني