هل تكرر الولايات المتحدة سيناريو العراق في سوريا ؟

هل تكرر الولايات المتحدة سيناريو العراق في سوريا ؟
الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٦:٢١ بتوقيت غرينتش

يبدو أن الولايات المتحدة مصممة على تكرار سيناريو العراق في سوريا بعد أن فشلت جهودها وجهود حلفائها في اسقاط النظام في سوريا خلال اكثر من عامين . وتواصل وسائل الاعلام الامريكية والاوروبية قرع طبول الحرب وشحن الاجواء وتكرار مقولة توجيه ضربات جوية محدودة الى سوريا بذريعة استخدامها الاسلحة الكيمياوية في قصف المعارضين بالقرب من دمشق.

واتهمت الولايات المتحدة سوريا بالوقوف وراء الهجوم الكيمياوي على غوطة دمشق ومحاولة اخفاء الادلة عبر قصف المنطقة. ولكن البيت الابيض اعلن بان الرئيس باراك اوباما لم يتخذ قرارا بتوجيه ضربات جوية حتى الان .

وتظهر تصريحات المسؤولين الاوروبيين بان الدول الاوروبية تريد  المشاركة في الهجوم الجوي على سوريا الى جانب الولايات المتحدة للحصول على مزيد من المكاسب المادية كما حصل سابقا في العراق وليبيا .

ولكن قرع طبول الحرب يحدث في وقت يواصل المفتشون الامميون زيارة المواقع التي تعرضت للقصف دون أن يعلنوا حتى الان انتهاء مهامهم والاعلان عن نتائج فحوصاتهم للعينات التي أخذوها.

وتاتي الاستعدادات الامريكية والاوروبية للحرب في وقت فشلت فيه قوات المعارضة الممولة من الولايات المتحدة والغرب والانظمة العربية الاطاحة بالنظام أو تحقيق انتصارات ملحوظة على الارض ، رغم الدعم المالي واللوجستي والتسليحى الامريكي والاوروبي والعربي ،  واليأس الذي يستولى على الممولين الدوليين من هزيمة قوات المعارضة وبعد تعبئة الارهابيين وجلبهم الى سوريا من اجل العمل لاسقاط النظام.

في هذه الاثناء عقد وزير الخارجية السوري وليد المعلم مؤتمرا صحفيا في دمشق يوم الثلاثاء شرح فيه ما قامت به دمشق بالتعاون مع المفتشين الدوليين كما اشار الى التهديدات الامريكية والاوروبية لضرب سوريا مؤكدا على ان الجيش السوري سيرد على العدوان اذا تم ، نافيا استخدام الاسلحة الكيمياوية ضد المعارضة والمواطنين السوريين.

ويقول المراقبون ان الولايات المتحدة غير واثقة من نجاح تكرار السيناريو العراقي في سوريا لان ظروف سوريا تختلف عن ظروف العراق في عهد صدام حسين و لانها لا تريد التورط في مستنقع جديد بعد تخلصها من المستنقعين الافغاني و العراقي وتحملها خسائر فادحة في الافراد والمعدات.

ولكن الامريكيين واثقون من أن دول النفط في الخليج الفارسي، سوف تتحمل العبء المالي لاي هجوم امريكي اوروبي على سوريا، وان المال السعودي لوحدة قادر على تغطية تكاليف الحرب على سوريا، لان السعوديين مصممون على ربح الجولة الاخيرة بعد اخفاقهم طيلة السنتين من الحرب ضد النظام في سوريا.

كان الامير بندر بن سلطان الذي يتولى بنفسه الملف السوري قد زار روسيا والتقي المسؤولين فيها وخاصة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقترحا عليه إغراءات مادية كبيرة مقابل تخليه عن دعم النظام في سوريا ولكن الرد الروسي كان مخيبا للامال، ولم يحقق بندر ما كان يتوقعه من القيادة الروسية من الموافقة على الاقتراح السعودي.

وكانت الجهود السعودية قد جاءت بعد فشل كافة المحاولات الدبلوماسية الامريكية والاوروبية والعربية لاسقاط بشار الاسد وتهيئة المجال للانتقال السلمي للسلطة والسبب في ذلك الخلاف بين واشنطن وموسكو حول تنحي الاسد وحول ادارة المرحلة الانتقالية بعده. وتصر الولايات المتحدة على تخلي بشار الاسد عن السلطة بينما تصر روسيا على ان يبقى الاسد أونظامه في السلطة.

وتحتاج الولايات المتحدة الى صدور قرار من مجلس الامن الدولي لغزو سوريا، ولكن روسيا صوتت ثلاث مرات ضد قرارات من مجلس الامن لادانة سوريا وفرض عقوبات تجارية ونفطية ومالية عليها .

ونتيجة للخوف من انتشار الإرهابيين، ترددت واشنطن في دعم بعض الجماعات الارهابية ، خاصة الجماعات التي تمولها كل من (قطر، والسعودية، والكويت، وليبيا)، لأن أغلبها يعد تابعاً للجهادية السلفية.

ومنذ فرض الحرب على سوريا لم ترسل الولايات المتحدة أسلحة فتاكة إلى سوريا، بل كانت معظم المساعدات غذائية وطبية خوفا من وقوع الاسلحة بيد الارهابيين المتطرفين .

ويتوقع المراقبون ان تستخدم واشنطن الحل العسكري لتدمير مخازن الأسلحة وخاصة الاسلحة الكيمياوية، وتدمير المنشآت الحيوية للنظام في سوريا، من أجل اضعاف النظام والسماح للمعارضة بالقيام بدور اكبر في الحرب. ومن السيناريوهات المطروحة ، إنشاء منطقة حظر جوى للطيران في سوريا، وسيترتب عليها العمل مباشرة مع قوات المعارضة السورية، من خلال تقديم المساعدا ت لها.

ان الولايات المتحدة تريد بالقيام بعمل عسكري ضد سوريا لاظهار دورها في الشرق الاوسط واثبات قدرتها على العمل من أجل كسب ثقة المعارضة التي طالما انتقدت الموقف الامريكي ووصفته بالمهلهل والفضفاض.

ويرى المراقبون بأن الولايات المتحدة تخشى من ردود الفعل السورية والروسية التي لا يمكنها  التنبؤ بها، خاصة وان الضربة الجوية لاهداف سورية، لا يمكن ان يمر بدون رد فعل من جانب  القوات المسلحة السورية المزودة بأحدث المضادات الجوية وأنظمة صاروخية روسية الصنع لم تستخدمها حتى الان ، وكانت سوريا التي صمدت أكثر من عامين في وجه تحالف عربي ، امريكي ،  اوروبي ، تركي قد هددت بالرد على أي هجوم عليها ردا مزلزلا .
 

*شاكر كسرائي