كما أراها.. هذه ايران..(2)

كما أراها.. هذه ايران..(2)
السبت ٠٩ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٧:١٧ بتوقيت غرينتش

الساحة السياسية الايرانية وقراءتها من اصعب الموضوعات، وتعقيداتها تزداد لتداخل الديني والفكري والاجتماعي بالسياسي.

فمع انتصار الثورة وخروج التنظيمات المسلحة من سجون الشاه، كانت الساحة مليئة بالتنظيمات العلمانية اليسارية واليمنية التي كانت على هامش التحرك الثوري الجماهيري السلمي الذي لم يقم على اساس حزبي، فقوى الثورة كانت ضمن تيار واحد يمثل افكار الامام الخميني(رحمه الله) وبعضها له تجربة تنظيمية متواضعة، كـ"فدائيو الاسلام"، و"هيئات المؤتلفة الاسلامية"، وجماعة "منصورون" وآخرون، في حين ان التنظيمات العلمانية كانت تتصدرها احزاب مثل "تودة" الشيوعي و"جماعة خلق الارهابية" التي تجمع بين الماركسية والاسلام! وفدائيو خلق(الشعب) اليساري المتطرف، بجناحيه الاكثرية والاقلية، و"الجبهة الوطنية" القومية و"حركة تحرير ايران"(الاسلامية المنشقة عن الجبهة الوطنية) التي امسكت مع حليفها القومي (الجبهة الوطنية) بزمام الامور من خلال حكومة المهندس"مهدي بازركان" المؤقتة، اضافة الى مجموعات مسلحة اخرى مثل "فرقان" والمسؤولة عن اغتيال العديد من كوادر الثورة ورجالاتها، والتنظيمات الانفصالية في كردستان وخوزستان وبلوجستان وغيرها.

هذا الفراغ التنظيمي الاسلامي عبرت عنه القوى الثورية بتأسيس حزب "الجمهورية الاسلامية" بعيد انتصار الثورة مباشرة، والذي جمع كوكبة من رموز خط الامام وكان في قيادته شخصيات مثل: الامام الخامنئي والشهيد بهشتي والشيخ رفسنجاني والسيد الاردبيلي والشهيد باهنر وآخرون.

لكن الحزب الذي كان يمثل طيفا من الشخصيات تختلف في اتجاهاتها الفكرية والسياسية لم يستطع الاستمرار في اجواء حرب شعواء شنتها عليه التنظيمات العلمانية وفي مقدمتها جماعة خلق، وصلت الى حد تفجير مقره المركزي في حادثة 7 تير المعرفة عام 1981 والتي راح فيها 72 شهيدا في مقدمتهم امين عام الحزب السيد بهشتي وعشرات النواب والوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة، في حين كانت النظام الفتي يسحب الكوادر التنظيمية الى مؤسساته لتثبيت اركان دولة بوسع ايران وحجمها.

وخلال السنتين الاولى من عمر الجمهورية الاسلامية والتي وصلت فيها حرية التحزب في ايران بعد الثورة الى حد الانفلات ـ بما تعنيه الكلمة من معنى ـ كشفت معظم التنظيمات العلمانية خلالها عن حقيقتة تبعيتها للاجندة الخارجية والعداء لقيم الثورة واهدافها التي اتفقت كلمة الشرق والغرب على مواجهتها، لكن يقظة القيادة وقوة التيار الثوري استطاعت لفظ كل تلك الوجودات المعادية لارادة الشعب وقيم الثورة.

وبقيت الساحة السياسية الداخلية تتقاسمها قوى الثورة والقريبة منها، مثل حركة تحرير ايران ومنظمة مجاهدي الثورة الاسلامية المنشقة قبل الثورة عن جماعة مجاهدي خلق، لكن جماعة العلماء المناضلين(روحانيت) برزت كاكبر تنظيم ديني غير مسجل (على طريقة الاخوان المسلمين في مصر) واكثرها تاثيراً فقد ضمت ولا تزال شخصيات كبيرة ومؤثرة مثل: الشيخ مهدوي كني والشيخ رفسنجاني والسيد الاردبيلي والشيخ المرحوم توسلي والشيخ ناطق نوري والسيد خوئينيها وآخرون، ثم انقسمت الجماعة على نفسها واصبح بجانبها(والتي عرفت باليمين) مجمع علماء الدين المناضلين(روحانيون) الذي عرف باليسار.

كان اليمين واليسار في ايران بعد الثورة يختلف عن اليمين واليسار التقليديين في سائر بلدان العالم، فهناك افكار يمينية يتبناها اليسار وافكار يسارية يتبناها اليمين، موضوعات تدور في معضمها حول ثلاثة محاور رئيسية:
1 ـ الثقافة والقيم الاسلامية والوطنية،
2 ـ السياسة الاقتصادية ومناهج التنمية،
3 ـ السياسة الخارجية.

يتبع...

مروة ابو محمد