كما اراها.. هذه ايران..(3)

كما اراها.. هذه ايران..(3)
الإثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٦:١٦ بتوقيت غرينتش

... استمرت الاوضاع على هذا المنوال ( تقاسم الساحة السياسية بين اليمين واليسار الثوريين) حتى نهاية الحرب المفروضة من قبل نظام صدام حسين عام 1988 وحتى الانتهاء من تعديل الدستور وتحول النظام من برلماني الى رئاسي ومجئ الشيخ هاشمي رفسنجاني لرئاسة الجمهورية، حيث كانت الحكومة قبل ذلك بيد اليسار.

ومع حكومة الشيخ رفسنجاني ودخول مفاهيم جديدة كالانفتاح الاقتصادي والثقافي والاستقراض وتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي، ظهرت تغييرات ثقافية واجتماعية وديموغرافية كبيرة في ايران، وكان اليسار يعد لعملية تحول كبيرة من خلال سيطرته على واحد من اهم مراكز البحث في الدولة، اي مركز البحوث الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية!

تحول انتهى باليسار الى الاصلاح، فاصبح ليبراليا في السياسة والثقافة وتخلى عن فكرة تصدير الثورة، لكنه تبنى بعض الوفاء ليساريته اقتصادياً منطلقا من نقده لسياسة حكومة الاعمار التي قادها الشيخ رفسنجاني... هذا التحول اليساري شهده اليمين ايضا ولكن بشكل آخر.

كان هناك حدثين مهمين اثرا في خارطة اليمين: الاول، رجوع اعداد غفيرة من الشباب والكوادر التي ادارة دفة الحرب الى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، بما تحمله من قيم ثورية ودينية، والثاني، بعض النتائج الثقافية والاقتصادية التي انتهت اليها سياسة حكومة الاعمار والتي شقت اليمين التقليدي الى يمينين، احدهما معتدل تجلى في حزب"كوادر البناء" وآخر تقليدي تقوده "روحانيت" وصحيفة "رسالت" و"المؤتلفة".

وبهذا الشكل، تحول اليمين الى ثلاثة اتجاهات:  معتدل وتقليدي ومبدئي مثله تنظيم "انصار حزب الله" وصحيفة "شلمجة" التي كان المخرج الايراني الحالي "مسعود ده نمكي" مديرها.
الامر الذي ادى الى خسارته امام اليسار(الاصلاحي) في الانتخابات الرئاسية عام 1997.

وفي المشهد الاخير، اي في آخر انتخابات رئاسية جرت في يونيو حزيران من هذا العام (2013) ائتلف اليمين المعتدل مع الاصلاحيين، فيما اختلف اليمين بين تقليديين ومبدأيين ومبدأيين جدد.

وبشكل عام فان الساحة السياسية الايرانية تمتد من اقصى الاصلاح الديني حتى نهاية اليمين، مرورا بالعديد من التيارات الوسطية.

وتبقى الموضوعات الثلاث التي اشرت اليها في نهاية المقال السابق، اي:
1 ـ الثقافة والقيم.
2 ـ السياسة الاقتصادية.
3 ـ السياسة الخارجية.
هي التي تفرق هذه التيارات عن بعضها وتجمعها في اصطفاف واحد.

وبالطبع، لكل اتجاه او تيار مواقع نفوذه والمؤسسات التي يسيطر عليها ومنابره الاعلامية المختلفة ومساحات تقليدية في الشارع الايراني.

ومهما يحاول البعض اتهام ايران بالصوت الواحد فان الواقع الايراني الديني والسياسي والثقافي والاقتصادي يرد على ذلك، ولعل الانتخابات الرئاسية الاخيرة خير دليل على ما ذهبت اليه، ايران بلد التعدد فلا يمكن ان تكون غير ذلك.

مروة ابو محمد