أبو طبر السعودي

أبو طبر السعودي
السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٦:١٥ بتوقيت غرينتش

ينقل لنا عراقيون عاشوا ايام حكومة صدام حسين في العراق ، بان ظاهرة انتشرت في العراق أيام حكومة البعث العراقي ، وهي ظاهرة ابو طبر حيث أشاعت جهات أمنية عراقية خبرا بين المواطنين ان أبو طبر يخرج ليلا في مناطق من بغداد ويقوم بارتكاب جرائم باستخدامه الطبر ويقتل مواطنين ابرياء .هذه الظاهرة استمرت شهور واخافت ابناء العاصمة العراقية بحيث كان الناس يسهرون الليالي خوفا من ابو الطبر .

كان ابو الطبر كما كانت تروج لها وسائل الاعلام التابعة للنظام انذاك يقتل مواطنين ابرياء كل ليلة وقد اثارت الاخبار خوف وهلع المواطنين بحيث كانوا يسهرون الى الصباح ويحملون معهم انواع الاسلحة لمواجهته ان ظهر امامهم واراد ان يقتلهم ، بينما كانت الحكومة العراقية تقوم باغتيال وقتل معارضيها وتلقي باللائمة على ابو الطبر.

وهكذا نرى اليوم يخرج ابو الطبرالاجنبي في المدن السعودية ويقوم بمهاجمة المواطنين بالسكاكين بسبب الحملة الحكومية ضد المقيمين الاجانب وخاصة العمال الفقراء الذين يعملون على الاراضي السعودية .

وهذا ما كتبته صحفية سعودية في مقال لها في صحيفة الحياة السعودية التي تشارك الصحيفة بكتابها في الحملة وتؤيد حملة وزارة الداخلية لطرد العمال الاجانب من السعودية بسبب تزايد اعدادهم يوما بعد يوم.

لا أدري هل ان الحملة على العمال الاجانب هي حملة تستهدف طرد العمالة الاجنبية غير النظامية أم ان وزارة الداخلية تريد الهاء الشعب عن قضايا تحدث في السعودية ، لا تريد ان ينتبه الشعب اليها ، بل تريد ان تشغلهم عن قضايا تدبر بليل.

وقد تناقلت الاخبار خلال الايام الماضية عن اشتباكات وقعت بين قوات الامن السعودية والعمال الاجانب الذين امهلوا فترة قصيرة للخروج من الاراضي السعودية كما ذكرت الانباء عن اعتقالات بين صفوف العمال الاجانب .

والحكومة السعودية لا تفرق بين العمال الاجانب سواء كانوا عربا أو غير عرب بل ان الحملة عامة ضد الاجانب بعد عشرات السنوات من اقامة العمالة الاجنبية .
ويقول صحفي سعودي ان العمالة الاجنبية مسؤولة عن مشاكل السعودية الاجتماعية والاقتصادية، وان وجودها بمثل هذه الاعداد الضخمة في المملكة سبب كل المشاكل،واعتبر ان الاجانب هم ” الفيل الكبير في البيت السعودي ” الذي يجول في المكان فيربك السعوديين.

ويرى الصحفي السعودي ان ثلث سكان معظم المدن السعودية هم من العمالة الاجنبية وان التخلص منهم سيريح هذه المدن وبنيتها ” المتهالكة”.
ويرى ايضا ان هذه العمالة الاجنبية حرمت الشباب السعودي من التدرب على العمل والتدرج فيه وشوهت العلاقات الاجتماعية السعودية.

ولكن الصحفي السعودي لم يذكر من هو المسؤول عن وجود هذه الأعداد الضخمة من العمالة الاجنبية الرخيصة وعن السبل الناجعة لاخراجها .
ويرى صحفي عربي عاش في السعودية  بان العامل الذي اشترى تأشيرة من أحد تجار التأشيرات السعوديين ودفع بها كل مايملك واستدان ليأتي للعمل في المملكة، لم يجد هناك عمل، وأنه يجب ان يبحث عن أي عمل لا ليعيش ويوفر وليرسل لأهله فقط، بل ايضا ليدفع لكفيله مبلغا شهريا مقابل ان يتركه يعمل.

فوزارة العمل السعودية أصبحت تتشدد في منح تأشيرات عمل واستقدام  خصوصا للشركات ومؤسسات القطاع الخاص،بينما لا تستطيع أن تفعل شيئا أمام “مافيا تجارة التاشيرات الذين يحصلون بواسطة أشخاص متنفذين، على تأشيرات استقدام عمالة ” زراعية ومنزلية” . لذا تضطر العديد من شركات المقاولات الصغيرة إلى الاستعانة بهذه العمالة السائبة حتى لا تتعثر مشاريعها .

ظاهرة العمالة الاجنبية موجودة في السعودية كما هي موجودة في الدول العربية في الخليج الفارسي ، ولكن كل دولة تحاول معالجة الظاهرة  حسب الاوضاع والاحوال في تلك الدولة.
ففي البحرين تحاول الحكومة البحرينية زيادة أعداد العمالة الاجنبية من أجل تغيير نسبتهم بالمقارنة مع السكان الاصليين ، كما انها تمنح الجنسية البحرينية للاجانب لزيادة اعدادهم ، من اجل مواجهة اعداد السكان الاصليين .

وبعض الدول العربية في المنطقة تزيد اعداد العمال الاجانب من اجل مساعدة السكان الاصليين للتربح من تجارة التاشيرات كما هو الحال في الامارات .اذ يجبر الاجنبي على مشاركة الاماراتي في اي مشروع يمكن ان يقيمه في الامارات ويحصل الاماراتي على نصف الربح دون القيام باي مجهود يذكر.

وقد اثار طرد العمال الاجانب من السعودية مشاكل للمواطنين السعوديين اذ ان الصحفية السعودية التي اشرنا اليها تتحدث عن إشاعات تروج في وسائل الاعلام وتتحدث عن  اعمال شغب قام بها عمال إثيوبيون في حي منفوحة بالرياض ، أو ان  عمالاً يحملون السكاكين ويعتدون على مواطنين، ومواطنين يخافون فيحملون العِصيّ لحماية أنفسهم.

يبدو ان الحملة على العمال الاجانب ترافقها حاليا اشاعات عن اعمال عنف يقوم بها العمال الاجانب ولا يعرف أهدافها ومغزاها ، ولكن هذه الحملة التي تقوم بها وزارة الداخلية بهذه الصورة ، يمكن أن تتضمن أهداف اخرى  تريد الوزارة تحقيقها بذريعة تواجد عمال غير شرعيين ، وستكشف الايام القادمة حقيقة هذه الحملة .

*شاكر كسرائي