لماذا تتجسس أميركا على العالم ؟

لماذا تتجسس أميركا على العالم ؟
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٢:٥٥ بتوقيت غرينتش

التجسس الأميركي على العالم حقيقة لم يعد أحد قادرا على تجاهلها حتى الأميركيين أنفسهم . ففضيحة التنصت على مليارات الاتصالات الهاتفية في العالم وبين بينها اتصالات زعماء سياسيين وقادة دول تفجرت أخيرا في وجه إدارة أوباما ولكن بعد الضجة المثارة وردود الفعل من هنا وهناك اكتملت الصورة الكل يتجسس على الكل .

تقرير... لم يعد العالم قرية صغيرة وحسب بل أصبحت بيوت هذه القرية من زجاج، وثيقة سرية جديدة سربها المحلل الاستخباري الأميركي السابق إدوارد فرودن، يعود تاريخها إلى عام 2006 تشير إلى أن أميركا تجسست على المحادثات الهاتفية لـ 23 من زعماء العالم بحسب صحيفة الغارديان.

بدأت رقعة عمليات التنصت الأميركية تتسع، اختراق البيانات الشخصية لم يعد يشمل الأميركيين فقط بل تعداهم إلى دول أخرى حتى الحليفة منها، فبعد لندن وباريس والمكسيك والبرازيل تركة عمليات وكالة الأمن القومي الأميركية بصمتها على العلاقات بين واشنطن وبرلين.

مجلة ديرشبيغل نشرة معلومات عن مراقبة الولايات المتحدة الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

اهتزت الثقة بيننا، غير مقبول أن تتعرض المستشارة ميركل مع غيرها للتنصت لأكثر من عشر سنوات، بتلك الكلمات خرج رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي الألماني ألمار بروك من اجتماعه مع نواب أميركيين ضمن الوفد الذي قصد واشنطن للبحث في فضيحة التنصت.

ما يجب أن يكون هناك تجسس بين الاصدقاء، هذا ما سبق أن قلته للرئيس أوباما في يوليو الماضي.

كشفت مجلة بانوراما الإيطالية في عددها الصادر الخميس أن التجسس الأميركي طاول حتى الفاتيكان والبابا شخصياً، الصحف الأميركية والأوروبية ما تزال مسرحاً للاتهامات والاتهامات المتبادلة بالتجسس بين الحلفاء والأصدقاء. فقد أكدت مجلة شتيرن أن ثلاثين شركة أميركية تمارس التجسس في ألمانيا وتساعد خصوصاً في تحليل عمليات التنصت أو في تنسيق مهمات عملاء سريين.

فجريدة لوموند نشرت مطلع الأسبوع معلومات عن عمليات تجسس واسعة النطاق على مواطنين فرنسيين وشخصيات مرتبطة بعالم الأعمال والسياسة في فرنسا.

تقارير فرنسية تفيد بان وكالة الأمن القومي جمعة 70 مليون تسجيل لبيانات هواتف فرنسية خلال ثلاثين يوماً.

فقد خرجت وزارة خارجية إسبانيا لتصف 60 مليون عملية تنصت عليها بالأمر الغير المقبول بين الدولتين.

سبب الكشف عن إقدام وكالة الأمن القومي الأميركي على عمليات تجسس كثيفة، على الاتصالات في فرنسا وأسبانيا والتنصت المحتمل على الهاتف الشخصي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في أزمة دبلوماسية مع حلفاء واشنطن.

متحدث باسم ماركيل قال إنها ترى أن مثل هذه الممارسات غير مقبولة أبداً ودعت ميركيل المسؤوليين الأميركيين إلى إيضاح حجم نشاطاتهم للتنسط في ألمانيا.

على كل حاولت إدارة أوباما احتواء فضيحة تجسسها على حلفائها ولا سيما في أوروبا فقلبت الصورة رأسا على عقب ولم تكتف باتهام الاستخبارات في الدول الأوروبية بالتجسس بدورها على الويات المتحدة  بل وضعتها في موقع العميل لها عبر تجسسها على بلادها لصالح الاستخبارات الأميركية .

للإضاءة أكثر على هذه القضية أرحب بالكاتب والمحلل السياسي د. أحمد جمعة، أهلاً بك.

س: د. جمعة أميركا تجسس على العالم ولا سيا على حلفائها في أوروبا، ماذا يعني ذلك من منظار علاقات الولايات المتحدة مع هؤلاء الحلفاء؟

ج: أنا لا أرى موقع للاستغراب في هذا المجال أن تتجسس أميركا على حلفائها هذا شيء طبيعي، أنها أميركا وأنها تحتسب أنها تحكم العالم، وفي التقرير أنها تتجسس على 35 شخص من زعماء العالم لأنها تعتبر الباقين غير زعماء، فتتجسس على كل أنحاء الدنيا، وتتجسس لسببين، تتجسس لسبب أمني وهو غير ليس أولوية بدليل رغم تجسسها حصلت 11 سبتمبر ورغم تجسسها تحصل العمليات في العالم، اما التجسس الأساسي تجسس اقتصادي هي تتبع من يتفق مع من، من يبيع من، من ينجز صفقات طائرات مع من، من يبيع سلاح لمن، كيف تتحرك البورصات العالمية، كيف تتحرك الأموال للتدخل بالموضوع الاقتصادي لجني الأرباح، وما التأكيد على التجسس على المستشارة الألمانية لأن ألمانيا لديها الكثير من الأموال، ولديها الكثير من المصالح، ولديها الكثير من الصناعات والتصدير. وهناك تجسس على الصينيين، وهناك تجسس على اليابانيين أيضاً، ولكن في اليابان وفي الصين هناك صمت بالموضوع لأن الرأي العام الياباني لن يقبل بهذا الموضوع.

س: تاريخ أميركا في التجسس قديم برأيك د. جمعة، ولكن واضح أن الأميركيين تجسسوا على أوروبا ولكن أن يصل الأمر إلى التنصت على الاتصالات الهاتفية للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل وهي حليفة أوباما فهذا بالطبع يحتاج إلى توضيح؟

ج: حليفة أوباما الأميركيون لا يعترفون بحلفاء، يعترفون بمصالحهم فقط، انجلا ماركيل ليست عدوة أمنية، إنما عدوة اقتصادية، ألمانيا منافس أساسي لأميركا في السواق العالمية في الصناعات الثقيلة وفي السلاح وفي البترول وفي كل هذه الأمور، لذلك التجسس عليها يعتبر واحدة من مصالح أميركا، وليس هناك أي استغراب لهذا الموضوع.

في تقريركم أيضاً ورد أن التجسس منذ عشر سنوات، نعم هم يتجسسون منذ سنوات، الآن عرفنا بالفضيحة، أما الفضيحة فهي موجودة ليس منذ عشرات السنين، موجودة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكل الناس تعرف إسرائيل لها مراكز ضخمة وكبيرة في أوروبا، هذه المراكز لم تكن مجهزة بوسائل اتصال حديثة، الآن أصبح هناك وسائل اتصال حديثة. في الهواتف الزكية، مثلاً هناك هاتف زكي يتحرك على الصورة أو إن نظرت للهاتف يفتح الهاتف، هذه صورتي فوراً تتأرشف في محل، ويوجد أمور أخرى على البصمة بمعنى أن بصمتي تفتح الهاتف، هذه البصمة مجرد وضعها تذهب إلى مكان للتأكيد هذا الإنسان له علاقة في الموضوع الأمني، له علاقة بالموضوع الاقتصادي، ولا يوجد عند الأميرككان أريد أن أقول في هذا الإطار ليس لديهم مستشارة ووزير، الآخر هو آخر، بغض النظر عن رتبته بالنسبة للأمريكيين.

تقرير... خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، هذا ما اعتمدته الولايات المتحدة في مواجهة الاتهامات الأوروبية لها بالتجسس في إعلانها أن المخابرات الأوروبية هي من زودتها ببعض المعلومات المسربة المثيرة للجدل.
أدركت الولايات المتحدة أنه لا خلاص من الاتهامات الأوروبية إلا بخلط الأوراق فاتهمت استخبارات حلفائها الأوروبيين بالتنصت لحساب الأميركيين

وقال مدير وكالة الأمن القومي الأميركية كيث ألكسندر إن التجسس الهاتفي قامت به أجهزة الاستخبارات الأوروبية ثم سلمته للوكالة الأميركية

فيديو...خطوة ألقت واشنطن بعدها بالكرة في ملعب الأوروبيين لتنهي أياماً من الصمت تحت وطأة الاتهامات السياسية والإعلامية الأوروبية الغاضبة، انكفأت فيها خلف الاتصالات الدبلوماسية، هذا التطور في الموقف الأميركي تزامن وما نشرته صحيفة ورل ستريت جورنال بأن عمليات التجسس الهاتفية لايت تمت في فرنسا وإسبانيا المنسوبة إلى وكالة الأمن القومية الأميركية قامت بها أجهزة الاستخبارات الفرنسية والإسبانية قبل تقاسمها مع الوكالة الأميركية.
مدير المخابرات الأميركية جيمس كلابر فبرر التجسس على الحلفاء الأوروبيين بأنه مبدأ أساسي في العمليات الاستخباراتية

هذه الفضيحة في الواقع هي ليست فضيحة إلا لأنها انكشفت، الجميع متواطؤون في أوروبا تحت ذريعة مكافحة الإرهاب في تبادل هذه المعلومات وفي وضع خبراتهم التجسسية تحت تصرف الولايات المتحدة
وعليه رأت مجلة "كومنتاري" الأميركية أن غضب القادة الأوروبيين من التجسس عليهم لا محل له من الإعراب وأنه للاستهلاك الجماهيري
وطالبتهم بإظهار شيء من النضج قائلة : اكبروا أنتم فقط تفتقرون إلى المصادر والإمكانات التي تؤهلكم للتجسس بالكفاءة نفسها التي تتجسس بها وكالة الأمن القومي الأميركية. ولكنكم لو امتلكتم هذه الإمكانيات لما توانيتم عن إتيان ما تؤاخذوننا عليه في أميركا.

هكذا وبكل بساطة تبرر الولايات المتحدة تجسسها على حلفائها الأوروبيين كيف يمكن تفسير ذلك د. جمعة؟

ج: قالت اكثر من ذلك، مدير المخابرات الأمريكية قال أن تجسسنا عليكم أنقذكم من عمليات اغتيال، وأنقذكم من انفجارات في بلادكم، وذهب باتجاه الوضع الأمني فقط، وهم يعرفون الأوروبيين أن الموضوع الأمني هم صامتون مئة في المئة عن التجسس الأميركي في الموضوع الأمني، هم مشكلتهم في الموضوع الاقتصادي والموضوع المالي هناك المشكلة، والأميركي يتهمهم بالتقصير لأنهم لا يستطيعون حماية أنفسهم بلا الشريك الأميركي، والاستخبارات الأميركية الأوروبية تعمل فعلاً لصالح المخابرات الأميركية وتعمل لصالح الاستخباراتتين، الاستخبارات الإسرائيلية تحت عنوان الوضع الأمني، والاستخبارات الأميركية تحت عنوان الوضع الأمني، ومن هناك يدخل الأميركي على الوضع الاقتصادي، هو ليس بحاجة لأن يفسر للأوروبيين عمله، هو عليه إذا أرادوا الأوروبيين أن يحموا أنفسهم عليهم بحماية أنفسهم، لماذا لم يختبؤا من التجسس الأميركي وهم يعلمون علم اليقين أن الأميركي يراقب جميع تحركاتهم.

س: د. برأيك هل بات التجسس سمة سياسات الدول التي تدعي تعمل على حماية الحريات الفردية وحقوق الإنسان الخاصة؟

ج: طبعاً حقوق الإنسان هي نكتة، ونكتة سمجة، حقوق الإنسان إذا كنا نتكلم عن حقوق الإنسان فكل إنسان في العالم هو إنسان، نحمي حقوق الإنسان الأميركي والأوروبي والإنسان في أفغانستان والعراق وسورية ليس إنساناً!. الكلام عن حقوق الإنسان كلام سمج، هم التجسس هو شيء مشروع وأعتقد أن إثارته في هذا الوقت، هناك استغراب يذهب سنودن من أميركا ومن ثم تظهر هذه المعلومات، وكأن سنودن كان هو الملهم هو النبي الذي نزل وأفشى هذا السر.

س: هل الازدواجية الأميركية التاريخية المعهودة برأيك؟

ج: طبعاً سنودن هو إشارة لنشر هذا الكلام ولإقناع الدنيا كلها أن أميركا تتجسس، فأميركا هي فوق العالم، وأميركا قادرة على أن تعرف كل شيء في هذه الدنيا، ليس مصادفة الإفراج عن هذه المعلومات في هذه اللحظة التاريخية التي تعاني فيها أميركا من الموضوع النفوذي ومن الموضوع المالي.