الشياطين تعظ ، الشياطين تحب الدم

الشياطين تعظ ، الشياطين تحب الدم
الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٢:٤٧ بتوقيت غرينتش

ما هو المنشط الذي يتناوله القرضاوى حتى لا ينام أبدا ، لعل الرجل يغتسل بالدم و يلعق الدم حتى لا يغمض له جفن ، و لعله قد شرب حد الثمالة من نافورة الدم القطرية فصار وحشا في هيئة إنسان ، و لعله قد عثر في بعض كتبه النجسة على خليط عجيب مسموم تناوله ليصبح بهذه الشاكلة الوحشية الدموية ،

الرجل لا ينام و لا يهدأ أبدا كأن سوريا و دماء الشعب السوري قد أصبحت بالنسبة إليه الوجبة اليومية التي لا ينقطع عنها حتى لا يموت بالسكتة الدموية ، الرجل كتلة من الشر المتحرك و لسان جبل على قول ما لا يجب أن يقال من مسلم معمم ، و هو لا يكتفي بنشر ثقافة الكراهية و الفتنة ، فهو يسعى إلى إيقاظها متناسيا أن هناك لعنة تصيب موقظ الفتن ، و ما استقباله لهيئة المنكر أو ما يسمى بالائتلاف السوري إلا دليل فاضح على إتيانه الخطيئة بالليل و النهار حتى تعم الفوضى و تأتى النار القطرية على الأخضر و اليابس في سوريا .

في علم الرياضيات النتائج ثابتة لا تتغير أبدا لأنه علم يستند على منطق ثابت لا يتغير ، هذا ما يقوله الفكر الإنساني و ما علمناه في كتب الرياضيات ، لكن ما حصل منذ ساعات أمام السفارة الإيرانية بلبنان يدفعنا للقول بخطأ هذه النظرية العلمية الثابتة ، لأنه لم يكن يدور بخلد أحد من العقلاء أن يقفز النظام السعودي ، بما يسوقه من فضيلة متأصلة و احترام للعلاقات بين الدول ، على المنطق الثابت الذي لا يتغير الذي يشبه في استقراره علم الرياضيات و هو مبدأ احترام السفارات الأجنبية و احترام الدول المضيفة لتلك السفارات و القنصليات ، لأنه كما في الرياضيات من يقوم بخطأ في هذا المجال ينتهي إلى نتائج و عواقب خاطئة ، لأنه أيضا من يقوم بهذا الاعتداء الإرهابي الآثم فقد نزع عنه كل المبادئ الدولية و صار خارجا عن القانون الدولي بما تحتمله الكلمات من معنى في العلاقات الدولية و من نتائج كارثية محتملة في بعض الأحيان .

من قام بالتفجير الأخير في لبنان ؟ بطبيعة الحال و مهما تكن الجهة المنفذة فان الفاعل المدبر لهذه التفجيرات معروف و واحد لا يمكن الاشتباه حوله ، ذلك أن المجموعات الإرهابية التي فجرت المكان كانت تأتمر بإمرة مقاول دموي بات معلوما و معروفا بالاسم و بالهدف ، هذا المقاول الخليجي ، السعودي بالتحديد ، يعمل دائما لصالح مشروع بات معلوما للجميع أيضا، ينفذ أمر العمليات الذي يأتي غالبا بلغة عبرية ركيكة و بلكنة أمريكية يتقن فك شفرتها السوداء و ترجمتها الأمير بندر بن سلطان ، رئيس فرع المخابرات الأمريكية في السعودية ، و حتى نكون أكثر صراحة و دقة ، فان ما حصل في لبنان و للسفارة الإيرانية بالذات ليست رسالة سعودية كما يظن البعض ، فالنظام السعودي المتهالك أهيف و أضعف من القدرة على توجيه الرسائل حتى لدول الموز ، لكنها رسالة دموية وجهتها إسرائيل لإيران بعد أن تبين أن هناك خارطة طريق بدأت تتضح معالمها في حوار النووي ، و لحزب الله بعد الظهور المفاجئ و المتحدى للقدرات الاستخبارية و العسكرية الصهيونية التي هددت مرارا و تكرارا باستهداف الأمين العام للحزب سماحة السيد حسن نصرالله بمجرد خروجه إلى العلن .

عن المجموعة الإرهابية التي نفذت عملية الغدر كالمعتاد ، فهي تعلم يقينا أن المخابرات الإيرانية قادرة تماما على تسليط عقاب رادع ، هذه العقوبة لن تبطئ كثيرا ، لكن المهم في كل الأحوال أن إيران قد فهمت أنها قد أوجعت و أفقدت إسرائيل بوصلتها عندما وقفت بجانب حليفها السوري ، أنها فهمت أن دول الخليج المتآمرة قد تخطت كل الخطوط الحمراء و هي ستدفع الفاتورة الدموية عاجلا أم آجلا و لن ينفعها الغطاء الأمريكي الصهيوني و لن يقيها حرارة الرد الإيراني الذي سيغير موازين كثيرة في معادلة الشرق الأوسط ، لأنه بانتهاء الملف النووي و سحبه من التداول الدولي سيكون للقيادة الإيرانية الوقت الكافي لتدفيع بعض الأنظمة العميلة في المنطقة فواتير كثيرة بدءا من مشاركتها الدموية في سوريا إلى مشاركتها في استهداف العلماء و القواعد الإيرانية نهاية إلى مشاركتها في الاضطرابات الشعبية التي حصلت قبل و بعد انتخاب الرئيس احمدي نجاد في فترته الرئاسية الثانية و محاولاتها المتكررة لدفع الولايات المتحدة و إسرائيل على ضرب الشعب الإيراني .

نحن إذن أمام حالة صراع دموية في الشرق الأوسط ، لكن الملفت أن إيران تواجه هذه الحرب ببرودة دم عجيبة تدل على حنكتها السياسية المعتادة و قدرتها على التعامل الذكي مع كل الملفات الساخنة في وقت واحد ، في حين نطالع يوميا حالات الإحباط الخليجية ، السعودية تحديدا ، و حالات الإرباك الإسرائيلية التي بدأت ملامحها العريضة تظهر بعد انتصار المقاومة اللبنانية في تموز 2006 ، و بعد أن كشفت طائرة “أيوب” عورات القبة الحديدية ، و بعد أن فشلت مؤامرة إسقاط الرئيس الأسد فشلا ذريعا ، لكن المهم الآن أن يتم القضاء نهائيا على الجماعات الإرهابية في سوريا حتى يمكن تحصين المقاومة اللبنانية داخليا و خارجيا ، و هو العامل الرئيسي في المعركة القادمة التي ستكون معركة إسقاط كل الشياطين .
*أحمد الحباسى تونس بانوراما الشرق الاوسط