جنــون المملكــة السعودیــة

جنــون المملكــة السعودیــة
الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

قیل لنا بان سیاسات الولایات المتحدة الامیركیة فشلت والدلیل على ذلك غضب المملكة العربیة السعودیة. دیك تشینی، جون ماكین ولیندسی غراهام، جمیعهم دقوا ناقوس الخطر بعد رفض المملكة السعودیة القبول بالعضویة غیر الدائمة فی مجلس الامن.

ولكن مهما اختلفت الآراء حول سیاسات إدارة اوباما فی المنطقة فی القادم من الایام، فان جمیع الآراء تتفق على أن غضب المملكة العربیة السعودیة لن یكون له تأثیر على تحدید هذه السیاسات.واذا ما كانت هناك جائزة لأسوأ سیاسة خارجیة، فان المملكة العربیة السعودیة ستحصدها من دون منازع. هذا البلد هو المسؤول الأول عن صعود الفرق الاسلامیة المتطرفة والمتشددة فی معظم بلدان العالم. فعلى مر العقود الأربعة الأخیرة، وواردات الخزینة السعودیة من النفط السعودی تستخدم فی تصدیر العنف والفكر المتطرف عبر رجال الدین الوهابیین.

   أینما تذهب فی العالم - من ألمانیا إلى إندونیسیا - المراكز الإسلامیة التی یتم تمویلها من قبل المملكة العربیة السعودیة تعمل على نشر الكراهیة والتعصب. فی عام 2007، ستیوارت لیفی،  المسؤول السابق فی وزارة الخزانة، یقول  فی تصریح صحفی: " إذا كان بإمكانی الحصول على المال من إحدى الدول، بكل تأكید ستكون المملكة العربیة السعودیة وجهتی الاولى".

عندما یكشف عن منبع هذه الاموال التی تصل إلى المجموعات المتطرفة تدعی الحكومة السعودیة ان مصدرها افراد ومؤسسات غیر حكومیة، الحكومة نفسها لا تملك السیطرة علیها. ولكن العدید من هذه المؤسسات قد أُنشئت من قبل الحكومة أو من قبل أفراد من العائلة المالكة، لأنه لا یمكن لأحد أن یتحرك فی اتجاه یتعارض مع المصلحة الوطنیة لهذا البلد الذی تحكمه الملكیة المطلقة. وقد أكدت هیلاری كلینتون وزیرة الخارجیة الامریكیة السابقة فی حدیثها لصحیفة الدیلی تلغراف فی دیسمبر 2009، نشره موقع ویكیلیكس فی 2010، أن المملكة العربیة السعودیة هی من اهم المنابع المالیة الحیاتیة للمجموعات الارهابیة، والمملكة لم تقدم على أی عمل یذكر للحد من وصول المساعدات المالیة لطالبان والمجموعات المتطرفة المماثلة.

المملكة العربیة السعودیة هی واحدة من ثلاث دول فقط التی كانت تعترف بطالبان قبل هجمات 11 أیلول. والمملكة أحدى أهم الفاعلین فی باكستان، البلد الذی یؤوی الارهابیین الاكثر دمویة فی العالم.

   إقبال حیدر، وزیر سابق فی باكستان، أعلن فی مقابلة مع قناة دی دبلیو فی آب 2010 : "إیدیولوجیة طالبان وجماعة طیبة هی بلا شك مصدرها وهابیة المملكة العربیة السعودیة". وشدد أیضاً على أنه من دون أی شك السعودیة تؤمن الحمایة والدعم للمجموعات الوهابیة فی باكستان. فی عام 2003 ، عندما هاجم تنظیم القاعدة الریاض مباشرة، عملت السعودیة على محاربة الارهاب على أراضیها. ولكن دعمها لرجال الدین والمدارس الوهابیة فی الخارج والمقاتلین شبه النظامیین لم تتوقف. خلال حرب العراق، معظم الدعم الذی تلقاه التكفیریون والمجموعات المتطرفة كان مصدره المملكة العربیة السعودیة. والیوم هذا الدعم توسع لیشمل المجموعات الإرهابیة فی سوریا.

غضب المملكة العربیة السعودیة وإحتجاجها على سیاسات إدارة أوباما تجاه ایران وسوریا، لیس نابعاً من خوفها على مصیر هذه الشعوب. ولكنه ینبع من أیدیولوجیتها المتجذرة والمناهضة للشیعة. الریاض معروفة منذ الأزل بأنها تكفر جمیع الدیانات الأخرى، وقد سكتت فی السابق عن إضطهاد هذه الفرق. وقد أشار تقریر لمنظمة حقوق الانسان فی عام 2009 إلى التمییز الممنهج الذی تنتهجه المؤسسات الدینیة والأمنیة والحكومیة فی تعاملها مع الشیعة فی المملكة. فیتعرضون للضرب والتعذیب والإضطهاد والقتل فی بعض الأحیان. لیس الشیعة فقط یعانون من هذه الامور، فی مارس 2012 طالب مفتی المملكة العربیة السعودیة بهدم جمیع الكنائس فی شبه الجزیرة العربیة.

   النظام فی المملكة یخشى من ازدیاد النفوذ الشیعی وسیطرة الـ15 بالمئة الشیعة السعودیین على المناطق التی یقطنونها والتی تعد خزاناً للنفط. لهذا السبب ارسلت السعودیة جنودها الى البحرین للوقوف بوجه الثورة هناك والتی یطغى علیها الطابع الشیعی. التحولات فی المنطقة نزلت كالصاعقة على رأس نظام آل سعود. فهم یشعرون بأن الذین حركوا شرارة الربیع العربی هم موجودون ایضاً بین المواطنین السعودیین. هم یخافون من النفوذ الإیرانی، إضافة الى تخوفهم من عدم احتیاج الولایات المتحدة الامریكیة فی المستقبل لنفط منطقة الشرق الأوسط.

   هذه المسائل قد تكون الدلیل وراء رفض السعودیة للمقعد غیر الدائم فی مجلس الامن، ربما النظام هناك یعتقد بأن هذه العضویة ستحدّ من حریة تحركها. فربما هذا المقعد سیؤدی الى فضح بعض الأعمال العدائیة التی قامت بها الحكومة السعودیة. أو أنه یجبر الریاض على أن تصوت على مسائل تفضل هی تجاهلها. ومن الممكن أن یكون رفض هذا المقعد مجرد غضب مفاجئ. ومع ذلك فهی عملت لسنوات عدیدة للحصول على هذا المقعد. أیاً كان السبب، لا بدّ من الإعتراف بأن المملكة العربیة السعودیة غاضبة من الولایات المتحدة الأمیركیة. ولكن هل نحن على یقین من أن هذا الأمر یثبت بأن واشنطن قد ارتكبت خطأ ؟.

*صحيفة المراقب العراقي