لم تبق إلا أليسا

لم تبق إلا أليسا
الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠١:٥٨ بتوقيت غرينتش

لنتفق من البداية على أمرين ، الأول ، أن حرية الرأي مكفولة للجميع ، بهذا المعنى فالسيدة أليسا كغيرها من حقها أن تنتقد حزب الله و تنتقد ما تراه معيبا في تصرفاته ، الثاني ، أن الفنانة أليسا و لئن كان لها معجبون و متابعون و محبون فهي ليست بالفنانة التي لها مواقف مع المقاومة و مع الأوجاع العربية و بهذا المعنى أيضا فمواقفها من المقاومة و حزب الله و ما يحدث للأمة العربية ليس لها وقع و لا وزن.

أن تحسب السيدة أليسا على فريق 14 آذار فهذا أيضا حقها ، لكن أن تتخفى هذه السيدة وراء هذا الحجاب لتصوب على جمهور المقاومة ، باعتبار أن للحزب جمهور عريض في كامل الأرض العربية ، فهذا يعتبر خروجا عن النص ، و السيدة أليسا قد تعودت بهذا الأمر بسبب نقص فادح في قوة الحبال الصوتية رغم ما تقوم به الآلات الالكترونية من عمليات ” تجميل ” لحالة النشاز المعروفة لدى هذه الفنانة ، و هي تريد بمواقفها المرتجلة و الفاقدة للموضوعية أن تغطى على هذا النشاز الصوتي بفبركة فقاقيع جدلية تعيد لها “نظارتها” الجمالية و شيئا من الجمهور الذي تركها لفائدة وجوه شابة أخرى تزخر بها الساحات الفنية .

لا أدرى ، لماذا لم نسمع للسيدة أليسا موقفا واضحا و بنفس الحدة من “حليب و بطانيات” السيد عقاب صقر ، لم نسمع موقفا من مشاركة الإرهابي أحمد الأسير و فضل شاكر في القتال ضد الشعب السوري ، لم نسمع موقفا من السلاح و المجموعات الإرهابية التي يشرف على إرسالها إلى سوريا تيار المستقبل ، لم نسمع عن تنديدها بجرائم الحرب التي تقترفها الجماعات الإرهابية في سوريا ، لم نسمع عن موقفها من التمويل الخليجي لهذه الجماعات الإرهابية ، لم نسمع موقفها من الخطاب المذهبي لرفقاء ها من حزب الشيطان المستقبل، لم نسمع عن موقفها من تحالف الائتلاف السوري مع إسرائيل ، لم نسمع موقفها من اللاجئين السوريين أو عن تقديم واجب الإعانة و الإغاثة ، لم نسمع عن موقفها من اختطاف الأبرياء من طرف المخابرات التركية و السعودية و الصهيونية في سوريا ، لم نسمع موقفها من استهداف البنية التحتية الحيوية للشعب السوري من طرف المجموعات الإرهابية ، عن موقفها من فتاوى الموت للشيخ القرضاوى .

لا ندرى حقيقة بماذا نجيب السيدة أليسا ، و هي تهاجم حزب الله و المقاومة و بطبيعة الحال النظام السوري ، لكن من المهم في هذا السياق أن نلفت انتباه الفنانة أنه لولا حزب الله لكان لبنان ممرا يوميا و مقرا للقوات الصهيونية ، و لولا المقاومة التي رفعت رأس لبنان لما كان للفنانة أليسا صوت ، اللهم إلا إذا راودتها نفس الأحلام و التوجهات التي سبقها إليها أنطوان لحد و من شابه من تيار القوات اللبنانية و تيار الكتائب و بعض ر موز حزب تيار المستقبل ، تذكرون معي حادثة شرب الشاي الشهيرة إبان عدوان تموز 2006 و موقف أحمد فتفت من هذه الفضيحة التي زينت صدره و فترة وزارته ، من المهم أيضا أن إسرائيل لم تغادر لبنان صاغرة منهزمة متباكية بسبب أغنية من أغنيات السيدة أليسا أو بسبب مواقف تيار المستقبل الموجهة للداخل أكثر منها للخارج ، بل بفضل سواعد و أجساد الإبطال و الشهداء في المقاومة ، لذلك من المهم أن تقلع الفنانة عن هذا الخطاب السيليكون ، و أن تكتفي بوصلات “الغناء” التي تطرب السكارى لكنها لا تطرد العدو و لا ترفع العدوان عن الأرض اللبنانية المغتصبة .

في حقيقة الأمر ، هناك حالة تكالب على المقاومة و على رموزها ، و هناك من يريد أن يصنع له “تاريخا” بالهجوم على حزب الله ، و السيدة أليسا لها اعتقاد ، على ما يبدو ، بأن هذه الفترة مناسبة لهذا الهجوم ، خاصة و أن أنظمة الخليج و أعوان إسرائيل في المنطقة العربية يبحثون عن كل صوت نشاز يهاجم المقاومة حتى ” تملأ ” نشرات الأخبار و صحف الدولار الخليجي ، و إذا فهمنا الدور القذر الذي يقوم به تيار المستقبل في سوريا بإيعاز و توجيه من المخابرات الأمريكية و السعودية ، و إذا أدركنا أن محطة أم . تى. فى لها مصلحة و غنيمة من التصويب على حزب الله في هذه الفترة بالذات ، فبالمحصلة نحن لم نعد عن حالة تعبير عن الرأي بل أمام حالة تعبير عليها كثير من علامات الاستفهام ، و بالتالي فان كل المتابعين اليوم يتساءلون ، ما هي مصلحة أليسا من هذا التصريح و من يدفع بها إلى الواجهة في هذه المرحلة بالذات ، خاصة و أن الجميع في لبنان يعلمون حدود الخطوط الحمراء التي لا يجب القفز عليها حتى لا تنكسر بعض الرقاب ، لذلك نتساءل مرة أخرى ، أين العين الناقدة الأخرى للسيد أليسا ؟ و نؤكد ، أن هذه المواقف سيسجلها الوجدان العربي ، و ستكون لها تداعيات سلبية على صورة هذه الفنانة التي فقدت بريقها منذ مدة طويلة .

يبقى أن شهداء الضاحية لا يحتاجون لتعاطف هذه الفنانة ، فالعواطف النبيلة لا تولد في القلوب الحاقدة ، و من نال الشهادة بسبب الإرهاب السعودي لا يحتاج إلى أغنية فنانة فقدت عذرية صوتها و عذرية تصرفها الأخلاقي ، أين حمرة الخجل ؟
*أحمد الحباسى تونس - بانوراما الشرق الاوسط