هولاند يتماهى مع نتنياهو في الحملة على إيران

هولاند يتماهى مع نتنياهو في الحملة على إيران
الجمعة ١٣ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٢:٠٤ بتوقيت غرينتش

في زيارته الأخيرة للكيان الإسرائيلي حرص الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على التماهي مع نتنياهو في الحملة على إيران وبرنامجها النووي السلمي متناسيا أنه ومضيفه يمتلكان ترسانات من الأسلحة الذرية ومئات الرؤوس النووية القادرة وحدها على إفناء الكون . بازدواجية وقلب وقح للصورة والحقيقة حاول الطرفان الإسرائيلي والفرنسي توجيه بوصلة الخطر النووي إلى إيران بينما هو في عهدة من يملك فعلا الأسلحة النووية ومنهم فرنسا والكيان الإسرائيلي .

تقرير ...فرنسا لن تتراجع عن مبدأ منع الانتشار النووي، وسنبقي على كل شروطنا وعلى العقوبات طالما لم يتوفر لنا اليقين بأن إيران تخلّت عن السلاح النووي.

هولاند في الكيان الإسرائيلي يتشدد وخائف من النووي الإيراني لكن ماذا يجري في فرنسا وما موقف الفرنسيين من الترسانة النووية التي تختزنها بلادهم

ان وقوع حدث نووي في فرنسا أمر ممكن على حد تعبير سلطة السلامة النووية، يجب أن يتخذ كل منهم الخطوات اللازمة لإغلاق المحطة الخطرة

إنها مشاهد موثقة عن إحدى تجارب التفجيرات النووية الفرنسية تحت الأرض . مشاهد تعكس حجم الكارثة التي تسببها مثل هذه القنابل النووية التي تمتلك منها فرنسا المئات

فيديو...الفرنسيون يحثون حكوماتهم على تفادي الكارثة النووية المتوقع أن تحل على رؤوسهم إلا أن هولاند الذي وعد بإقفال إحدى المحطات النووية لم يفعل إلى اليوم

نجحت منظمة السلام الأخضر في اقتحام محطة نووية في منطقة بيجي قرب مدينة ليون الفرنسية رغم الإجراءات الأمنية المعززة منذ بدايات العام التي أحيطت بها هذه المحطة، أحد المنظري المنظمة المدافعة عن البيئة نجح أن يحط بطائرته الصغيرة على سطح أحد مفاعلاتها وإشعال إحدى الألعاب النارية قبل أن يهبط على الأرض، وذلك رغم أنه يمنع التحليق فوق أي منشأة نووية في فرنسا على علو يقل عن ألف متر وعلى مدى قطر يبلغ عشرة كلم.

هذا التحدي الذي قامت به منظمة السلام الأخضر لتنبه الفرنسيين إلى وجود مخاطر نووية حقيقية في البلاد.

هذا في الحاضر أما في الماضي فلفرنسا تاريخ أسود طويل في التجارب النووية القاتلة . ففي الجزائر وأبان استعمارها لهذا البلد أجرت فرنسا سلسلة من التفجيرات النووية أدت إلى كوارث وقتلى وحالات تسمم وإعاقة قتل خلالها وبعدها الآلاف من الجزائريين وما تزال مناطق واسعة تحت تأثير الغشعاعات النووية حتى اليوم .

تقرير... نحن هنا بولاية تمر راصد في الصحراء الجزائرية وبمنطقة إناكر على وجه التحديد هذا الجبل الذي ورائي كان مسرحاً لعشرات التجارب النووية الفرنسية في ستينات القرن الماضي، المنطقة لا تزال معزولة وممنوعة على المواطنين خوفاً من خطر الإشعاعات النووية.

التجارب النووية الفرنسية في الجزائر لا تزال تصنع الحدث رغم مرور نصف قرن على تفجير أول قنبلة في الصحراء، الخبراء الذين رافقونا حذّرونا من البقاء في المواقع الملوثة أكثر من ربع ساعة، وإلا فإننا سنعرض أنفسنا لخطر الإصابة، كلما تقدما كانت أصوات أجهزة قياس الإشعاعات ترتفع منذرة بتعاظم الخطر.

فرنسا بعد خروجها في الـ 67 من هذه مواقع التجارب لم تقم بواجبها الإنساني، واجبها الدولي التي تنص عليه المواثيق الدولية وهو أخذ كل تدابير من أجل أن لا تشكل هذه المناطق خطر على حياة الإنسان ولا حياة الحيوان.

السلطات الجزائرية تنتظر من باريس مساعدتها على تطهير المناطق الملوثة بالإشعاعات والتي تمتد على مساحات تتجاوز 700كلم2.

أقول ويتحتم على الضمير الإنساني الضغط على الجهات المسؤولة عن هذه التفجيرات، تقديم كافة المستلزمات المتعلقة بالكشف عن جميع ملابسات التفجير المادية والنظرية.

من غير المقبول أن لا يتم تعويض الضحايا سواء أكان هؤلاء الضحايا فرنسيين أو جزائريين أو كورنزيين، عيب كبير أن يتم التهرب من التعويض في حين أن الأميركيين فعلوا ذلك من قبل.

اليوم تمتلك فرنسا محزونا كبيرا من الرؤوس النووية يقدر بثلاثمئة وخمسين رأسا جاهزة للإطلاق وتعد الدولة الثالثة بعد الولايات المتحدة وروسيا من حيث حجم الترسانة النووية علما أن الأرقام المتداولة عن عدد القنابل والرؤوس النووية في فرنسا قد لا تكون دقيقة فضلا عن الغواصات النووية التي تستطيع حمل صواريخ مجهزة برؤوس نووية

أصدرت فرنسا في 18 أكتوبر تشرين الأول سنة 1954  أول مرسوم بأنشاء اللجنة الفرنسية الذرية وهي أول لجنة نووية من المدنيين بالعالم . وتم اختيار المنشاة النووية في "ساكلي" جنوبي باريس لإنشاء أول منشأة نووية فرنسية وفي 1958 قدم الكولونيل تشارلز اليرت طلبا بتصنيع واختبار أسلحة نووية خاصة

وفي اجتماع مجلس الدفاع بيونيو حزيران 1958 قدم ديغول طلبا لاختبار تجربة نووية للمجلس في اوائل العام التالي وحدد موقع الاختبار في جنوبي الصحراء الجزائرية

وتم تفجير القنبلة النووية الفرنسية الأولى في الثالث عشر من فبراير شباط 1960 . هذا عدا عن الصواريخ العابرة والغواصات والقنابل الهيدروجينية الفرنسية . ولم تكتف فرنسا بذلك بل عمدت إلى التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين لإنشاء مفاعل نووي في ديمونا ساهم في بناء الرسانة النووية العسكرية للكيان .

في أواخر الأربعينات أطلق الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة برنامجه وفي سنة 1955 وقّع الاحتلال اتفاق تعاون نووي مع فرنسا وبعد سنتين بدأ بناء أول مفاعل نووي بمساعدة خبراء وشركات أميركية. وأقيم شمال مستوطنة ريشون ليشيون و في سنة 1957 زوّدت الولايات المتحدة الكيان بمفاعل  تم تركيبه في ناحال سوريك. وفي سنة 1963 أنشئ مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب المحتل بمساعدة تقنية من فرنسا وبتمويل من الولايات المتحدة الأميركية وفي سنة 1966 نفّذ الإسرائيليون أول تجربة نووية في النقب. وفي العام 1979 أجرت تجربة ثانية بالإشتراك مع جنوب إفريقيا في المحيط الهندي . وبناءً على المعلومات التي أدلى بها التقني النووي الإسرائيلي مردخاي فنونو عام 1986 واستنادا إلى التقارير الاستخباراتية فإن الحجم الإجمالي للترسانة النووية العسكرية الإسرائيلية يتراوح بين 300 و500 رأس نووي..

بالعودة إليك د. وسام حمادي، ما رأيك في الموقف الفرنسي والتي يهاجم رئيسها البرنامج النووي السلمي الإيراني وهو يمتلك ترسانات من الأسلحة النووية الجاهزة للاستخدام، ما هذه الازدواجية برأيك؟

ج: طبعاً دائماً كانت أوروبا وحلفاءها وخاصة على رأسها إسرائيل دائماً هي صاحبة مواقف متناقضة على مستوى الإنساني، أو على المستوى الأمني، فرنسا كغيرها من الدول الأوروبية تنظر بعين الرضا بكل ما تقوم به إسرائيل، لأن إسرائيل بمكان ما هي تشكل حالة خاصة لدى الحكومات الأوروبية بسيطرة اللوبي الصهيوني بمكان ما على اقتصاديات هذه الدول والمصالح الشخصية التي برزت في الآونة الأخيرة مع وصول عدد من الرؤساء بدعم مباشر من اللوبي الصهيوني وانعكس ذلك على سياسة فرنسا تحديداً، خاصة مع بلوغ ساركوزي سدة الرئاسة وكل هذا لحقه من تبعات لدعم إسرائيل له.

وهولاند أتى ليكمل هذه المسيرة بعد حصول كارثة على المستوى الفرنسي "الديمقراطي" بحيث أن هولاند هو أصبح أقل رئيس فرنسي بتاريخ فرنسا شعبية، أراد أن يقدم فروض الطاعة للإسرائيلي عبر هذه الزيارة التي لم تؤتي أكلها خاصة بأن الهجوم كان مسلطاً على إيران تحديداً لضرب كل عملية تفاوضية التي كانت في ذاك الوقت.

نتحدث عن استعمار قديم بصورة حالية، "بصورة حديثة".

س: الرئيس هولاند مطالب من قبل الفرنسيين بإغلاق محطات نووية كما التزم بإقفالها إبان حملته الانتخابية، كيف تفسر عن عدم التزامه بوعوده؟

ج: طبعاً للرئيس صلاحيات محدودة هو يستطيع أن يتمنى أو يعد، إنما هناك مصالح الكارتال الاقتصادي والمصالح  الكبرى لا يستطيع هولاند أو فريق عمله أن يتجاوزها إلا بموافقة الكارتال الصناعي العسكري، وأعتقد أن حتى هذه اللحظة لا يوجد بدائل لدى فرنسا لكي تقوم بتسكير هذه المحطات النووية التي تشكل حقيقة خطر ليس على فرنسا، إنما على المنظومة الإنسانية بشكل عام، من هنا نرى إصرار الجمهورية الإسلامية في إيران على إعلان جهاراً أن البرنامج النووي هو برنامج سلمي لخدمة الإنسانية وليس للتسلح من أجل القضاء على الإنسانية.