لماذا لا يتعلمون السياسة من ايران؟

لماذا لا يتعلمون السياسة من ايران؟
الثلاثاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

يعترف كاتب سعودي في مقال له في صحيفة الحياة السعودية بخوف وهلع الدول الخليجية وصحافتها من اتفاق جنيف بين ايران ومجموعة 5+1 ، مؤكدا ان الدول الخليجية تعتبر الاتفاق بادرة لقيام الولايات المتحدة بالعمل على إعادة رسم خريطة القوى في المنطقة على أسس جديدة تكون فيه ايران المحور الرئيس نظرا لامتلاكها اوراقا بدأ من العراق وسورية ولبنان والدول الخليجية واليمن والسودان.

فالاعتراف بقدرات ايران أمر لا بد ان يذكره المنصفون عندما يقيمون ما لدى ايران من أوراق في المنطقة وهذا ما جعل الولايات المتحدة تميل نحو بدء الحوار مع ايران لانها دولة كبرى في المنطقة قادرة على لعب دور اساسي في حل الازمات، وهي طرف أساسي في اي حل ديبلوماسي في المنطقة.
لقد اكتسبت إيران كما يقول الكاتب السعودي، خبرة كبيرة من خلال التفاوض مع دول العالم ومن الشعور بالتهديد، واستطاعت في المقابل أن تفوز بأوراق من خلال التعامل مع الدول الكبرى بتحدٍّ في المنطقة، وهو أمر ربما يجب علينا (كسعوديين) أن ننظر إليه بتمعن وتعمق للاستفادة منه. فالشعور بالتهديد والتحدي قد يكون مفيداً للدول في بعض الأحيان كونه يطلق طاقاتها السياسية للعمل.
وينتقد الكاتب، الحكومة السعودية بسبب عدم امتلاكها مشروعا سياسيا للمنطقة، مضيفا ان ما تقوم به السعودية هي ردود افعال سياسية فقط .
وهذا ما نراه من تخبط في سياستها الخارجية وعدم وضوح في الرؤية، وابراز ردود فعل ارتجالية وغير مدروسة تثير الآخرين ضدها كما هو الحال بالنسبة لانتقادها الولايات المتحدة بسبب حوارها مع ايران.
ويعترف الكاتب السعودي بأن المشروع السياسي الايراني مشروع متكامل ، فهنالك منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية تنتهجها إيران، بدءاً من القاعدة الثقافية من أفلام وفنون ومروراً بالقاعدة الصناعية المتنوعة التي تسعى لتثبيتها سواء في صناعة السيارات أو الصورايخ الإيرانية، وانتهاء بالقاعدة السياسية المتمثلة في تسويق نفسها كقوة إقليمية قادرة على فرض نفوذها في المنطقة.
ولكن الكاتب يرى ان السعودية لم تعجز عن إيجاد بديل إقليمي منافس لغياب قدرتها، فهي أثبتت قدرة على الثقة السياسية في إرسال قوات درع الجزيرة إلى البحرين (لقمع الانتفاضة الشعبية) أو دورها في سورية (بارسال مسلحين يرتكبون ما يحلو لهم من جرائم قتل ونهب ) أو مساندتها الأخيرة لمصر( بدعمها حكم العسكر ضد جماعة الاخوان المسلمين ) ، ولكنه يتساءل عن أسباب غياب الحسم السعودي في الخروج برؤية شاملة ومشروع سياسي واضح للمنطقة.
ولكن الكاتب لا يرى السعودية دولة ضعيفة، ولا هي غير القادرة على مواجهة منافسيها الإقليميين أياً كانوا، ولكنه يعترف في نفس الوقت بان ما تفتقده المملكة هـــو المشروع السياسي في المنطقة.
ويرى الكاتب بان السعودية تفتقد الى الحوار الجاد والصريح حول ما ينبغي أن يكون مشروعها السياسي. فليس من المعقول في ظل كل هذه التحديات الهائلة التي تمر بها المنطقة والتي تتعلق بمصير الدولة أن نظل حبيسي قضايا هامشية، سواء كانت اجتماعية مثل قيادة المرأة أو اقتصادية مثل معالجة أزمة السكن، أو التأخر في معالجة قضايا رئيسة مثل إصلاح التعليم أو إطلاق التنمية الاقتصادية بتنويع القاعدة الصناعية.
فمقال الكاتب السعودي في الواقع نقد لسياسة بلاده الخارجية وهو لا يرى وضوحا في رؤية السياسية السعودية ليس فقط في ما يتعلق بقضايا مهمة كسورية، وإنما في ما يتعلق بالعراق فيرى بأن الرؤية السعودية للعراق تزال محدودة بعوامل الصراع الطائفي الداخلي فيه، لا بعوامل دوره الأكبر في المنطقة.
ان دول الخليج الفارسي ولا سيما السعودية تخشى ايران وتشعر بالتهديد من جانبها كما يقول الكاتب ولكنه يعتقد بأن الشعور بالتهديد قد يكون مفيداً أحياناً، وشعورنا بالتهديد من خلال الاتفاق النووي الأخير بين إيران والقوى العالمية ربما يكون مفيداً كونه ينبهنا إلى ضرورة العمل على بلورة مشروع واضح للمنطقة وطرحه وتسويقه أمام الدول الأخرى، كما أنه قد يكون سبباً يدفعنا للثقة بأنفسنا سياسياً في شكل أكبر، وهذا في حقيقة الأمر ما نحن بأمس الحاجة إليه.
المقال الذي كتبه الكاتب السعودي سعود كابلي حول الاتفاق النووي الايراني جريء لانه ينتقد السياسة الخارجية السعودية ويذكر نقاط ضعفها ، وهو في نفس الوقت ينصح مسؤولي بلاده ان يتعلموا السياسة والدبلوماسية من ايران اذا ارادوا ان يكون لهم دور في المنطقة وان يكون لهم سياسة خارجية واضحة ومشروعا سياسيا .
فالكاتب السعودي هذا، ليس وحده الذي يذكر المسؤولين السعوديين بما ينبغي ان يكون لديهم رؤية واضحة ودبلوماسية نشيطة، فهناك كتاب سعوديون آخرون كتبوا ويكتبون مقالات عن سياسة السعودية الخارجية ويشيرون الى جمودها وعدم مسايرتها للدبلوماسية العصرية.


*شاكر كسرائي