داعش والنصرة وجنيف 2

داعش والنصرة وجنيف 2
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣ - ١٠:٢٠ بتوقيت غرينتش

اختارت قوى اقليمية فاعلة في الازمة السورية " الجبهة الاسلامية السورية " لتمثل المحاربين في سوريا ولتترأس الوفد السوري المعارض للحكومة السورية في مؤتمر جنيف -2، وقد قبل الامريكان اخيرا هذه الجبهة باعتبارها جبهة معتدلة لتمثل الجماعات المسلحة التي تقاتل داخل سوريا.

وقد صرح السفير الامريكي في سوريا روبرت فورد بان بلاده لن تقبل "جبهة النصرة " أو "داعش" في المشاركة في مؤتمر جنيف مؤكدا ان امريكا رفضت طلبات بعض الفئات المعارضة مشاركة أكثر من وفد معارض، ودعا مختلف القوى المعارضة لتشكيل وفد موحد، ورحب بمشاركة فصائل كردية في الوفد الموسع للمعارضة وحضها على طرح تصور واضح لمفهومها للسلطة الانتقالية وصلاحياتها.
وكشف فورد لـصحيفة  "النهار" اللبنانية ان مسألة تشكيل الوفد المعارض "متروكة للسوريين". وقال ان حكومته لن تعترض على مشاركة تنظيمات قتالية مثل "احرار الشام" او "لواء التوحيد"، (المنضوية تحت لواء "الجبهة الاسلامية") ، لكنه اكد ان حكومته لن تقبل بوجود تنظيمات تعتبرها ارهابية مثل "جبهة النصرة" او "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، التي اتهمها "عمليا بخدمة النظام في دمشق". وحمل "الدولة الاسلامية في العراق والشام" مسؤولية اعتراض الامدادات الانسانية التي تحاول الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ارسالها لاغاثة السوريين.
فالامريكان الذين كانوا يؤكدون على ضرورة الاطاحة بنظام الاسد ، غيروا موقفهم وهم الان يريدون حلا سياسيا للازمة السورية بعد فشل جهودهم وجهود حلفائهم للاطاحة بالنظام في سوريا.
وشدد فورد على انه لا يوجد هناك أي خيار بديل من جنيف- 2 اذا كان الهدف هو تحقيق حل سياسي للحرب، مشيرا الى ان سوريا يجب ان تتفادى حربا طويلة تمزق المجتمع كما حدث في لبنان. واشار الى انه ليس لدى حكومته اية اوهام بالصعوبات التي ستواجه جنيف- 2.
ففي الوقت الذي ترفض الولايات المتحدة مشاركة داعش والنصرة في محادثات جنيف ، اعلن زعيم جبهة النصرة ابو محمد الجولاني مسبقا رفض نتائج مؤتمر جنيف -2 ، المقرر في كانون الثاني/يناير في سويسرا، وذلك في مقابلة اجرتها معه قناة الجزيرة القطرية هي الاولى مع هذا التنظيم . وقال ابو محمد الجولاني "لن نعترف بالنتائج المنتظرة لمؤتمر جنيف-2 المشاركون لا يمثلون الاشخاص الذين ضحوا بانفسهم وبدمائهم"، كما ورد في مقاطع من المقابلة التي بثتها الجزيرة،.واضاف ان المشاركين في جنيف-2 "لا تمثيل لهم على الارض ولن نسمح للعبة جنيف-2 بخداع الامة". ولكن الجولاني لم يبين ماذا ستفعل جبهة النصرة لافشال مؤتمر جنيف-2 خاصة وان السعودية مصممة على طرح الجبهة الاسلامية كممثل وحيد للجماعات المسلحة في سوريا.
ومع ان الجولاني اعلن رفضه مسبقا لنتائج مؤتمر جنيف -2 ، الا انه مجبر على قبول ارادة السعوديين في طرح اسم الجبهة الاسلامية على انها ممثل للجماعات المسلحة في سوريا، او انه سوف يواجه مقاطعة من جانب مموليه من الخليجيين الذين يعملون على التحكم في مسار الحرب في سوريا.
وقد اعلن الامريكيون بانهم سيلتقون مسؤولين عن الجبهة الاسلامية المعتدلة وكان مقررا ان يلتقي السفير الامريكي في دمشق روبرت فورد مسؤولا في الجبهة الاسلامية الا ان مسؤولا غربيا اعلن لصحيفة الحياة السعودية ان «الجبهة الاسلامية» رفضت لقاء السفير الاميركي بسبب تسريب الحديث عن الاجتماع الى وسائل الإعلام وبسبب خوف قادة الجبهة من الانتقادات التي وجهها مسؤولون في «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) واتهام الجبهة بأنها «صحوة سورية وعميلة» للغرب.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال في مؤتمر صحافي في مانيلا إن اللقاء «ممكن» مع قادة «الجبهة الإسلامية». لكن فورد اعلن امس: «إن الجبهة الإسلامية رفضت الجلوس معنا من دون ذكر الأسباب لذلك. نحن مستعدون للجلوس معهم، لأننا نتحدث مع جميع الأطراف والمجموعات السياسية في سورية».
وكانت أكبر ستة تنظيمات مسلحة بينها «صقور الشام» بزعامة احمد عيسى و «أحرار الشام» بزعامة حسان عبود (ابو عبد الله الحموي) و «لواء التوحيد» و «جيش الإسلام» بزعامة زهران علوش، توحدت في 22 الشهر الماضي في «الجبهة الإسلامية» التي باتت أكبر فصيل معارض للنظام في سورية مع عشرات الآلاف من المقاتلين. وأعلنت الولايات المتحدة الإثنين أنها لا ترفض إجراء لقاءات مع «الجبهة الإسلامية». وكشف المسؤول الغربي ان الدول الغربية ابدت اهتماماً بإجراء لقاءات مع قادة «الجبهة الاسلامية» وأن لقاء رفيع المستوى حصل قبل اسابيع في انقرة بين قادة «الجبهة» وممثلي مجموعة لندن في «مجموعة اصدقاء سورية»، باعتبار ان هذه الفصائل «تشكل كتلة رئيسة من مقاتلي المعارضة ولا بد من الحصول على دعمها لعملية السلام في مؤتمر «جنيف2» ولضمان تنفيذ اي نتائج تسفر عنه لاحقاً».
وكانت واشنطن ولندن علقتا مساعداتهما بالتجهيزات غير القاتلة لـ «الجيش الحر» في شمال سورية قرب حدود تركيا بعد استيلاء «الجبهة الإسلامية» على منشآت لهذا الجيش في معبر باب الهوى السوري قرب حدود تركيا.
وأوضح المسؤول ان «فرنسا وبريطانيا وأميركا طلبت لقاء مع قادة «الجبهة الاسلامية» وأن الموعد حدد امس، لكن فرنسا تراجعت لاحقاً عن موافقتها واتخذت قراراً سياسياً بعدم الحوار مع «الجبهة» لقناعتها بأن هذا الحوار يضعف «الجيش الحر» ثم اصبح الموقف البريطاني مشابهاً للموقف الفرنسي، غير ان فورد بقي على موقفه بعقد لقاء مع قادة التكتل الاسلامي». وتابع المسؤول: «تسريب الخبر للإعلام والحملة التي شنّها مقربون من الدولة الاسلامية، دفعا الجبهة الى إلغاء اللقاء».
وكان المسؤول السياسي في «الجبهة الإسلامية» وزعيم «أحرار الشام» حسان عبود أقر على حسابه في «تويتر» بأنه التقى مسؤولين غربيين. وقال: «قبل أن تقوم الجبهة الإسلامية بأسابيع، التقى عدد من الثوار مع ممثلين عن مؤتمر أصدقاء سورية وأبلغوهم أن الثورة ماضية والحل يمر عبر إسقاط النظام» السوري، ذلك في سياق الدفاع عن الانتقادات التي تعرض لها من محسوبين على «داعش» واعتبار «الجبهة الاسلامية» بمثابة «عملاء» للغرب او انهم بمثابة «صحوة سورية» يروج لها الاميركيون لقتال «داعش» كما فعلت اميركا في العراق بعد العام 2003.
ودافع فورد خلال لقائه امس مع قادة «المجلس الوطني السوري» المعارض في اسطنبول عن عزم واشنطن فتح اقنية حوار مباشر مع «الجبهة الاسلامية» باعتبار ان لها دوراً فاعلاً لا يمكن تجاوزه، ذلك بعدما اعرب عن دهشته لإلغاء قادتها الاجتماع في آخر لحظة.
المسؤولون الامريكيون مقتنعين بتمثيل الجبهة الاسلامية للمعارضة المسلحة المعتدلة وهم الان بصدد الحوار المباشر مع ممثلي هذه الجبهة التي حظيت بدعم الدول الاقليمية المشاركة في الحرب السورية وعلى رأسها السعودية التي تطرح نفسها على انها ترتبط بكافة الجماعات المسلحة المؤثرة في الساحة السورية .
ولكن السؤال المهم هو: هل ان الجبهة الاسلامية المعتدلة قادرة على مواجهة كل من داعش والنصرة المعارضتان لمؤتمر جنيف -2 ، من خلال الاسلحة التي تضعها السعودية وحلفاءها تحت تصرف مقاتليها واثبات انها قادرة على التغلب على المجموعتين المسلحتين قبل بدء مؤتمر جنيف في 22 من كانون الثاني – يناير المقبل؟ الايام القادمة سوف تجيب على هذا التساؤل .

* شاكر كسرائي