المملكة السعودية … أى مصير

المملكة السعودية … أى مصير
الإثنين ٠٦ يناير ٢٠١٤ - ٠٤:٤٩ بتوقيت غرينتش

على أرض بكة بالجزيرة العربية ,ولد الهدى فى ربوع دولة الأصنام والكفر , التى قادها عبدت الأوثان من الندمان والطغيان من أمثال أبى جهل والجهل مبغاة ومرقده وعشق الكفر مرقده , وكذا أبى لهب تبا ليده وتب وأمرأته حمالات الحطب ذات الحبل من مسد فى جيدها وقد بدى بينها وزوجها سد يحجب عنهما ضياء الهدى , ويمنع عن سواهما الكفر , وصارت بمولد الهدى على أرض مكة الكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء .

أنتشرت من هذه البقعة الطاهرة الندية الثرية , أعظم الرسالات وصارت تنير الكون بنور سيد المرسلين الوضاء وترسم للدنيا كلها طريق الحب والأخاء والنماء والسلام ,وأنتشرت الدعوة المحمدية تدعو البشرية بألا تنحنى الا للواحد القهار , وسرى نور خير البرية من أرض جزيرة العرب الى الدنيا كلها , يضىء الكون ويلهم الأنسان للحب والخير والنماء والرخاء ومناصرة أصحاب الحق والأخوان ,والأخذ بيد المستضعفين فى الأرض والفقراء الى أفق أرحب وسعه رزق وحياة تذوب فيها الفوارق بين الطبقات , وكذا مقاومة العدا والطغاة وبدا النداء يادولة الظلم انمحى وبيدى هو شعار دولة الأسلام .
فاضت من أرض الجزيرة العربية عطور الدعوة المحمدية وفاحت رائحتها الذكية فى كل ما من شأنه خير البشرية وصلاح العالم وسلام البرية – لكن على ذات البقعة الطاهرة وبعد مرور أثنى عشر قرنا من الزمان .
يتجلى ويتجسد أبا جهل ولهب معا , ليعيدا الوغى والكرى الى جزيرة العرب وما حولها ,فى رده على سنة المصطفى “صلى الله عليه وسلم “وكأنهم بفعلهم سواء عن دراية أم جهل , يريدون أن يطفؤا نور الله والله متم نوره .
آبان دولة الخلافة العثمانية حاولت أنجلترا عن طريق عميلها عبد العزيز بن محمد بن سعود ضرب الدولة الأسلامية من الداخل , حيث أستقر للوهابيين كيان داخل الدولة الاسلامية بزعامة محمد بن سعود ثم أبنه عبد العزيز ,فأمدتهم أنجلترا بالسلاح والمال وبناء على ذلك أندفعوا على أساس مذهبى للأستيلاء على البلاد الأسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة العثمانية , وقاتلوا جيش أمير المؤمنين بتحريض من الأنجليز الذين أمدوهم بالمال والسلاح والعتاد وذلك للأستيلاء على البلاد الخاضعة للخلافة وحكمها عن طريق المذهب الوهابى , وأزالت ما أحدثته المذاهب الأخرى بحد السيف – فأغاروا على الكويت 1788 ودان لهم احتلالها , وحاصروا بغداد وحاولوا احتلالها والأستيلاء على كربلاء وهدم قبر الحسين – ثم أحتلوا مكة 1803 وسقطت المدينة المنورة فى أيديهم 1804 فخربوا القباب الضخمة التى كانت تظلل قبر سيدنا رسول الله وجردوها من جميع النفائس – وبعد أن دان لهم الحجاز كله , ساروا نحو الشام مجردين الحملات اليها بتمويل وتخطيط من دولة الاحتلال الأنجليزى لما لآل سعود من عماله سارت جلية للأنجليز .
وقد أستغل آل سعود المذهب الوهابى فى أعمال سياسية لضرب الدولة الأسلامية وأثارة حروب مذهبية داخلها – دون أدراك ووعى من أتباع المذهب الوهابى ,ولكن عن أدراك ووعى من الأمير السعودى , حيث العلاقة كانت متماهية متناغمة بين الأنجليز وعبد العزيز بن سعود , وسارت على نفس المنوال بينهم وبين أبنه سعود , وقد تجلت عمالة آل سعود لأنجلترا فى أحط معانيها فيما بدى من تباهى الأنجليز وآل سعود معا بهذه العلاقة التى تغلفها العمالة والخنوع , بل أن الأنجليز صاروا لايخفون وقوفهم الى جانب آل سعود دوليا بالأضافة الى الأسلحة الكثيرة والعتاد الذى وصل الى آل سعود من المستعمرات الأنجليزية فى الهند .
لكن كان الدور المصرى من أوقف المد الوهابى السعودى العميل للأنجليز ولو الى حين , حين طلبت دولة الخلافة من والى مصر محمد على ضرب الوهابيين ,فأرسل حملة من الجيش المصرى بقيادة ابنه “طوسون ” لمحاربتهم وتمكن الجيش المصرى 1812من فتح المدينة ,و استسلم الوهابيون 1818 بعد ان دكت جيوش ابراهيم “الدرعية”- وعلى أثر ذلك أنتهت مرحله من الخيانة والعمالة مع الأحتلال الأنجليزى , وحكومة المملكة المتحدة ضد الأمة العربية والخلافة الأسلامية , قادها آل سعود , وهو مانتج عنه تفكيكا وتدمير لشبة الجزيرة العربية والشام لصالح الأمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة الأميركية فيما بعد , ويقال أن ذلك من العوامل التى ساعدت على أن اصبح العالم العربى (خاصة مشرقة) طيع للتقسيم والأحتلال ,وهو ماغدى أرض خصبة للأعلان عن وعد بلفور الذى وعدت به بريطانيا اليهود بفلسطين وطنا قوميا لهم .
وعلى طريق الخيانة والعمالة , ومن اجل تقسيم وتفتيت العالم العربى ,وجعله لقمة سائغة للأحتلال وتمكين الصهيونية العالمية-,وبعد أن تمكنت من ارض فلسطين 1948-من التوسع وتحقيق حلمها التلمودى من النيل الى الفرات , تابعت الأسرة السعودية غييها وغايتها فى العمالة للأستعمار العالمى وكان خير ماجسد ذلك , الوثيقة المؤرخة 27\12\1966 – والخاصة بالملك (فيصل والتى وجهها الى ( ليندون جونسون) الرئيس الأمريكى يستحثه أن تقوم امريكا بدعم اسرائيل للقيام بهجوم خاطف على مصر لتضطر لسحب جيشها من اليمن, ولأشغال مصر بأسرائيل (عنا) لمدة طويلة ,لم يرفع بعدها مصرى رأسه خلف القناة ليحاول أعادة مطامع محمد على وجمال عبد الناصر فى وحدةعربية .
ويتابع فيصل , وبذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية المبادىء الهدامة (على حد زعمه)لافى مملكتنا فحسب بل فى كل الدول العربية – ولامانع لدينا من أعطاء معونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية أقتداء بمقولة (أرحموا شر قوم ذل),وكذلك لأتقاء أصواتهم الكريهة فى الأعلام _ وتتابع الوثيقة على لسان فيصل , الى جونسون ,لابد من الأستيلاء على الضفة والقطاع حتى لايبقى للفلسطينيين أى مجال للتحرك وحتى لاتستغلهم اى دولة عربية بحجة تحرير فلسطين .
ويعرض فيصل على الرئبس الأمريكى تقوية الملا البرزانى بغرض انشاء حكومة كردية مهمتها أشغال اى حكم فى بغداد ينادى بالوحدة العربية , وعن سوريا تتحدث الوثيقة بأنه لايجب ان تسلم سوريا من الهجوم مع أقتلاع جزء من أراضيها حتى لاتتفرغ لسد الفراغ بعد مصر .

وحققت أمريكا وأسرائيل مطلب آل سعود الذى هو فى الأساس لب المشروع الصهيونى الأمريكى فى الأستيلاء على المنطقة العربية , وكانت حرب حزيران (يونيو)1967 وما آلت اليه من احتلال مطابقا لسيناريو الوثيقة الملكية السعودية – ثم حرب الخليج الثانية والثالثة , حين أوعزت المخابرات الأمريكية والسعودية الى أمير الكويت – آبان عقد أجتماع بينه وبين صدام حسين لتسوية النزاع حول آبار النفط المتنازع عليها حدوديا – أن يستثير صدام حسين ,وأن تتمسك الكويت بالآبار , وتواصل سرقة انتاجها النفطى , فى تحد صارخ لصدام على سند من القول انه لايستطيع أن يحرك ساكنا , وهو ما أدى الى أحتلال صدام للكويت فى ساعات معدودة مدفوعا بهذا التحدى الذى غذت به المخابرات السعودية رأس الأمير الكويتى دون اساس من واقع , وهو ما كان بداية للمخطط الذى أدى الى أنهيار العراق وتقسيمه وتكوين دولة كردية فى الشمال العراقى , وقد كان الدور السعودى هو الحاضن للمؤامرة الأمريكية على العراق .
ولم تسلم نافذة “الموزاييك”للوطن العربى “لبنان” من التآمر السعودى المسيير بفعل المخابرات الأمريكية لتأليب الطوائف والقوى السياسية اللبنانية لفصم عرى السلام الأجتماعى اللبنانى – ذات الطبيعة الخاصة- فصنعت المخابرات السعودية من آل الحريرى عملاء لها لتدمير لبنان وأنهاء سلميته , وبفعل سموم آل سعود وتطاير رذاذ بترودولاراتها سعرت قوى 14 آذار الى معسكر العمالة والأستعمار , وصارت خنجر مسموم بوجه المقاومة اللبنانية لحزب الله وسوريا وعلى صعيد ثورات الربيع العربى آوت الأسرة السعودية “بن على” بعد أن ثار ضده الشعب التونسى ووجه المآوى درب الخيانة والعمالة للصهيونية والأمريكان , وكان التعاطف مع مبارك قد بدى فى الأفق على وجه الأسرة الحاكمة السعودية لما للأخير من تعاون وثيق بينه وبين كل من الادارة الامريكية والاسرة السعودية , لكن على الجانب الآخر فأن الحكومة السعودية قد سخرت الجامعة العربية لتكون المحلل لأستدعاء قوات الناتو لضرب ليبيا وتفكيك بنيتها التحتية وقتل القذافى طالما الأخير قد ناصب العداء لآل سعود منطلقا من عمالتهم للغرب الاستعمارى الأمريكى- لكن تبقى سوريا وعندها الأمن القومى المصرى لذا كان التآمر السعودى الأمبريالى الغربى قد ساد لتركيع الأمة العربية ودفن جثتها على أنقاض سوريا الشام والدرع الواقى لمصر والعرب , فتم تدشين ماسمى بالجيش الحر الممول سعوديا وقطريا بالعتاد الصهيونى , وتبنت الاسرة السعودية الجانب الاكبر من المعارضة السورية وساهمت المخابرات السعودية فى نقل كل قوى الارهاب الى الداخل السورى , واستعدت أمريكا وفوضتها مستغلة فى ذلك جامعة الدول العربية فى شن العدوان على سوريا لتفكيكها وتدميرها اسوة بالعراق , وتنفيذا لمقرارت الغرب الأمريكى ووعوده بشرق اوسط جديد .
لكن ولأن سوريا صمدت وأجهضت المؤامرة عليها وعلى الأمة العربية , وأنحسر العدوان الامريكى بفعل المقاومة السورية ومحور ايران حزب الله من جانب والصين وروسيا من جانب آخر , لذا جن جنون آل سعود ورفضت قبول عضوية مجلس الأمن المؤقتة أعتراضا على عدم تلبية رغبتها فى شن أمريكا عدوانا على سوريا , يحقق أمنا لعرش آل سعود ويقضى على ثمة مقاومة للعدو الصهيونى – وعلى ذلك تتخبط الأدارة السعودية وتبدو تصريحات بندر بن سلطان بالتقارب مع فرنسا ومحاولة الايهام بأن هناك خلاف مع الولايات المتحدة قد بدى أمر بعيد عن الواقع ,الذى يؤكد أن الادارة الأمريكية تمسك بتلابيب الاسرة السعودية وبكل مقدرات المملكة , خاصة تك الودائع التى تقدر بألوف المليارات فى البنوك والمؤسسات النقدية الأمريكية , ناهيك عن أن الأدارة الأمريكية ومخابراتها تغوص فى الداخل السعودى الى الحد الذى يمكنها من معرفة خفايا غرف نوم الأمراء السعوديين وكذلك القصر الملكى .
ازاء هذا الوضع المذرى للأسرة الحاكمة السعودية وبلاط صاحب الجلالة فيها ,فأن السؤال المطروح , أى مصير ينتظر المملكة؟ هل هو مصير حمد بن خليفة , أم أنه مصير الأسرة السعودية كلها , أم أن المملكة على حافة أنهيار الملكية فيها , لتنهى عصر ابا لهب وجهل الى الأبد ,ويضحى الشعار يزلزل وهتاف الحجيج يادولة الظلم أنمحى وبيدى.
ويعود الحج ركن الاسلام الخامس فى جو مفعم بمفهومه وتعود المملكة العربية السعودية أرض الحجاز وكعبة الثورة على الشرك والعمالة والفساد.

* محمود كامل الكومى  -كاتب ومحامى مصرى- بانوراما الشرق الاوسط