كوروش و "التفاهم الايراني الاسرائيلي"!

كوروش و
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤ - ٠٧:٣٦ بتوقيت غرينتش

في بعض الاحيان يدهش الانسان من بلادة ومستوى تطبيل وتحليل "المتثقفين" العرب ويتصور ان هؤلاء كأنما يخاطبون موجودات قادمة من المريخ وليس اناس وشعوب تشاركهم هذه الاوضاع المتردية وهي تكتوي بنار التكفيريين من جهة وانظمة التبعية والاستلاب العربي من جهة ثانية..

أحد هؤلاء المتثقفين ومن أجل حرف الاذهان عن المشهد العربي الحاضر وانكشاف علاقات العديد من الانظمة العربية بالكيان الصهيوني، يتحدث عن تحرير السبي البابلي على يد الملك الاخميني "كوروش الكبير" خلال استيلاءه على بابل عام 539 قبل الميلاد وانتصاره على "بنونعيد" ويستدل من خلال ذلك على تفاهم بين ايران والكيان الاسرائيلي وتعاون لضرب الامة والحكومات العربية!!

 لن اناقش هذه التفاهة الثقافية والجهل المركب، فاليهود حينها كانوا يمثلون التدين والذي أسرهم كان وثنيا (نبوخذ نصر) وعمل كوروش الذي تعتبره بعض المصادر انه كان من الصالحين، يمثل انتصاراً للانسانية والدين حينها.. وقد تجلت القيم التي يحملها كوروش في تعامله مع أهل بابل وفي قصة تكريمه للنبي دانيال (ع) وأخذه معه الى سوسة (او شوش) وفي منشوره بحقوق الانسان..

 أن هناك ما يقرب ثمانية انظمة حكم عربية تقيم او تصرح او تلمح بعلاقات ومصالح مشتركة مع الكيان الصهيوني، دون حياء او خجل!
وهذه الانظمة والحكومات، هي: مصر، الاردن، المغرب، قطر، الامارات، السعودية، البحرين، ليبيا، موريتانيا، اضافة الى اقليم كردستان العراق واحزاب ضمن تيار 14 آذار في لبنان.
وعدد آخر مما يسمى ببلدان الاعتدال العربي التي تطوف حول البيت الابيض في كل شؤونها، فالمسألة عندها لا تتعدى مجرد الاشهار او رفع مستويات الاتصال..!
 وهذا الالتقاء في المصالح العربية مع الصهاينة محوره جملة امور، كما يصرح بها المتعاملون العرب والصهاينة على حد سواء، وهي:

مواجهة "التهديد الايراني" وتداعيات اتفاق جنيف النووي بين ايران ومجموعة 5+1، الوقوف بوجه سياسات محور المقاومة الذي يمتد من طهران الى بيروت، محاصرة ايران، اسقاط حكم الرئيس السوري بشار الاسد وتدمير سوريا، تغيير النظام السياسي الجديد في العراق وانهاء حكم الاغلبية الذي قام منذ بضع سنوات فقط على انقاض الحكم الطائفي البائد، قمع الثورة في البحرين، اجهاض مطالبات الحوثيين بانصافهم والحراك الجنوبي في اليمن، ضرب استقرار الجزائر، ونزع سلاح المقاومة في لبنان.

 ومع كل هذا التقارب بين تلك الانظمة والصهاينة في الرؤى والمواقف والاهداف والمصالح، كيف يعقل ان تكون ايران والكيان الاسرائيلي متفاهمان على ضرب العرب؟! فهل يعلم ويدرك الحكام العرب ابعاد هذا التفاهم.. وكيف لا يدركونه بينما ابواق الدعاية لديهم (ومنها المتثقف الذي اشرت اليه في بداية حديثي) تتحدث عنه ليل نهار؟!!
وهل الامر يتعلق بغباء البعض او استغباءهم لشعوبهم ومخاطبيهم.. واي مخاطب يصدق كل هذه الترهات؟ ثم اي العرب مستهدفين بالتفاهم الايراني الصهيوني؟! المقاومين والرافضين للتطبيع والمحاصرين في غزة، ام الحكام الموالين لاميركا سند المشروع والوجود الصهيوني في المنطقة العربية؟!!

 لقد وصل الامر ببعض العرب (الحكام) وللأسف الشديد أن يعزّوا الصهاينة بموت سفاح صبرا وشاتيلا، اريل شارون، بالرسائل وآخرون يرسلون موفدين لابراز العزاء!

ومن هنا يتضح ان مسار التطبيع مع الصهاينة متسارع هذه الايام من قبل حلفاء اميركا العرب والذين اصبحوا يتحدثون عن ذلك دون مواربة وبشكل صريح..

 انه جانب من الهستيريا والجنون الذي اصاب بعض انظمة الحكم العربية من الاتفاق النووي الايراني الغربي.. فهل سيحميها التقارب مع الصهاينة من نار شعوبها وحركات المطالبة بالحرية والديمقراطية؟ وهل سيدفع عنها الصهيوني ما عجز الاميركي عن فعله؟!

أن التعاون بين الكيان الاسرائيلي والانظمة العربية الحليفة لأميركا موجود منذ سنين.. فالمنتجات الزراعية والصناعية الصهيونية موجودة في الاسواق العربية، وكذلك الاسلحة والتقنيات العسكرية وخبرات القمع والجاسوسية تنقل عبر الاردن او بشكل مباشر الى الشقيقات في مجلس التعاون واخيرا ثوار ما يسمى بالربيع العربي في ليبيا وسوريا.

 ان جعل ما يسمونه بـ"التهديد الايراني" مبرراً للتقارب مع الكيان الاسرائيلي مجرد كذبة، لأن ايران لم تهدد بلداً الى الآن رغم الاساءات والعدوان عليها.. لقد دعموا صدام حسين بالمال والرجال والسلاح والمواقف وبالمشاركة في حصار ايران، فماذا فعلت وقالت ايران عندما دارت الدوائر واصبح القائد الضرورة وبطل القادسية (صدام حسين) العدو رقم واحد للانظمة الحليفة لأميركا.. قالت لهم ايران كما قال رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لأهل مكة بعد فتحها: اذهبوا فأنتم الطلقاء!

وتبقى المشكلة في نفوس الطلقاء.. لقد قتلوا حفيد رسول الله (ص) بعد سنوات على رحيله، وبعد ما سلبوا السلطة والخلافة من أهلها.. لكن في هذه المرة لن تكون هناك عاشوراء أخرى وحسين يقتل.. فالعاشورائيون اليوم كثر!!

بقلم: علاء الرضائي