السياسة التركية.. أهداف ثابتة وأساليب متقلبة

السياسة التركية.. أهداف ثابتة وأساليب متقلبة
السبت ٠١ فبراير ٢٠١٤ - ٠٦:٤٦ بتوقيت غرينتش

نستطيع القول ان تركيا الاردوغانية انهت حقبة في سياساتها الخارجية ودخلت في حقبة اخرى جديدة، ستكون تأثيراتها افضل على المحيط الاقليمي وملفات المنطقة التي كانت " العثمانية الجديدة" سبباً كبيراً في تسخينها.

وهذا التحول بالطبع لا يخرج عن نطاق الثوابت التركية، كما كانت السياسة السابقة لا تخرج عن نطاق الاهداف الثابتة والتي تتلخص بنقطتين اساسيتين، هما:
1 ـ القوة والنفوذ الاقليمي، من أجل درء التهديدات الأمنية والعسكرية.
2 ـ النفع والمصلحة المادية، فالتركي اثبت أنه تاجر براغماتي عكس التاجر التقليدي الايراني، الذي تحركه مبادئ ثورته الاسلامية، او التاجر العربي الذي لايقوى على تغيير سطوة قيم القبيلة على مواقفه.

وبغض النظر عن المصلحة المادية التي يرى التركي انها تأتي من خلال بعدين: اقليمي واوروبي، لذلك هو يسعى للانظمام الى الاتحاد الاوربي من جهة وللتمدد الاقليمي من جهة ثانية تحت مختلف العناوين والتسميات، خاصة في بلدان الامبراطورية العثمانية السابقة.

والمفهوم التركي للأمن الاقليمي يعتمد على استراتيجيتين اساسيتين:
الاولى، هي استراتيجية " الامن الخارجي"، والثانية " استراتيجية الامن الاقليمي"، وبالطبع فأن افضل اوضاع الامن الخارجي التركي تكون عندما تجتمع هاتان الاستراتيجيتان ويظهر تأثيرهما على الامن والاستقرار الداخلي والمصلحة الاقتصادية، بالضبط كما كان في الحالة التي سبقت احداث ما يسمى بالربيع العربي، حيث تحولت العديد من البلدان المجاورة لتركيا من عدوة الى صديقة وفي الوقت نفسه كانت علاقات الاتراك جيدة مع القوى الدولية وخاصة الغربية.

لكن دخول تركيا الاردوغانية على خط استثمارات الربيع العربي الى جانب القوى الغربية وبالتعاون مع قطر ومصر الاخوانية، بعد ان كانت في بعض المواقع (مثل ليبيا) من مناهضيها، حولها كلياً نحو استراتيجية الامن الخارجي.. فأنهالت عليها المساعدات الغربية وزادت عسكرة حدودها واراضيها وظهرت بوجهها تحديات اقليمية وداخلية متعددة، لكنها كانت تشعر بنسبة من الأمن من خلال الدعم الخارجي، رغم انها تدرك جيداً صعوبة الاعتماد على الاجنبي أمنياً، لكن ما جعلها تستمر بساساتها هو الاستتباب الداخلي وتحسن الوضع الاقتصادي والاموال التي بدأت تصل اليها جراء شراء موقفها في معاداة نظام الرئيس الاسد في سوريا وحكومة المالكي في العراق، وسيطرتها على الشارع التركي بشكل عام.

لكن انسحاب اميركا عن استراتيجيتها التصعيدية السابقة، وصمود الحكومة السورية بوجه الارهاب والحرب المفروضة عليها وسقوط الحليف المصري وانتهاء الدور القطري وعجز السعودية عن تحقيق أهداف الغرب الاقليمية وانتشار الفوضى والارهاب، ادى الى مراجعة اساسية للسياسة الخارجية التركية، وحولها من استراتيجية الامن الخارجي نحو استراتيجية الامن الاقليمي..

وبالطبع في مثل هذا التحول تكون ايران هي مفتاح الانفتاح على البلدان التي تحولت الى عدوة بفعل العثمانية الجديدة، ولما تمثله السياسة الايرنية من معاني جديدة في التعاون الاقليمي ومواجهة التحديات وتحقيق الاهداف الوطنية من خلال التقارب والتفاهم بين المكونات الاقليمية والقوى المؤثرة في المنطقة، فضلا عن وجود ارضية واسعة وقوية لمثل هذا التعاون الاستراتيجي بين البلدين..

ان الابتسامات العريضة التي ظهرت على وجوه المسؤولين الاتراك والايرانيين خلال زيارة اردوغان الى طهران، توحي بحل العديد من الملفات الاقليمية وأمل بأن نعود الى شئ من العلاقات السليمة والصحية بين بلدان المنطقة وان كان عنوانها "مكافحة الارهاب" الذي صنعوه هم لنا او نفخوا فيه!

بقلم: علاء الرضائي