كشف الحجاب بين الواقع والسراب!

كشف الحجاب بين الواقع والسراب!
الإثنين ٢٤ فبراير ٢٠١٤ - ٠٥:٣٧ بتوقيت غرينتش

ازعم والله اعلم بان ما جرى ويجري في اوكرانيا ليس سوى انتقام امريكي صريح ومباشر من الروس بعد الخذلان والهزيمة اللذين تلقاهما الراعي الامريكي لمشروع ‘الشرق الاوسط الجديد’ على ابواب دمشق عرين الاسد !

ولما كانت واشنطن قد عجزت في مواجهة جبهة المقاومة منذ انكسار آخر موجة هجومية لها على سفوح جبل قاسيون في الثالث من ايلول/ سبتمبر من العام المنصرم فانها قررت توجيه حملتها العالمية نحو اسوار الكرملين والاقتراب كثيرا من تلك الاسوار لمنع قيصر روسيا من احتلال الفراغ الناجم عن قرارها الانسحاب من بلادنا العربية والاسلامية في اطار خطة اعادة التموضع والانكفاء على عقبيها تسليما واذعانا بان ثمة عالما جديدا يتشكل على حطام تصدع امبراطوريتها رغما عنها !

اعرف ان مثل هذا الكلام سيثير حنق وغضب الكثيرين ممن لا يرون في هذا العالم سوى وهم القوة الامبريالية الامريكية حتى لو ترنحت هذه القوة واهتزت وتزلزلت امامهم عشرات المرات، وسيدفعهم الى مزيد من الانكاروالمكابرة !

ينتقدني كثيرون بانني اقدم صورة وردية متفائلة جدا عن وضع اتباع وانصار جبهة المقاومة والممانعة، الى درجة الافراط …. وانتقاصهم الوحيد الذي اسمعه كرارا ومرارا للرؤية او القراءة التي اقدمها هو : يعني معقول كل هذا لديكم ومع ذلك فانتم لستم في احسن حال في موقعكم الدولي اذ وكما يبدو ويظهر بالارقام والاحصاءات فانكم في كثير من المجالات الحيوية يأتي ترتيبكم في المراتب الدنيا ان لم يكن في آخر السلم او الجدول !

بالمقابل ينتقدني كثيرون من ابناء جلدتنا واتباع وانصار جبهة المقاومة والممانعة بانني انتقد كثيرا واكون قاسيا في نقدي احيانا لسياسات او ممارسات بعض رموز الطبقة السياسية او المسؤولين عندنا لاسيما الديبلوماسيين منهم في شكل تعاطيهم مع معسكر الخصوم!

الى الجهة الاولى اقول: اعطوني جغرافية واحدة فقط او حالة معينة واضحة وشفافة انتصر فيها المعسكر المعادي لجبهة المقاومة او حقق تقدما ملحوظا دفع به بجبهتنا الى مزيد من الضعف والهوان وجعلنا نتراجع الى الوراء فيما هي فيه من سلم الرقي والتقدم في اجمالي تقدير الموقف العام ؟!

اما الى الجهة الثانية فاقول: اعطوني دليلا او سببا واحدا يقنعني بان هؤلاء الذين ننتقدهم من طبقة النخبة السياسية او الثقافية او الديبلوماسية بشكل خاص لا يستأهلون مثل هذا النقد او ان نقدهم يضعف من اجمالي حراكنا العام كجبهة مقاومة وممانعة !

اقول هذا اليوم لان ثمة من لا يزال يصر رغم كل الذي يراه من سقوط وتراجع وتصدع في جبهة خصوم المقاومة والممانعة باننا في الوضع الضعيف و ان الخصم لا يزال هو الاقوى في كل حسابات الارقام !

ولنذهب سوية الى واقع الحال ولنحسب بالنقاط من كان يكدس هزائم ومن كان يراكم انتصارات منذ العام 2000م حتى الان :
1 ـ الم ننتصر عليهم في اليابسة عندما اخرجناهم منكسرين مهزومين من لبنان ومن جيوبوليتيكا الشام وحشرناهم في شريط ضيق بين البحر المتوسط العربي الاسلامي والنهر الفلسطيني دون تقديم اي تنازل او عقد اي اتفاقية مذلة ؟

2 – الم ننتصر عليهم في الجو في العام 2006 م عندما فشلوا في تهشيم جسم المقاومة ولم يتمكنوا من اخضاع بندقيتها رغم اطنان القنابل على مدى ثلاثة وثلاثين يوما ؟

3- الم ننتصر عليهم في البحر عشية الثالث من ايلول/ سبتمبر الماضي عندما اجبر ثلاثي المقاومة وصاحب المشهد الدمشقي الشهير باراك اوباما على الركوع على سفوح جبل قاسيون والتراجع عن غزو الاراضي السورية من البحر المتوسط ؟

4- من اخرج الامريكيين من العراق وجعلهم يهرولون ويهربون منه تحت جنح الظلام وصواريخ ذو الفقار والكرار تلاحقهم؟
من يضع القوات الامريكية وقوات حلف الاطلسي اليوم في افغانستان بين فكي كماشة وهي تعد للفرار من هذا البلد الاسلامي ولسان حالها يقول: ماذا جنيت من كل الذي فعلته من اجل السيطرة على خطوط انابيب النفط والغاز من آسيا الوسطى والقوقاز وانا اغزو هذا البلد الاسلامي بموقعه الجيو استراتيجي الذي قد لا يشبه الا نفسه ؟

5- من حقر تاج الامبراطورية الاكبر في العالم وجعلها تدخل طور الشيخوخة المبكرة و تقرر الانكفاء من منطقتنا واعادة التموضع على عقبيها دون فرض شرط غربي واحد يذكر على قوى المقاومة والممانعة من خلال الادارة السليمة ؟

وعشرات الاسئلة الاخرى التي يمكن ان يضعها اي مراقب لما يحصل للامبراطورية الامريكية الشائخة والتي تسير القهقرى في اكثر من بقعة في العالم، منذ ان دخلت عصر المواجهة المفتوحة مع قوى العالم الحر والمستقل الصاعد على حساب عالم معادلة المنتصرين في الحربين العالميتين الاولى والثانية ..!

اخر ما يمكن الاشارة اليه في هذا السياق هو عجز الكاوبوي الامريكي من تمرير اي قرار في مجلس الامن الدولي ضد جبهة المقاومة والممانعة وهو الذي لطالما سرح ومرح في هذا الموقع الدولي المختطف من قبل حكمه المطلق للعالم…!

* محمد صادق الحسيني / القدس العربي