الإنتخابات التركية ورسائل أردوغان

الإنتخابات التركية ورسائل أردوغان
الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠١٤ - ٠٢:٣٨ بتوقيت غرينتش

فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية التي جرت في تركيا الاحد 31 اذار / مارس ، يبدو انه سيعطي زخما اضافيا لسياسة المواجهة التي يعتمدها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على الصعيدين الداخلي والاقليمي.

ثلاث رسائل ارسلها اردوغان ، عقب انتصاره الانتخابي ، الى من يهمه الامر ، كانت كفيله لاثبات ان الرجل ماض حتى النهاية في سياسة المواجهة مع معارضيه وخصومه على مختلف الصعد.
اولى رسائل اردوغان كانت لمعارضيه في الداخل ، حيث كان البعض يتوقع ان يطوي اردوغان صفحة ما قبل الانتخابات التي كانت متخمة بقضايا الفساد والتسريبات الامنية ، ويعمل على تهدئة الاجواء والاصغاء الى معارضيه ، الا ان نبرة خطابه كانت عالية جدا متوعدا خصومه بدفع الثمن ودخول عرينهم ، الامر الذي يوحي بان تركيا مقبلة على جولة جديدة من الصراع وتسوية الحسابات التي لا تنتهي.
اما رسائل اردوغان الاقليمية ، فكانت واضحة وبشكل لافت ، فقد رفع شعار رابعة بعد خطابه الذي القاه امام انصاره بعد فوز حزب العدالة والتنمية ، وهو ما اكد تمسك اردوغان بسياسة المواجهة ذاتها ، مع السلطات المصرية التي جاءت بعد حكم الاخوان في مصر ، وهي سياسة لايمكن ان ينتج عنها سوى المزيد من الازمات التي تعصف بمنطقة الشرق الاوسط.
الرسالة الثالثة ، وهي اقليمية ايضا ، فجاءت بعد ساعات من فوز حزب اردوغان ، وكانت موجهة الى سوريا بشكل خاص ، حيث قصفت المدفعية التركية مناطق داخل الأراضي السورية يوم الاثنين 31 اذار/ مارس ، ردا على سقوط ثلاث قذائف مورتر، مصدرها الاراض السورية ، أصابت مسجدا في بلدة يايلاداجي ، حسب كالة أنباء دوجان التركية.
هذه الرسالة القوية تؤكد على مواصلة اردوغان ، وبشكل اكثر تصلبا ، سياسته ازاء الازمة السورية والهادفة الى اسقاط النظام السوري بقوة السلاح، وهو ما ينذر بتورط تركي خطير في الحرب الدائرة في سوريا ، لاسيما بعد التسريب الخطير لفحوى اجتماع امني شارك فيه كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والامنيين الاتراك ، وكان يهدف الى اختلاق ذرائع لمهاجمة سوريا.
هذه الرسائل الثلاث ، كانت كافية لاستشراف ما قد تواجهه المنطقة خلال المرحلة القادمة ، اذا ما اضيف اليها ، الطبيعة الشخصية لاردوغان المعروف بغروره وحدته وغضبه السريع  وحساسيته المفرطة ، وعدم ميله لانصاف الحلول وعدم قدرته على تحمل الاخر، وهو ما بدا واضحا من قصة السيدة التي رفعت يدها الى اردوغان بحركة بذيئة في مدينة ازمير ، فكان نصيبها الاعتقال.
اردوغان شخصيا اشار الى هذه الحادثة بقولة :"اليوم في طريقي الى هنا كانت هناك امرأة في شرفة. أشارت إلى بإشارة بذيئة بيدها...هذا هو حزب الشعب الجمهوري. أعني أن رئيس وزراء البلاد يمر وأنت تأتين بهذه الإشارة بيدك وذراعك،،... الامر الذي يكشف مدى قدرة تحمل اردوغان للمعترضين عليه ومنتقديه .. ولو بإشارة!!.
اردوغان يعرف  اكثر من غيره ،  ان الانتخابات هي احدى الممارسات الديمقراطية وليست كل الديمقراطية ، لان الاداء السياسي المتزن والمسؤول ، والاعتراف بالخطأ ، والانفتاح على الاخر ، والتعامل مع المعارضة والاصغاء لها بجدية ، واحترام رأي نحو 56 بالمائة من الشعب التركي الذي لم يمنح اردوغان صوته ، هي ايضا بعض عناصر الديمقراطية ، والتي كثيرا ما يتغافل عنها اردوغان للاسف الشديد.
ان عناصر الديمقراطية التي ذكرناها ، بالاضافة الى المشهدين التركي والاقليمي المتأزمين ، كانت يجب ان تشكل عاملا يحول دون اندفاع اردوغان في اطلاق رسائله الحادة والمستفزة الى الداخل والخارج ، الا ان اردوغان المنتشي بالنصر الانتخابي ، ابى الا ان يصغي لطبيعته الشخصية المتصلبة والدائرة الضيقة المحيطة به ، واستمر برفع لواء سياسة المواجهة الشاملة ، وهو ما ينذر بأيام صعبة تنتظر تركيا والمنطقة على حد سواء.

شفقنا - ماجد حاتمي

كلمات دليلية :