الأوروبيون يحلمون بإحياء دورهم الاستعماري في إيران (2)

الأوروبيون يحلمون بإحياء دورهم الاستعماري في إيران (2)
الأحد ٠٦ أبريل ٢٠١٤ - ١٠:٣٩ بتوقيت غرينتش

بعد الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 في 24 نوفمبر 2013 زار وفد أروروبي إيران والتقى عدداً من المعارضين في السفارة اليونانية في طهران وأثار اللقاء غضب أعضاء البرلمان الذين اعتبروا ذلك تدخلاً في شؤون إيران الداخلية، بعدها زارت رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إيران والتقت سراً بعدد من النسوة خارج إطار اللقاءات الرسمية، حيث اعتبر أعضاء البرلمان هذه الخطوة غير الرسمية تدخلاً من الاتحاد الأوروبي في الشؤون الداخية الإيرانية.

ولكن الأوروبيين، لم يكتفوا بهذه الخطوات الاستفزازية، بل زادوا تدخلهم في الشؤون الداخلية الإيرانية حیث أصدر البرلمان الأوروبي قراراً، أکد فیه تدخله السافر في الشؤون الإيرانية، وطالب البرلمان المسؤولين الإيرانيين تنفيذ مطالبهم من أجل تعزيز العلاقات بين الجانبين.
وقد أعلن أغلبية أعضاء البرلمان الإيراني بأن هذا القرار الأوروبي مرفوض وعدوه تدخلاً في الشؤون الداخلية الإيرانية، ووصف رئيس البرلمان الإيراني قرار البرلمان الأوروبي بأن له هدف إعلامي ومحتواه سخيف.
من جهته قال الرئيس السابق للبرلمان الإيراني غلام علي حداد عادل بأن الأوروبيين لا زالوا يؤكدون على أفكارهم الاستعمارية ولا زالت الأفكار الاستعمارية تغلب على أقوالهم وأفعالهم.
وأضاف حداد عادل أن قرار البرلمان الأوروبي يطالب الإيرانيين بمراعاة المواصفات الأوروبية في جميع الشؤون متسائلاً: هل ثبت بأن المواصفات الأوروبية هي الأفضل لكي نراعيها دون قيد أو شرط؟!
وتساءل حداد عادل: من قال بأن على الآخرين أن يسيروا على خطاكم، إننا مسلمون، لنا معتقداتنا ولسنا مستعدين أن نسير على خطاكم ونغسل أيدينا من معتقداتنا.
إذا ألقينا نظرة على قرار البرلمان الأوروبي نرى أنه ينظر إلی إيران نظرة استعمارية مهينة، ويطالب المسؤولين الإيرانيين تنفيذ المطالب الأوروبية بتحكم غريب لم ير الإيرانيون قبل ذلك مثل هذا الأسلوب السافر من الاتحاد الأوروبي.
وقد وصف أحد أعضاء البرلمان الإيراني القرار الأوروبي بأنه ناجم عن المواقف المتسامحة للحكومة الإيرانية ووزارة الخارجية تجاه تدخل الأوروبيين في الشؤون الداخلية الإيرانية.
وقد طالب أعضاء البرلمان الحكومة الإيرانية بوقف المفاوضات النووية رداً على القرار الأوروبي الذي طرح قضايا لا يمكن حسب أعضاء البرلمان السكوت عنها منها انتقاده للانتخابات الرئاسية التي جرت في حزيران يونيو 2013 والتي أسفرت عن انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني رئيساً للجمهورية.
وطالب القرار الأوروبي العمل على افتتاح مكتب للاتحاد الأوروبي في طهران ليكون افتتاح المكتب أداة فعالة للتأثير على سياسات إيران، وبدء حوار مع إيران في مجال حقوق الإنسان والأقليات.
ويرى قرار البرلمان الأوروبي بأنه إذا ما حصل تقدم في المحادثات النووية بين إيران والاتحاد الأوروبي فإن ذلك سيمهد الطريق إلی اتخاذ خطوات لتحسين العلاقات بين الجانبين حول المجتمع المدني الإيراني والقطاع الخاص ومكافحة الإرهاب والاطمئنان من أن المتهمين بالاتجار بالمخدرات ينالون محاكمة عادلة ووقف تنفيذ حكم الإعدام في إيران وتحسين وضع حقوق الإنسان.
وهكذا نرى أن قرار البرلمان الأوروبي يتدخل في قضايا داخلية لإيران تخص الإيرانيين ولا تخص الأوروبيين بشيء، مثل المجتمع المدني الإيراني والقطاع الخاص ومكافحة الإرهاب والمخدرات وعقوبة الإعدام وحقوق الإنسان في إيران؛ ويطالب القرار الأوروبي إيران استخدام نفوذها في سوريا لوقف الحرب هناك موكداً على ضرورة مشاركة إيران في المحادثات المتعلقة بحل الأزمة السورية بشرط أن تلتزم إيران بالحل الدبلوماسي للأزمة السورية.
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان في إيران يرى القرار ضرورة الإفراج عن الذين كان لهم دور في الاضطرابات عام 2009، كما أعرب القرار الأوروبي عن قلقه من إعدام المتاجرين بالمخدرات واتهم إيران بالتعامل غيراللائق مع الفرقة البهائية مطالباً أن تكون علاقات الاتحاد الأوروبي مع إيران رهناً بالتزام إيران بحقوق الإنسان.
وقد أعلن القرار الأوروبي دعمه لمقرر الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ودعا إيران إلی السماح له دون قيد أو شرط بزيارة إيران، كما يطالب القرار إيران بوقف حكم الإعدام.
والقرار الأوروبي يؤكد هذه المرة على أن الوفود الأوروبية التي تزور إيران عليها أن تلتقي المعارضين للنظام والناشطين السياسيين والسجناء السياسيين. كما يطالب القرار إيران بالبحث مع الاتحاد الأوروبي حول المجتمع المدني وإصلاح القوانين الجزائية ومحاكمة المتهمين في محاكم الثورة وحقوق المرأة الإيرانية.
يبدو أن الاتحاد الأوروبي يتجاهل بين ليلة وضحاها مواقف المسؤولين خلال أكثر من ثلاثة عقود من التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية الإيرانية ولا يدرك أن التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية هو خط أحمر لا يجوز لأي دولة أو قوة أن يتجاوزه، لأن تجاهل الخط الأحمر سوف يواجه برد فعل قوي من جانب الشعب الإيراني ومسؤوليه.
فردود فعل أعضاء البرلمان على قرار البرلمان الأوروبي هو نموذج بسيط لرد المسؤولين الإيرانيين على التدخل الأوروبي في الشؤون الداخلية الإيرانية
ومن المنتظر أن يعيد أعضاء البرلمان الأوروبي النظر في قرار برلمانهم بشأن التدخل في شؤون إيران الداخلية وأن يعرف الأوروبيون حدودهم والخطوط الحمر التي من الضروري عدم تجاوزها.
 

* شاكر كسرائي