الامام الخمیني والثورة على الانحراف.. 2

الامام الخمیني والثورة على الانحراف.. 2
الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤ - ١٠:٣٨ بتوقيت غرينتش

مشروع الامام الخمیني في اقامة الدولة الاسلامیة واجه مشروعین مزیفین وخطین انحرافیین، كان كل واحد منهما یرید مصادرة الاسلام في قراءة خاطئة ممولة عن قرب او بعد من اعداءه.

وهذان المشروعان، هما: "الحجتیة" داخل المذهب و"الوهابیة" في خارجه. ولربما كانت هناك قراءات ومشاریع هاشمیة اخری، لكنها لم تكن ولیست بقوة هذین المشروعین ولا بحجم التمویل الذي یتلقیانه من قبل قوی الاستكبار العالمي وفي مقدمتها بریطانیا الخبیرة بالاوضاع الشرق اوسطیة، وعملاءهم في المنطقة.

وقد اشتد حراك المشروعین المذكورین مع انتصار الثورة الاسلامیة في ایران، وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفیتي وانهیار الكتلة الشیوعیة اواخر ثمانینات ومطلع تسعینیات القرن المنصرم، حیث بدأ الغرب یبحث عن عدو ایدولوجي! وبصراحة أنا شخصياً لا اؤمن بهذه الاخیرة التي اطلقها صاموئیل هانتینغتون في مقولته "صدام الحضارات"، وهي ان الغرب بدأ یبحث عن عدو ایدویولوجي بعد سقوط الاتحاد السوفیتي، لانهم اي الغربیون یجیدون وضع اكثر من سیناریو لمؤامراتهم واستراتیجیاتهم البعیدة المدی.. فكان استعداء الاسلام أحد تلك السیناریوهات وأهمها قبل سقوط الاتحاد السوفیتي وانهیار المعسكر الاشتراكي.

وقد كان مشروع الحجتیة ومشروع الوهابیة، قائمین قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران، لكنهما تحولا الی خلایا نائمة مع اشتداد التحرك الاسلامي في ایران والمنطقة وكلاهما ترعرع في ظل أنظمة دكتاتورية موالیة للغرب ودعما من قبلها، ایران الشاه والسعودیة.

ولعل أهم ما في المشروعین، هو توجیه الصراع بین الحق والباطل والایمان والالحاد، الی صراع داخلي بین المذاهب الاسلامیة والمدارس الفكرية داخل المنظومة الاسلامیة وتشدید الخلافات حول مقولات ثانویة لا تشكل أصل الاسلام، مع تأكید غیر طبیعي علی مقولة الفرقة الناجیة التي تطرد جمیع المؤمنین الآخرین من جنة عرضها السماوات والارض... متناسین الخلافات العقدیة والجوهریة مع البلدان الاستعماریة، حتی غدی الاستعمار والتبعیة للغرب توحدنا والتدین والاسلام یفرقنا!
نسینا مقولات وقضايا مثل: التحرر، الاستبداد، فلسطین، الاستعمار، التنمية، التقدم، الحضارة والانتاج المعرفي وصار همنا كیف نستدل علی كفر المسلم الآخر ودخوله النار وتبرير قتله بأقسی وأعنف السبل.. وما ترونه الیوم في سوریا والعراق والیمن وباكستان وافغانستان من نتاجات تلك الافكار المنحرفة.

من هنا كان مشروع الامام الخمیني رضوان الله تعالی علیه ومن أجل مواجهة الانحراف، یتحرك ضمن الخطوات والابعاد التالیة:
1- توسیع عنوان الصراع مع القوی الاستكباریة العالمیة من خلال مشروع "حزب المستضعفین" في مواجهة "حزب المستكبرین".
2- اعلان "اسبوع الوحدة الاسلامیة " لجمع شمل المسلمین وتعریفهم ببعضهم من خلال اللقاءات والندوات والاصدارات.
بالمناسبة أحد الخطوط الأنحرافیة المعروفة ومن أجل ضرب مشروع الوحدة بین المسلمین أعلن ما یسمیه بـ"أسبوع البراءة" الذي تشتدّ فیه الشتائم ویزداد فیه السباب للآخر كماً ونوعاً!
3- الأفتاء ضد الاستفزازات المذهبیة ولعن الرموز وتبني هذه فتاوی علی مستوی الدولة والنظام والاعلام خاصة.
4- تقویة اواصر الاخوة مع علماء المذاهب الاسلامیة الاخری في داخل ایران ومع علماء البلدان الاسلامیة الاخری، رغم ان عمالة بعض الانظمة السیاسیة للغرب حالت دون تواصل العلماء المسلمین فیما بینهم.
5- الوقوف بقوة امام الخرافات والبدع والاساءات التي تظهر خلال اداء الشعائر الحسینیة ومن علی المنابر التي تشكل احد أهم مصادر تشكیل الوعي ونشره بین ابناء المجتمع.
6- تأسیس معاهد واكادیمیات ومدارس دینیة لتاهیل جیل من الدعاة والمبلغین یتولون نشر هذه المفاهیم الاصيلة.
7- الوقوف امام النشر المذهبي واعادة التراث الذي هو نتاج التقاتل والاختلاف بین المسلمین في مراحل سابقة.
8- وضع مناهج تجدیدیة في الحوزة العلمیة وتربیة علماء وفضلاء یتبنون مشروع الامام والجمهوریة الاسلامیة في خطوطه العامة.
9- تقدیم قراءة لما یجري في العالم وشكل الصراع القائم بین الدول الاستكباریة والمستضعفین في العالم، في عملیة استعادة وعي من قبل النخب والامة.
10- التأكید علی أسالیب ومناهج الغزو الثقافي والحرب الناعمة التي يشنها المستكبرون وطرق وسبل مواجهتها والتصدي لها.
11 ـ عنونة قضايا وأهداف كبرى يمكن ان تشكل نقاط التقاء لجميع المسلمين، بل والاحرار في العالم، مثل: يوم القدس العالمي، مواجهة الاساءات التي يوجهها الغرب للمقدسات الاسلامية وخاصة النبي (ص)، حوار الحضارات، التقريب بين المذاهب الاسلامية، الحوار الاسلامي المسيحي، مكافحة التطرف والارهاب... وغيرها.
12 ـ تقديم نموذج في الحكم الاسلامي يختلف عن واقع جميع البلدان الاسلامية.. نموذج يمزج بين المبدئية والاصالة والعزة والحداثة والانفتاح.


ولا ندعي أن مشروع الامام الخميني نجح بشكل كامل وليست فيه سلبيات على مستوى التطبيق، لكنه يمكننا القول وبملئ الفم أن مشروع الامام الخميني (رضوان الله عليه) لم يحم الامة فقط من السقوط والتخلف والرجعية والخرافة، بل استطاع ان يقدم للعالم نموذجاً يحتذى به في النهوض والحداثة والتطور مع الالتزام بالمبادئ القيم.

* علاء الرضائي