الاعلام العربي في شهر رمضان..

كذب في السياسة وتخمة في الفكاهة والطرب والأكل!

كذب في السياسة وتخمة في الفكاهة والطرب والأكل!
السبت ١٢ يوليو ٢٠١٤ - ٠٦:٥٦ بتوقيت غرينتش

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر مغفرة ورحمة، شهر هداية وعبادة، شهر تواصل ورأفة، شهر يستشعر فيه الانسان المؤمن قيمة الاخوة والانسانية من خلال مشاركة الفقراء والمحرومين شعورهم بالجوع والسغب.. هو الشهر الذي تسد فيه مداخل النيران وتفتح فيه ابواب الجنان، انه ربيع القرآن.

وشهر رمضان محطة روحية تغذي المؤمنين على مدى أيام السنة الاخرى، تعلمهم الارادة والمقاومة والصبر في الشدائد وعلى العبادة! لذلك ليس من قبيل المصادفة ان تكون فيه غزوة بدر الكبرى ومعركة الخندق الفاصلة، هذان الحدثان اللذان غيرا مسار الدعوة المحمدية ونقلا الوجود الاسلامي من الدفاع وردة الفعل الى الهجوم والمبادرة..

لكن! وللاسف الشديد، فقد تحول هذا الشهر الفضيل لدى القائمين على الاعلام العربي الى فرصة لخداع الأجيال وحرف أذهان الشباب والنفوذ الى عقول الأسر والعوائل الملتزمة.. أصبح  لرمضان مع الاعلام العربي حكاية أخرى وقراءة ثانية، أصبحت بعض برامجه تشرعن الانحراف والفساد وتتمادى في نهب جيوب المسلمين لتصبها في مراكز الرأسمالية العالمية، أصبح ساحة للفكاهة والضحك والمسابقات الهزيلة والالعاب.. مجرد نوم وسهر وملء بطون وخدر! وقد تتخلل ذلك نقل صلاة تراويح وبعض التلاوة.. فقرات دينية يظهر فيها مشايخ ليتحدثوا عن ومكارم اخلاق تنقضها الفضائيات نفسها ببرامج ودعايات أخرى!

ولولا بعض القنوات الملتزمة من هنا وهناك، لقلنا ان الناس مسخت.. فهذه القناة الخليجية التي يمولها نظام خادم الحرمين كانت تنوي بث مسلسل يتناول زنا المحارم ـ والعياذ بالله ـ وقد بثت من قبل في السنوات الماضية مسلسلات عن زواج القاصرات وغيرها.. وكأن في العالم العربي وحسب رؤية اعلام مملكة "خادم الحرمين" لاهم الا النكاح على انواعه!

وقنوات أخرى تقدم للمشاهد الخليجي وللاسر المحافظة جيلا من الشباب الخليجي (فتيات وفتيان) غيرت اشكالهم عمليات التجميل كالفوضى الخلاقة التي بشر بها الاميركان.. ملابس وسلوكيات لم نكن نراها في مسلسلات الزمن الجميل، زمن الاصالة والفكرة الطيبة والحشمة!

ملابس بعيدة كل البعد عن اخلاق فتياتنا وشبابنا ومذيعات محليات ومستوردات يتفنن القائمون من اصحاب السمو والجلالة في كيفية اظهارهن وفتنة المشاهدين بسحر رموشهن ودلعهن.. وهذا العراق يئن من الارهاب وسوريا تقاتل للحفاظ على لحمتها منذ اربع سنوات، وفلسطين الجرح السبعيني يقصف ويحرق اطفاله وهم احياء.. ومصر وليبيا واليمن والبحرين، لم تحرك في الاعلام العربي سوى الفكاهة والبهجة وبرامج الطبخ التي تحولت الى قنوات.. وقد جاء في المأثور: من كان همه بطنه فقيمته ما يخرج منها!

وفي الجانب الاخر للاعلام العربي، دعاة الفتنة وابواق الحروب المذهبية ومعاول تفتيت ما لم يتفتت من جسد الامة الاسلامية الى الآن بأسم الدين والايمان والتعبد والدفاع عن الطوائف والفرق..
خانعون في مواجهة حكام السوء والارتهان والتبعية، ومجاهدون في رقاب المسلمين والابرياء ودماء العزل.. لم ترفع دعواتهم ضيماً عن فلسطينية في الضفة العلمانية او القطاع السلفي، لكنها اراقت الدماء في دمشق والقاهرة وبغداد وكابول وصعدة...

حكاية الاعلام العربي، حكاية المسخ الذي يحاول ان يجعل الناس جميعاً على شاكلته، حكاية زمرة من المرتزقة تريد للأمة ان تفقد بوصلتها، وسفينة ربانها يريد لها ان تغرق، وقافلة تسير في طريق المتاهة!
الاعلام العربي وصواريخ الحقد الصهيوني تهدم المنازل على رؤوس أهالي غزة المنكوبين والمحاصرين لايزال يصر على الكذب وافراغ القيم والاخلاق وتخمة في البطون.. فكيف سيخرج المشاهدون من هذه الماكنة بعد شهر رمضان؟!!
ورمضان كريم.

بقلم: مروة ابو محمد