في ذكرى اغيال الإمام علي عليه السلام

في ذكرى اغيال الإمام علي عليه السلام
الخميس ١٧ يوليو ٢٠١٤ - ٠٨:٥١ بتوقيت غرينتش

تواطأت زمر الشر في عهد الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، علی ان لا تبقی للحق راية تخفق أو يدا تطول فتصلح أو صوتا يدوَي فيکشف زيغ الظالمين والمنحرفين، فبالامس کان ابو سفيان يمکر ويغدر ويفجر ويخطط لقتل النبي الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم لوأد الرسالة الالهية في مهدها ولکن الله أبی إلا أن يتم نوره.

وها هو معاوية بن أبي سفيان يستفيد من نتائئج انحراف السقيفة، ويتمم ما بدأه ابوه سعيا للقضاء علی الرسالة الاسلامية الاصيلة، تعينه في ذلك قوی الجهل والضلالة والعمی، فخططوا لقتل ضمير الامة الحي وصوت الحق والعدل وحامل لواء الاسلام الخالد ومحيي الشريعة المحمدية السخية.   
نعم .. لقد بدأت کل القوی الطامعة والانتهازية التي خسرت مواقعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية تتحرك ضد الإمام واخذت تتکاتف کل العناصر التي شارکت بنحو وأخر في مقاتلة عثمان والتحريض عليه يوم امس، رافعة شعار المطالبة بدم عثمان منددة بسياسة الامام الحکيمة والنزيهة فنکثت طائفة وقسطت اخری ومرقت ثالثة.
ولما کان صراع علي (ع) مع معاوية صراع نهجين متضادين: نهج الحق والمبادیء والاخلاق، في مقابل نهج الباطل والتضليل والکذب والجور والغدر ولايمکن لهذين النهجين ان يلتقيا بحال، ولهذا استعد الامام علي عليه السلام بعد فترة لاستئناف قتال القاسطين في الشام - معاوية واتباعه - مرة اخری.
امر الامام علي (ع) بتعبئة الجيش واعلن حالة الحرب، فعقد للحسين عليه السلام راية ولابي ايوب الانصاري اخری ولقيس بن سعد ثالثة.
وبينما کان امير المؤمنين عليه السلام يواصل تعبئة قواته، کان يجري في الخفاء تخطيط أرهابي لئيم من اجل اغتيال الامام حيث اجتمعت ضلالتهم العمياء علی ان يطفئوا نور الهدی ليبقی الظلام يلفَ انحرافهم وفسادهم..ولقد اجتمعت عصابة ضالة علی قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث کان محرکها الاول معاوية، واتفقوا ان يداهموا الامام عند ذهابه لصلاة الفجر، فما کان احد يجرؤ علی مواجهة الامام عليه السلام.. ولما کانت ليلة تسع عشرة من شهر رمصان شهر الله، عام (40) للهجرة، کان الامام عليه السلام يکثر التأمل في السماء وهو يردد "ما کذبت ولاکذّبت إنها الليلة التي وعدت بها" وأمضی ليلته بالدعاء والمناجاة ثم خرج الی بيت الله.. مسجد الکوفة الشريف.. لصلاة الصبح فجعل يوقظ الناس علی عادته الی عبادة الله فينادي: الصلاة.. الصلاة.
ثم شرع عليه السلام في صلاته وبينما هو منشغل يناجي ربه..أمتدت يد الشيطان لتصافح ابن ملجم في عتمة الليل، وفي ختلة وغدره هوت بالسيف علی هامة طالما استدبرت الدينا واستقبلت بيت الله وهي ساجدة وغادرتها منها في تلك الحال، وفي احرج الساعات التي يمر بها والمسيرة الاسلامية. أغتيل الامام علي عليه السلام وهو في أفضل ساعة حيث يقوم بين يدي الله سبحانه في صلاة خاشعة. وفي اشرف الايام إذ کان يؤدي صوم شهر رمضان.  وهو في أعظم تکليف اسلامي حيث کان في طريقه لخوض غمار حرب جهادية، کما کان في اشرف بقاع الله واطهرها (مسجد الکوفة).

قال رسول الله (ص): يا علي انت الصراط المستقيم

انه الفوز بالشهادة والفوز بالثبات علی القيم الرسالية الفريدة والثبات علی الحق والجهاد في سبيل إرساء قواعد الدين، إنها ثورة القيم الالهية علی القيم الجاهلية بکل شُعبها وفروعها. لم تستهدف الجريمة رجلا کباقي الرجال، إنما استهدفت القيادة الاسلامية بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم واستهدفت اغتيال رسالة وتاريخ وحضارة، وامة کلها تتمثل في شخص علي بن ابي طالب عيله السلام وصي رسول الله وحامل علمه والمواصل لسيرته وعمله. وهو افضل هذه الامة مناقب بعد الرسول الاعظم (ص) واجمعها سوابق واعلمها واعملها بالکتاب والسنة، واکثرها اخلاصا لله تعالی وعبادة له، وجهادا في سبيل دينه، فلو لا سيفه لما قام الدين ولانهدمت صلولة الکافرين.  
نعم، لم تعرف الانسانية في تاريخها الطويل رجلا - بعد الرسول الاکرم (ص) - افضل من علي بن ابي طالب (ع)، ولم يسجل لاحد من الخلق بعد الرسول (ص) من الفضائل والمناقب والسوابق، ما سجل لعلي بن ابي طالب (ع)، وکيف تحصي مناقب رجل کانت ضربته لعمرو بن عبد ود العامري يوم الخندق بشهادة الرسول الاکرم (ص) تعدل عبادة الثقلين الی يوم القيامة، وکيف تعد فضائل رجل اسر اوليائه مناقبه خوفا، وکتمها اعدائه حقدا وحسدا، ومع ذلك شاع منها ملء الخافقين، وهو الذي لو اجتمع الناس علی حبه-کما يقول الرسول الکريم (ص) لما خلق الله النار. 
والحديث عن الامام علي (ع) لاتسعه المجلدات ولاتحصيه الارقام ، وبخسارة هذا الامام الهمام خسرت الامة مسيرة حضارية اروع فرصة واطهرها في حياتها بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم.
بقي الإمام امير المؤمنين علي عليه السلام يعاني من جرحه النازف ثلاثة ايام حتی شهادته عليه السلام. وفي خلال هذه الايام عهد بالامامة من بعده لولده الامام الحسن سبط رسول الله (ص) ليمارس مسؤوليات قيادة الامة ويواصل مسيرة الامامة من بعده.
کان الامام عليه السلام طوال الايام الثلاثة من اغتياله حتى استشهاده-كما کان طول حياته- لهجا بذکر الله تعالی والثناء عليه، والرضا والتسليم بامره. کان يصدر الوصية تلو الاخری مرشدا للخير دالا علی المعروف محددا سبيل الهدی ومبينا طرق النجاة، داعيا لاقامة حدود الله تعالی وحفظها.
وحري بنا ان نراجع هذه الوصايا، خاصة وصيته الاخيره لولده الحسنين ولجميع الناس (اوصيکما بتقوی الله والا تبغيا الدينا وان بغتکما والا تاسفا علی شيء منها زوى عنکما وقولا الحق واعملا بالحق واعملا للاجر وکونا للظالم خصما وللمظلوم عونا. اوصيکم وجميع ولدي واهلي ومن بلغه کتابي بتقوی الله ونظم امرکم وصلاح ذات بينکم...).
ان الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ترك تراثه في الدنيا ولکنه ليس من النوع الذي يترکه الناس، لان ما استحصل عليه من الاموال من الصفراء البيضاء والتي کانت تقع في يده لايمر عليه الليل حتی وهي صدقة في سبيل الله...ان علي بن ابي طالب خلف تراثا ضخما من الفکر والاخلاق والمثل العليا. ان اغتيال امير المؤمنين عليه السلام انما هو اغتيال للانسانية جمعاء.. اغتيال للايمان کله.. اغتيال لفکر وعقيدة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم.

السلام عليك يا اميرالمومنين

سيدي ابا الحسن.. سلام عليك وانت تصارع بقايا الالم ونحن نسمعك تقول رفقا بي ملائکة ربي.. فزت ورب الکعبة.. لمثلها فليعمل العاملون. سيدي ابا الحسن.. اذا کانت ضربة اشقی الاشقياء ابن ملجم قد ادمت راسك الشريف.. فان روحك الطاهرة قد اخضرت لانها انتعشت من تلك الضربة، لانها عجلت اليك الارتحال الی الاحبة لانها وضعتك الی جانب من کنت تتوق وتشتاق الرحيل اليهم.  
سيدي ابا الحسن.. اولما کنت من بدء هذا الشهر وانت تردد متی ينبعث اشقاها فيخضب هذه من هذه؟.. سوف تطل ياسيدي علی احبائك من رعيلك.. من حمزة وجعفر والنجوم والکواکب من الشهداء الذين عطروا الدنيا بدمائهم الزکية.. سوف تطل سيدي علی حبيبك المصطفی الاکرم وبضعته الزهراء البتول..
سيدي ابا الحسن.. لم تنل روحك الالم وانت تصارع الموت.. نعم نالها جسمك الشريف ولکن لم تنالها روحك الطاهرة.. .
کان رحيل امير المؤمنين عليه السلام کيوم فقد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، حيث ارتفع فيه الضجيج والبکاء العويل وهرع الناس ينادون واإماماه.
ان علي بن ابي طالب (ع) لبس ثوبا من تراب الحروب، 84 غزوة في سبيل الله يرجع فيها وقد لبس ثوبا من الغبار.. غبار الحروب وناهيك به من ثوب.. انه ثوب من الحمد لايبلی.   
علي عليه السلام، حمل القرآن، فکرا وروحا وعملا لم يحمله شکلا، فکان قرآنا يمشي علی الارض.. علي ترك تراثا فکريا واخلاقيا لايبلی.. ترك نهج البلاغة وهو دون کلام الخالق وفوق کلام المخلوق.. انها روضة تاخذ بمجامع القلوب وکأنك تتنقل في اروع روضة تری فيها التشريع وتری فيها وهو يرسم المثل العليا وتری فيها کنوز آل محمد (ص).. من ادعية وخطب وحکم.. تحتاج العصور الی معرفتها.
ترك ابا تراب، مجموعة من القطع النادرة من خطبه ومناجاته مع خالقه، طالما کان يناجي بها ربه وطالما سمعه السحر وهو يرددها في احشائه منقطعا الی الباري عز وجل حتی انه کان يغمی عليه في التراب من شدة خشوعه.
رحم الله الشاعر الصاحب بن عبّاد حينما قال في قصيدته الخالدة:

السلام عليك يا شهيد المحراب


قالت  فمن  صاحب الدين الحنيف اجبْ؟      فقلت    احمد    خير   السادة   الرسلِ
قالت   فمن   بعده  تصفي  الولاء  له؟      قلتُ   الوصي  الذي  اربى  على  زحلِ
قالت  فمن  بات من فوق الفراش فدىً؟      فقلت   اثبت   خلق   الله   في   الوهلِ
قالت   فمن  ذا  الذي  اخاه  عن  مقةٍ؟      فقلت  من  حاز  رد  الشمس في الطفلِ
قالت   فمن   زوّج الزهراء  فاطمة؟      فقلت    افضل    من    حافٍ   ومنتعلِ
قالت   فمن   والد  السبطين  اذ  فرعا؟      فقلت   سابق   اهل   السبق  في  مهلِ
قالت   فمن   فاز   في  بدرٍ  بمعجزها؟      فقلت   اضرب   خلق   الله   في  القللِ
قالت   فمن   اسد   الاحزاب   يفرسها؟      فقلت    قاتل   عمرو   الضيغم   البطلِ
قالت   فيوم   حنينٍ   من   فرا   وبرا؟      فقلت   حاصد   اهل  الشرك  في  عجلِ
قالت   فمن   ذا   دعا   للطير   يأكله؟      فقلت      اقرب     مرضيٍّ     ومنتحلِ
قالت   من   تلّوه   يوم  الكساء  اجبْ؟      فقلت     افضل     مكسوٍ     ومشتملِ
قالت  من  ساد  في  يوم  الغدير  ابن؟      فقلت   من   كان   لللاسلام  خير  ولي
قالت  ففي  من اتى من هل اتى شرف؟      فقلت    ابذل    اهل    الارض    للنفلِ
قالت    فمن    راكع    زكّى   بخاتمه؟      فقلت    اطعنهم    مذ    كان    بالاسلِ
قالت   فمن   ذا  قسيم  النار  يسهمها؟      فقلت   من   رأيه   اذكى   من  الشعلِ
قالت   فمن   باهل   الطهر  النبيُّ  به؟      فقلت     تاليه    في    حلٍ    ومرتحلِ
قالت   فمن   غدا   باب   المدينة  قلْ؟      فقلت    من   سئلوه   وهو   لم   يسلِ
قالت   من   قاتل   الاقوام   اذ  نكثوا؟      فقلت    تفسيره    في    وقعة   الجملِ
قالت  فمن  حارب  الارجاس اذ قسطوا؟   فقلت    صفين   تبدي   صفحة   العملِ
قالت  فمن  قارع  الانجاس  اذ  مرقوا؟     فقلت    معناه    يوم   النهروان   جلي
قالت فمن صاحب الحوض الشريف غداً؟    فقلت   من   بيته   في   اشرف  الحللِ
قالت    فمن    لواء    الحمد   يحمله؟      فقلت  من  لم  يكن  في  الروع بالوجلِ
قالت  اكلْ   الذي  قد  قلت  في  رجلِ؟   فقلت   كل   الذي   قد  قلت  في  رجلِ
قالت    فمن    هو   هذا   اسمه   لنا؟      فقلت    ذاك    امير    المؤمنين   علي
فقد روی الکليني (ره) في الکافي باسناده عن ابن صفوان صاحب رسول الله صلی الله عليه وآله قال: لما کان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام، ارتج الموضع بالبکاء ودهش الناس کيوم قبض النبي صلی الله عليه وآله، وجاء رجل باکيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتی وقف علی باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
رحمك الله يا ابا الحسن کنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم عناء، وأحوطهم علی رسول الله صلی الله عليه وآله، وآمنهم علی أصحابه، وافضلهم مناقب، وأکرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله صلی الله عليه وآله، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا، وأشرفهم منزلة، وأکرمهم عليه، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا، قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استکانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلی الله عليه وآله إذ هم أصحابه، وکنت خليفته حقا، لم تنازع ولم تضرع برغم المخالفين وغيظ الکافرين وکره الحاسدين وصغر الفاسقين، فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوك فهدوا، وکنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم قنوتا، وأقلهم کلاما، وأصوبهم نطقا، وأکبرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، واشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالامور، کنت والله يعسوبا للدين أولا وآخرا، الاول حين تفرق الناس، والآخر حين فشلوا، کنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما اضاعوا ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذاجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ اسرعوا وادرکت أوتار ما طلبوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا، کنت للکافرين عذابا صبا ونهيا، وللمؤمنين عمدا وحصنا، فظفرت والله بنعمائها، وفزت بحبائها، وأحرزت سوابقها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخن، کنت کالجبل لا تحرکه العواصف، وکنت کما قال عليه السلام: أمن الناس في صحبتك وذات يدك، وکنت کما قال عليه السلام: ضعيفا فی بدنك، قويا فی أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، کبيرا في الارض، جليلا عند المؤمنين، لم يکن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لأحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتی تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتی تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حکم وحتم وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج بك السبيل وسهل العسير وأطفأت النيران واعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البکاء، وعظمت رزيتك فی السماء، وهدت مصيبتك الانام، فانا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا، کنت للمؤمنين کهفا و حصنا وقمة راسية، وعلی الکافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا أحرمنا أجرك ولا اضلنا بعدك. وسکت القوم حتی انقضی کلامه وبکی، وبکی أصحاب رسول الله صلی الله عليه وآله ثم طلبوه فلم يصادفوه.  (وقيل انه الخضر عليه السلام).
نهض الامامان الحسن والحسين عليهما السلام بتجهيز امير المؤمنين ومايترتب عليها من إجراءات الدفن من غسل وتکفين ثم صلی الامام الحسن المجتبی عليه السلام علی ابيه ومعه ثلة من اهل بيته واصحابه ثم حملوا الجثمان الطاهر الی مثواه الاخير فدفن في النجف قريبا من الکوفة وتمت کل الاجراءات ليلا.
"بحار الانوار"

السلام عليك يا ولي الله

ثم وقف صعصعة بن صوحان يؤبن الامام عليه السلام فقال: 
(هنيئا لك ياأبا الحسن! فلقد طاب مولدك، وقوي صبرك، وعظم جهادك، وظفرت برأيك، وربحت تجارتك، وقدمت علی خالقك فتلقاك ببشارته وحفتك ملائکته، واستقررت في جوار المصطفی فأکرمك الله بجواره، ولحقت بدرجة اخيك المصطفی، وشربت بکأسة الأوفی، فأسال الله ان يمن علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسيرتك، والموالاة لاوليائك، وان يحشرنا في زمرة اوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدرکت ما لم يُدرکه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي اخيك المصطفی حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتی أقمت السنن وأبرت الفتن واستقام الاسلام وأنتظم الايمان، فعليك منَي افضل الصلاة والسلام).
سيدي جرح مصابك ينزف في اعماقنا.. فيا کعبة آمال المؤمين والمسلمين يوم الجزاء... ياخير الخلق بعد المصطفی.. ياخير من صام وصلی وذکر... آهات رفعناها اليك ياقسيم النار والجنة يوم جرحك الدامي وشهادتك الخالدة... فتحية اجلال واکبار لروحك الطاهرة الزکية يوم ولادتك ويوم شهادتك ويوم تبعث حيا، وانت الحي تُرزق، لم تمت ابدا لان الشهداء احياء يولدون يوم يستشهدون.. وتلك حقيقة لاسبيل لجحودها.. ياشفيع المؤمنين ويا امير المؤمنين ياعلي بن ابي طالب عليك آلآف التحية والسلام. فسلام عليك يا أمير المؤمين وقائد الغر المحجّلين يوم ولدت ويوم رُبيت في حجر الرسالة، ويوم جاهدت من اجل ان تعلو راية الاسلام خفاقة، ويوم صبرت ونصحت ويوم بويعت وحکمت، ويوم کشفت النقاب عن براثن الجاهلية المتسترة بشعار الاسلام، ويوم استشهدت وأنت تروّي بدمك الطاهر شجرة الاسلام الباسقة، ويوم تبعث حيا وأنت تحمل وسام الفوز في أعلی علّيين.

تصنيف :