الفن الإیراني - رسوم الخزف الايراني

الفن الإیراني - رسوم الخزف الايراني
الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤ - ٠٣:٠٦ بتوقيت غرينتش

الفن الإیراني - رسوم الخزف الايراني

رسوم الخزف الايراني

تعبِّر فنون أيّة أمّة و مظاهرها الثقافية عموماً، عن طبيعة معتقدات هذه الأمّة و رؤيتها للعالم المحيط بها ، و نظراً لأن عراقة الأمم ، و عظمة ثقافاتها ، تتجلى بصورة مباشرة في فنونها ، فقد مثلت الفنون اليدوية مجالاً رحباً لإنعكاس الواقع الثقافي و تجلي المستوى الحضاري لأي شعب من الشعوب ، و بالتالي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتاريخ فنّه.
ساعدت الرسوم و النقوش ، التي تحتفظ بها الأواني الفخارية و القطع الخزفية، في التعرّف على معالم الثقافة الإيرانية القديمة و طبيعة المفاهيم و المعتقدات و التقاليد ، التي كانت سائدة آنذاك، إذ إن معظم هذه الرسوم و النقوش مفعمة بالمفاهيم و الرؤى.


و لكي نعي هذه المفاهيم و الرؤى، لابدّ من الإحاطة برموز الرسوم و تعابير النقوش ، التي ظهرت في الآثار الفنية و التاريخية المتوافرة بين أيدينا ، إذ لا يخفى أن الأشكال و التصاوير ، التي تمت الاستفادة منها في الآثار الفنية و التاريخية الايرانية ، ارتكزت في الأعم الأغلب إلى المبادئ الاعتقادية و القيم الأخلاقية ، التي كانت متداولة بين الناس.
و مما هو ملاحظ ،إن الثقافة الايرانية القديمة ،ارتبطت في الكثيرمن أبعادها بالخيال و القصص و الأساطير،التي كانت كل واحدة منها تعبيراً عن حاجة خاصة و انعكاساً لتطلعات ملحة و هادفة.
و من هذه الناحية ارتبطت الأساطير و الخرافات، باعتبارها مظهراً من مظاهر الثقافة ،‌ ارتباطاً مباشراً بالإبداع الفني القومي ، إذ كانت الأسطورة وسيلة التعبير الأولي عن نظرة الانسان إلى العالم ، و قد اقترنت بالرمز دائماً ، و لعلنا لا نجانب الحقيقة ، إذا قلنا إن الأسطورة و الفن ، هما وجهان لعملة واحدة ، و إنهما يشتركان في الغاية و الهدف.

يعد الخزف ، أحد أقدم الفنون الإيرانية، و ترجع الأبحاث التاريخية و دراسة الآثار التاريخية ، التي تمّ العثور عليها في ايران، تاريخ صناعة الخزف إلى حوالي عشرة آلاف سنة مضت.. ، ففي البداية كان الخزاف يصنع أوانيه بأيديه المعجونة بالفن ، و يظهرها بمظهر جذاب ، يدل على فنه و إبداعه ، ثم فكّر في صنع عجلته ، التي أخذت على عاتقها في القرن الرابع قبل الميلاد دوراً مهماً في صنع الخزف ، و قد أوجد هذا الاكتشاف تحولاً كبيراً في سعة انتشاره و حجم انتاجه ، فضلاً عن دقته و جماليته.
كان الخزف في البداية يحمل نقوشاً هندسية و تزيينية ، ثم أصبحت فما بعد اشكال الحيوانات ، هي الطاغية ، و بعد فترة راح الفنانون ، يبتكرون مواضيع أخرى استلهاماً من معتقداتهم ، و أحياناً من الظواهر المحيطة بهم ،و في هذا المجال عبروا عن معظم مظاهر الحياة في أبعادها الدينية و الأخلاقية و الفنية، في رسومهم على الفخار و الخزف ، و ان هذه النقلة تشاهد بوضوح في الحضارات الايرانية القديمة.

و مما تفيده الاكتشافات التي حصل عليها في هضبة «سيلك» في مدينة كاشان ،‌ و تلال «حصار» في دامغان ، و تلال «كيان» في نهاوند ، و « شوش » و بقية المناطق التاريخية ، ان سكان هذه المناطق ، كانوا قد اهتموا بصناعة الأواني الفخارية و الخزفية المنقوشة منذ الألف الخامس قبل الميلاد ، و ان الأشكال و الرسوم ، التي وجدت على سطوح الأواني، و التي عكست تصوراتهم و معتقداتهم الدينية و الثقافية دون أدنى شك، تجلت بابداع و جمالية ، ربما ليست لها نظير في بقية الحضارات ، و قد عزز ذلك الانطباع القائل ، بأن ايران كانت الموطن الأصلي للأواني المنقوشة، التي كانت ترى أحياناً باللون الأحمر، و أخرى باللون الحمصي و الرمادي ، و من بين هذه الأواني يمكن العثور على قطع خزفية ، تحمل صور الحيوانات و الطيور، و يبدو ان هذا النوع من الخزف صنع لأهداف تزيينية و كثيراً ما كان يستفاد منه في المعابد.