تقرير بحريني يتحدث عن تغيير تكتيكات "الأصالة" لتجهيز الارهاب

تقرير بحريني يتحدث عن تغيير تكتيكات
السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤ - ٠٨:٤٢ بتوقيت غرينتش

كتب موقع مراة البحرين تقريرا حول حملة "تجهيز غازي" التي أطلقتها في البحرين جمعية "الأصالة" السلفية المقرّبة من الديوان الملكي البحريني، أغسطس/ آب 2013 والتي كان ما يزال ممكناً رؤية إعلانات الحملة، وحدّدت وظيفةً واحدة لها، وهي تجهيز الارهابيين للمشاركة في المعارك بسوريا، من خلال البوسترات التي تنشر والبلاغات الإشهارية في حسابات قياديي جمعية "الأصالة".

لكن بدءاً من الشهر الذي يليه سبتمبر/ أيلول فصاعداً لغاية نهاية العام 2013 بدا لافتاً قيام المشرفين على الحملة بتغيير تكتيكاتهم.
فمع مطلع العام 2014 اختفت تقريباً كل إعلانات "تجهيز غازي" من التداول. وأغلق حساب "حملة الجسد الواحد" على شبكات التواصل، وهي إطار حرصت جمعية "الأصالة" عبر ذراعها الدينية، وهي جمعية "التربية" الإسلامية، على إدراج كل عمليات جمع التبرعات إلى "الجهاد في سوريا" تحته. واستحدثت حساباً جديداً لها حرصت على تفريغه من كل المضامين التي تتضمّن دعم أو تمويل الأعمال القتالية.
ويفيد التقرير انه انطلقت أولى حملات "تجهيز غازي" في يوليو/ تموز 2012، واتخذت ستة جوامع بحرينية للصلاة مقرّات لها . وخلال عام تمكن القائمون عليها من تنظيم ست جولات جمعوا من خلالها حوالي 4 مليون دولار من خلال طرح أسهم للاكتتاب قيمة كل واحد منها ألف دينار بحريني (حوالي 2600 دولار أميركي) .
وأعلن عضو "الأصالة" فيصل الغرير إن "تعداد المقاتلين الذين تكفلت بتجهيزهم على مدى أربعة أشهر بلغ 1640 مقاتلاً" . كما تفاخر في تصريح آخر 28 أغسطس/ آب 2012 بأن "هذه الأموال حققت انتصارات عظيمة في أرض الشام، أسقطت الطائرات وأموراً كثيرة لانستطيع أن نفصح عنها" . فيما أشار أمين عام "الأصالة" عبدالحليم مراد في تغريدة 14 يونيو/ حزيران 2013 قائلاً "نبشركم تم إدخال كميات من العتاد والسلاح النوعي إلى سوريا، وبدأ المجاهدون يقاتلون بها النصيرية وحزب الشيطان" على حد تعبيره.
 

"استعراضية" لفتت الأنظار وتكتيك جديد

نجل وزير الديوان ناصر بن خالد آل خليفة مشرفاً على جمع التبرعات - ديسمبر 2013

ويشير التقرير ان الإسلوب الاستعراضي الذي اتبعه قياديّو "الأصالة" في الدعوة علناً إلى تجهيز الارهابيين والتسلل إلى سوريا واللقاء بمسلحين من جماعتي "صقور الشام" و"لواء أبو داوود" المتشددتين، فضلاً عن توالي الأخبار التي تتحدث عن سقوط شبّان بحرينيين في سوريا، إلى تزايد حدّة النقد الموجه إلى السلطات. ووفرت تغريدات قياديي "الأصالة" عبر الشبكات الاجتماعية الموجهة بشكل علني للحث على التبرع للقتال  وتأهيل المقاتلين للذهاب إلى أماكن الصراعات، "داتا" كاملة استخدمها الصحافيون لتحليلاتهم.
وبدأ من جرّاء ذلك يتشكل رأي عام حول "الكيان الخطر" الذي تجري صناعته عن بعد في سوريا في ظل تواطؤ مشهود من السلطات الأمنيّة التي لم تحرك أية قضية، حتى الساعة لمساءلة المتورطين في تمويل "الجهاد" رغم علنيتها ومخالفتها للقوانين المحلية.
وسط ذلك، راح نجم تنظيم "داعش" يبرز بوضوح من خلال المعارك في سوريا، جاذباً له الأنظار. وبثت وحشيته الذعر في العالم؛ بل حتى في تنظيم يتشارك معه العقيدة المتطرفة إياها، وهو "جبهة النصرة" الذي سقط في صفوفه البحرينيون الأوائل الذين غادروا للقتال في سوريا، حوالي الستة.
إزاء هذه التطورات، راحت "الأصالة" تثمّر تكتيكاً آخر أقلّ لفتاً للأنظار.
ما هو "التكتيك" الجديد؟ إنه الدعم نفسه لكن المغلّف برداء الأغراض الإنسانية.

الحقيقة أنه مع الأشهر الأخيرة من العام 2013، سجّل مؤشر التدخل البحريني على خطوط الأزمة السوريّة استدارة نوعية يمكن وصفها بـ"التحوّل الموارب". نهاية فترة حافلة من الدعم اللوجستي العسكري المعلن وبداية فترة جديدة تحت ستار المساعدات الإنسانية.
إذ تحوّلت جميع شعارات حملات تجهيز "الغزاة" إلى تجهيز "السلل الغذائية" و"الحقائب المدرسية". وتولّت نفس الوجوه التي أشرفت على حملة "تجهيز غازي" الاضطلاع بالمهمة الجديدة، الشيخ عبدالحليم مراد والشيخ فيصل الغرير وخالد موسى البلوشي وعبدالكريم العمّادي. فيما تقلص عدد الجوامع التي تقام فيها التبرعات من ستة إلى اثنين فقط، وهما شيخان الرفاع وأبي حنيفة البسيتين.
واستأنفت "حملة الجسد الواحد" نشاطها على الشبكات الاجتماعية لكن عبر حسابات جديدة أطلقتها في 15 مايو/ أيار 2014، وجرى حقنها بمضامين مستوحاة من السياسة الجديدة: النأي كلياً عن أية إشارة علنيّة إلى دعم "العمل الجهادي"، وتلقيح كل عمليات جمع الأموال بـ"الاستعارات الإنسانيّة الرّحيمة" .

القناع الجديد لتمويل "الإرهاب"

ومنذ تواري حملة "تجهيز غازي"، أطلقت "الجسد الواحد" حوالي اثني عشر مشروعاً لجمع الأموال، بمعدّل شهري تقريباً، معتمدة نفس السياسة السابقة المتمثلة في طرح أسهم للاكتتاب جرى تحديد سعرها سلفاً.
 

مدير قسم مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية الضابط مبارك بن حويل لدى زيارته خيمة الجسد الواحد للتبرع - يوليو 2014

وعلى الرغم من التحذير الذي أطلقته وزارة الخارجية في 7 أغسطس/ آب 2012 "بتحاشي القيام بزيارة أو دخول مناطق الصراعات والنزاعات المسلحة" عقب تسلل أعضاء "الأصالة" إلى أراض أراض سوريّة يسيطر عليها المسلحون،  إلا أن قياديي "الأصالة" واصلوا اختراق الأراضي السورية من الحدود التركية على نحو متكرر تقريباً لوقت متقدم من هذا العام 2014 تحت ذريعة إيصال المساعدات.

ممولوّلون خليجيّون و"دعاة"

اللّافت في هذا الصّدد حجم الدعم الذي تتلقاه حملة "الجسد الواحد" من ممولين خليجيين والذي يجري الحث عليه عبر استضافة الدعاة الخليجيين في مقرّات الحملة كالداعية السلفي الكويتي عثمان الخميس (3 مايو/ أيار 2014) والداعية المتشدد محمد العريفي (9 يوليو/ تموز 2014) الذي أوقفته السلطات السعودية مؤخراً بتهمة "تمويل الإرهاب"، والداعية السوري المقيم في السعودية عدنان العرعور (29 مايو/ أيار 2013) ، والذي قامت السلطات في الرياض بتجميد حساباته البنكية.
ورغم الانتقادات واللغط الذي أثير قبيل زيارة الشيخ العريفي إلا أن السلطات واصلت السماح له بدخول الأراضي البحرينية وإلقاء محاضرة بجامع شيخان الفارسي في الرفاع تحت عنوان "الجسد الواحد".
وتكشف بلاغات رئيس "الأصالة" عبدالحليم مراد التي يلقم بها حسابه في "تويتر" على نحو متباعد، جانباً من الدعم المقدم من الرعاة الخليجيين. إذ أعلن في 1 يونيو/ حزيران 2013 عن "تبرع أختين من السعودية بمبلغ 37 ألف ريال (حوالي 9860 دولار أميركي) لمشروع تجهيز غازي" .
تحظر القوانين البحرينية في نصوص قطعية تلقي التبرعات من الجهات الخارجية. وتقول المادة رقم (14) من قانون الجمعيات السياسية‬ بالبحرين الصادر في 2005 "لا يجوز للجمعية قبول أي تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبي، أو من جهة أجنبية، أو منظمة دولية، أو من شخص مجهول" .

كما تقضي المادة رقم (2) من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية الذي يبين أوجه جمع المال والصادر في 2012 بأنه "لا يجوز للمنظمة الأهلية جمع المال من خارج المملكة أو الحصول على أموال أو إرسالها من أو إلى خارج المملكة إلا بإذن كتابي بذلك من الوزارة". كما لا يسمح "للمنظمة الأهلية بجمع المال داخل دور العبادة أو المآتم أو أية مؤسسة دينية" .