الى الشيخ الشريم ..أتدري من طارد حب النبي (ص) في قلوب المسلمين؟

الى الشيخ الشريم ..أتدري من طارد حب النبي (ص) في قلوب المسلمين؟
السبت ١٧ يناير ٢٠١٥ - ٠٨:١٧ بتوقيت غرينتش

"ما ضعفت الأمة واستكانت الا بضعف محبتها لنبيها، وبعدها عن نهجه ، وعجزها عن نصرته " ، و " إن أمة ضعفت فيها محبة الرسول، وقصرت عن نصرته لجديرة بالذل والهوان، وتسلط الأمم عليها"،و" إن ارتفاع شأن الأمة الاسلامية وقوتها وعزتها وانتصارها على أعدائها مرهون بمحبتهم لنبيهم (ص)، قولا وعملا، ظاهرا وباطنا".

هذه جملات اخترناها من خطبة الجمعة التي القاها الشيخ سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة ، التي تناول فيها الاساءة التي وجهتها مجلة "شارلي ايبدو" الفرنسية الساخرة للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم) ، معتبرا ضعف حب المسلمين لنبيهم (ص) هو الذي جرّأ الاخرين على ان يسيئوا الى النبي (ص) والى مقدسات المسلمين ، وان هذا الضعف سيجلب على المسلمين الذل والهوان وتسلط الاخرين عليهم.

وفي ذات الخطبة يقول الشيخ الشريم: "إن محبة الرسول ليست ضربا من الخيال، ولا هي من التكليف بما لا يطاق، إنما هي روحانية وانشراح وسعادة لا يحس بها الا من رزقها، ولا يزهد فيها ولا يهون من شأنها الا من كان قلبه لضخ الدم فحسب" ، واصفا هؤلاء بأنهم "غلاظ الأكباد، قساة القلوب، تجار الدنيا".

لا نقاش في صحة ما ذهب اليه الشيخ الشريم ، فلا حياة ولا عزة للمسلمين الا بنبيهم نبي الرحمة (ص) ، فكلما ابتعد المسلمون عن النبي (ص) كلما اقتربوا من الذل والهوان ، فكلما اداروا ظهورهم لنبيهم (ص) كلما سقطوا في مستنقع التبعية والخنوع ، وكلما تجاهلوا عظمة تراث وسيرة نبيهم (ص) كلما ركسوا في العار والشنار ، وكلما شوهوا صورة نبيهم (ص) بتصرفاتهم الخرقاء كلما تشوهوا هم وتشوهت حياتهم.

هنا نسأل ، ترى لماذا يرى البعض ومن بينهم الشيخ الشريم ، ان محبة النبي (ص) ضعفت في قلوب بعض المسلمين؟، هل لقلة عدد علماء الدين ، ام لعدم امتلاك علماء الدين وسائل اتصال عصرية للارتباط بالشباب ؟، الجواب على هذين السؤالين هو النفي بالتاكيد ، فهناك جيوش جرارة من علماء الدين في البلدان الاسلامية ، كما ان هناك تخمة في الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي التي ترفع لواء الدفاع عن الاسلام ، لذلك لابد من البحث عن جواب للسؤال السابق في طبيعة الخطاب الديني ، الذي يرفعه هؤلاء العلماء والذي تروجه تلك الفضائيات والمواقع الاجتماعية ، وهو الخطاب الذي اصبح ارفع صوتا على كل الخطابات الاسلامية الاخرى خلال العقود الثلاثة الماضية.

ارجو من الشيخ الشريم وباقي المشايخ ان تتسع صدروهم ، لما سنطرحه من رؤية بشأن ما يقال عن محبة المسلمين لنبيهم (ص) ، وعن الخطاب الاسلامي الذي اصبح المتحدث الرسمي اليوم باسم النبي (ص) والاسلام  ، ونرى الى اين اوصل هذا الخطاب المسلمين.

الخطاب الذي نعنيه هو الخطاب الوهابي ، وهو خطاب يعتقد اصحابه بانهم اكثر اهل الاسلام توحيدا ، وان تاكيدهم على التوحيد ، بطريقتهم الخاصة ، ادى للاسف الشديد الى رفع القدسية عن التراث الاسلامي ، لوأد اي ميل للشرك في داخل الانسان حسب اعتقادهم . فاذا تجاوزنا  تعامل الوهابية مع قبور ائمة اهل البيت (عليهم السلام) والصحابة (رضي الله عنهم ) في البقيع ، وكيف تصرفوا مع التراث الاسلامي الضخم في مكة والمدينة وكل جزيرة العرب ، وهو تراث لا يقدر باي ثمن ، و وقفنا قليلا مع تعامل الوهابية مع كل ما يتعلق بالنبي (ص) وتراثه ، فنقول :

-          ندعو اهل العلم اولا ، ليبينوا لنا كيف تنظر الوهابية للنبي (ص) بعد موته؟.

-          هل لقبر النبي(ص) ، من وجهة نظر الوهابية ، فضيلة او كرامة؟.

-          هل هناك فرق بين قبر النبي (ص) واي قبر اخر من وجهة نظر الوهابية؟.

-          هل تسمح الوهابية ان يسلم الانسان المسلم على نبيه (ص) وهو يزور قبره الشريف؟.

-          لماذا تستخف الوهابية بكل زائر لقبر النبي (ص) اذا ما اراد ان يظهر حبه لنبيه(ص) بطريقة عفوية؟.

-          اين البيت الذي ولد فيه النبي (ص) في مكة؟.

-          اين البيت الذي تزوج فيه النبي (ص) من خديجة (ع)؟.

-          اين اثار النبي (ص) في مكة والمدينة؟.

-          لماذا تعتبر الوهابية التوسل بالنبي (ص) شركا؟.

-          لماذا مازالت الوهابية حتى اليوم تدعو الى هدم قبر النبي (ص) وهي دعوات موجودة وموثقة وليس اتهاما؟.

-          لماذا تحرم الوهابية الاحتفال بمولد النبي (ص)؟.

-          لماذا يفجر الانتحاريون احتفالات المولد النبي (ص)؟.

بعد كل هذا ، ترى كيف يمكن ان يعبر الانسان المسلم عن حبه للنبي (ص) ، لو كان كل تصرف وسلوك يصدر عنه يحمل على انه شرك؟، الا يجب ان اعبر عن حبي للنبي (ص) بطريقة انسانية ، كما اعبر عن حبي لكل انسان اشعر ازاءه بمشاعر الحب والود والاحترام ؟،  اليس تقبيل يد الام والاب من قبل ابنائهما  ، دليلا على الاحترام والتبجيل ، وهو فعل محمود؟، اليس من المحبة والوفاء احترم ذكرى والديّ ، كزيارة قبريهما  ، او الحفاظ على صورهما او بعض ما تركا من اشياء بسيطة ، ومن خلال هذه التصرفات البسيطة والاشياء الملموسة من الذكريات ، يمكن ان انقل حب واحترام والديّ الى ابنائي ؟ ، ماذا سيكون شعور ابنائي ازاء والديّ، عندما لا يكون لوالديّ اثر في حياتى وحياة ابنائي ، لا قبر ولا اثر ولا رسم ولا اسم ، هل سيظهرون حبا لوالديّ كما في الحالة الاولى ؟، هذه الحالة بالضبط ، هي التي ستجعل الابناء "غلاظ الأكباد، قساة القلوب".

هنا نسأل الشيخ الشريم ، هل هناك في كل ما قلناه ما يمكن اعتباره تجن على الوهابية ، او اتهامها بما ليس فيها ؟، اليست نظرة الوهابية الى النبي (ص) كما وصفناها ام لا ؟، ترى كيف لي ان اظهر احب للنبي(ص) ، بينما كل ممارسة او اشارة او قول او فكر يصدر عني يمكن ان يكون سببا في اتهامي بالشرك ؟، كيف لي ان ابني جسرا انسانيا يربطني بالنبي (ص) وكل لبنة من لبنات هذا الجسر حرام ؟، الاهم من كل ذلك كيف للانسان ان يصل الى النبي (ص) بعد ان تمت ازالة كل اثر يمكن ان يرشد للنبي (ص) ؟، انه ومن كثرة تكرار كلمة "حرام" في فتاوى علماء الوهابية حتى قال قائل : بقي ان يقول لنا علماؤنا ان "الحياة حرام" ، بعد ان حرم احدهم تماثيل الثلج !!.

للاسف الشديد ان العالم اليوم اخذ  ينظر الى الاسلام والمسلمين ، من خلال هذا الخطاب القاسي والغليظ ، للامكانيات المادية الضخمة التي تقف وراء هذا الخطاب ،  والتي جعلته الاعلى صوتا ، اثر تبنيه من قبل المجموعات المسلحة في افغانستان وباكستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس والجزائر ومالي والصومال ونيجيريا ومناطق اخرى من العالم ، بل ان اغلب التفجيرات وعمليات الاغتيال التي نفذت في اوروبا وامريكا والغرب بشكل عام نفذتها مجموعات تحمل هذا الخطاب ، وهذا ايضا حقيقة وليس ادعاء.

كل العمليات والممارسات التي قامت بها هذه المجاميع كانت تحت شعار "لا اله الا الله وان محمدا رسول الله " و "الله اكبر" ، ولسنا هنا بصدد استعراض طبيعة هذه الممارسات ، التي اصبحت معروفة للجميع ولا حاجة لتكرارها ، بل ما نريد التاكيد عليه ان الغرب استغل هذا الخطاب ، وساهم في الترويج له عبر تاسيس العديد من المجاميع المسلحة التي تتبنى هذا الخطاب ، بدات في باكستان وافغانستان وانتهت في العراق وسوريا ، وفسحت لها المجال للتحرك ، وقدمتها للعالم على انها هي  الاسلام ، واخر ممارسات هذه الجماعات كان الهجوم على صحيفة "شارلي ايبدو"الفرنسية البائسة.

المجموعات المسلحة التي تحمل الفكر الوهابي اساءت الى نبي الاسلام العظيم (ص) ، كما اساءت الصهيونية واليمين المتطرف في اوروبا ، فكلاهما ارتكبا هذه الجريمة البشعة تحت ذرائع لا تقنع حتى البسطاء من الناس ، فلا المجموعات المسلحة دافعت عن النبي (ص) ، ولا ارهاب مجلة "شارلي ايبدو" كان حرية تعبير ، فكلاهما ساهم في جريمة الاساءة الى النبي(ص) من خلال ممارسات مشبوهة ، تقف وراءها جهات دولية ، تسعى الى تشوية صورة نبي الرحمة (ص) ، لمعرفة هذه الجهات ان النبي (ص) هو سر و رمز قوة المسلمين ، والتعرض لهذا الرمز يعني التعرض لاكبر مقوم من مقومات الامة الاسلامية  ، لذا كان الاجدر بالمسلمين ان يعرفوا اكثر رمز قوتهم وعزتهم ، والا يتعاملوا بهذا الشكل السطحي والساذج مع هذا الرمز ، حتى تجرأ السفهاء على منزلة سيد الكائنات (ص) ، وهم يحسبون انفسهم يدافعون عن "التوحيد" ، فكان بابا لتجرأ الاخرين ، كما تجرأت المجموعات المسلحة وسفهاء "شارلي ايبدو.

* منيب السائح/ شفقنا