اليمن... أيقونة الصمود

اليمن... أيقونة الصمود
الإثنين ١١ مايو ٢٠١٥ - ٠٦:٠٠ بتوقيت غرينتش

ان المشهد اليمني بعد الاعلان عن عملية "عاصفة الحزم" التي اجتاحت غمائمها السوداء غالبية المدن والمحافظات اليمنية في السادس والعشرين من آذار الماضي،و وفقاً للتصريحات والمواقف الرسمية للمملكة العربية السعودية و الدول المتحالفة معها، فانها انطلقت لتستعيد ما تسمى بشرعية السلطة السياسية بقيادة منصور هادي في مواجهة ما يسمونه التمدد الحوثي المتمرد الموالي لايران و اجندتها الساعية لبسط النفوذ في الاقليم العربي حسب زعمهم و كذلك تطبيقاً لما جاء في المبادرة الخليجية بشأن نقل السلطة او غيرها من الاهداف سواءً المعلنة منها او غير المعلنة.

وفي محاولة لاضفاء الطابع الشرعي للعدوان قد اميط اللثام عن عملية "اعادة الامل" التي اعلن عنها في 21 من أيلول الماضي بعيد الاعلان عن نهاية عملية "عاصفة الحزم" فهي الاخرى جاءت تحت مسمى استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 و نقل السلطة وفق المبادرة الخليجية و مخرجات الحوار الوطني الشامل  و ما يسمى باستمرار حماية المدنيين. 
المسميات و الاسباب والذرائع و ان تعددت ، الاّ ان المشهد ميدانياً عنوانه واحد عدوانٌ مستمر  وحربٌ لم تلق اوزارها بعد، واستهدافٌ عشوائي عبثي يطال المدنيين كل يوم، و قراراتٌ دولية مجحفة وتدميرٌ للبنى التحية والمراكز والمنشئات .
و بالرغم من التدمير الهائل و التحطيم الممنهج للمقدرات البنيوية للدولة  ،فثمة مقومات يستحضرها الشعب اليمني لمواجهة تلك الآلة الحربية و من معها منظومتها الاعلامية التي تحاول تشويه  الحقائق وتضليل الرأي العام عما يحصل من دمار يطال الحرث والنسل.
فمن وحي التأريخ و الواقع وما تفرضه قواعد الاشتباك في الميدان ، فالشعب اليمني يمتلك عناصر قوة ستجعله اكثر قدرة على تخطي المحن والحاق الهزيمة بقوى الرجعية ومن لف لفهم، فالغزاة هم الذين قد ذاقوا من قبل طعم الهزيمة وبأس القتال وشدة المواجهة في تجربة طويلة  لاكثر من خمسة حروب ولا يزال العالم  يتذكر كيف تمكنت فئة قليلة من التغلغل في العمق السعودي وفرض السيطرة على جبل الدخان والمناطق الحدودية المحاذية في الحرب السادسة، ومن قبل جرب المصريون حظهم في اليمن فكانت الحصيلة 60-80الف قتيل ومثل هذا العدد جرحى.
و لا شك بان الثبات والصمود الذي سجل ذلك الشعب أسمى صوره  هي من بشائر  النصر التي ستقلب السحر على الساحر ، فالصمود او ما اطلق عليه اليمنيون "بالصبر الاستراتيجي "هو  ليس شعاراً نظرياً يراد له تبرير عدم الرد على العدوان جوياً او صاروخياً، وانما تطبيقاً عملياً واقعياً سيبرهن أحقية الموقف وعدالة القضية التي يحملها ذلك الشعب و ان ذلك الموقف عاجلاً او آجلاً سيتسبب بدون شك باحراج العالم و رأيه العام و ضمير الانظمة المشاركة و المؤيدة للعدوان لما تٌرتكب من جرائم بشعة يندى لها جبين الانسانية من قتل للاطفال و استهداف للمدارس والمستشفيات وغيرها ، كما كان موقف باكستان حينما انسحبت من ذلك التحالف المشؤوم بعدما استشعرت بان لموقفها  تداعيات خطيرة على الوضع الداخلي المتعدد و المليئ بالانقسامات الطائفية والقومية المختلفة ،فهناك شعب مسالم يريد  ان يمسك بناصيته و يكابد من اجل العيش بحرية و كرامة  و هناك ثمة معتدٍ أثيمٍ يحاول تكريس البلطجية والقهر لسلب ارادته و حقوقه المشروعة، فالغازي بغزوه هذا تسبب داخلياً بتوحيد الخطاب والهدف و وقوف القبائل والتيارات السياسية والاحزاب الوطنية  جنباً الى جنب الحوثيين ايماناً منهم بعدالة الموقف والمشروع.
فالشعب اليمني المعروف بانتماءه الاسلامي والعروبي والتزامه بالقيم والعادات القبلية الاصيلة فمهما كان موقفه من جماعة انصار الله كان مؤيداً او رافضاً لهم، فانه يرفض الخنوع و الانقياد  لمن يدنس ارضه و ماءه و سماءه،  و الحر  لن يتساهل او ينسى سوء المعاملة والتنكيل بحق الارض والعرض  وهو سيثأر يوماً  لنفسه عندما تحين الفرصة.
على الارض هناك نصر يلوح في الافق فسيصنعه الشعب اليمني بفضل صموده وثبات موقفه امام تلك الهجمة العاتية التي تريد النيل منه و من مقدراته الوطنية، وسيكتب التاريخ الخزي والعار لكل المتآمرين والمتربصين....
 

د.ياسر عبدالزهراء عثمان