الصحافة الإسرائيلية تتشح بالسواد، والسبب..

الصحافة الإسرائيلية تتشح بالسواد، والسبب..
الخميس ١٦ يوليو ٢٠١٥ - ٠٤:٠٤ بتوقيت غرينتش

من يرى الصحف الإسرائيلية، بعد يوم من اعلان حصيلة المفاوضات النووية التاريخي الذي تم بين ايران والدول العُظمى، قد يعتقد أن اليوم هو يوم حداد وطني، أو أن مأساة، بحجم عملية إرهابية قد وقعت وقتلت الكثيرين.

وافاد موقع "المصدر" ان من يتأمل الصحف الاسرائيلية يرى عناوين ضخمة، سوداء، على خلفية ألوان تحذير مثل الأصفر والأسود، إلى جانب صور إيرانيين يحتفلون سعداء، كنوع من إظهار الكيد للإسرائيليين، والمحللون الإسرائيليون ينتقدون حصيلة المفاوضات النووية، إنما بالمقابل لا يتساهلون مع نتنياهو، الذي، برأيهم، لم يتصرف كما يجب.

يبدو أن نهج التخويف، الذي يتبعه نتنياهو، نجح داخلياً، على الأقل، فقط، وتحول تكرار مانترا "الاتفاق سيئ وخطير" إلى واقع في الوعي الإسرائيلي.

هاجم نتنياهو، من على صفحات صحيفته "إسرائيل اليوم"؛ التي يُمولها الملياردير الأميركي الجمهوري شلدون أدلسون، الاتفاق من كل زاوية مُمكنة، وامتلأت الصحيفة بالانتقادات لأوباما، كيري ونظرائهما، وبالتصريحات كارثية، وكأن الحصيلة النووية الذي تم توقيعها البارحة في فيينا هو الذي سيؤدي لإبادة كيان الاحتلال الاسرائيلي.

غير أنه من خلال مراجعة مُعمقة للتحليلات يظهر واقعٌ أكثر تعقيداً. لعل العنوان الرئيس في الصحيفة الأوسع انتشاراً في الكيان الاسرائيلي "يديعوت أحرونوت" المعروفة غالباً، بمواقفها المُعارضة لنتنياهو، كأن "العالم خضع لإيران"، ولم تمتنع التحليلات الرئيسية للصحيفة عن توجيه الانتقادات ضد الأميركيين؛ الذين لم يذكروا الصهاينة أبداً في الحصيلة النووية، على الرغم من التأثير المصيري للاتفاق عليها، إلا أنه وبشكل ضمني، يعود الذنب في هذا إلى نتنياهو.

لو أنه قام بالتواصل مع الأميركيين من خلال توجهات عقلانية، من خلف الكواليس، وطالب بالحفاظ على مصالح كيانه في إطار الحصيلة النووية، ولم يبذل كل جهوده لإفشال هذه الحصيلة- بداية من استثمار المليارات في مسألة ترك انطباع بأن الكيان الاسارئيلي مُستعد لمهاجمة إيران، وصولاً إلى خطابه الدعائي المُستفز في الكونغرس الأميركي - ربما كان هناك من يمكن أن يسمعه في أميركا.

جاء أيضاً في التحليلات أن تصرفات نتنياهو قد تؤدي إلى ألا يحصل الكيان الاسرائيلي على "تعويض مناسب" على شكل تمويل وأسلحة من الأميركيين، على الأقل ليس بالقدر الذي يمكنها الحصول عليه لو أن نتنياهو لم يتصرف وكأن الحديث هو عن صراع يتعلق "بوجود دولة إسرائيل". لم يكن الأمر كذلك، كما جاء في التحليلات. وبدل الاعتراف بفشله ومواجهة تداعيات ذلك باستخدام المنطق، جعل نتنياهو من نفسه ضحية، وبات يقول للإسرائيليين إن الكارثة باتت وشيكة.

بدأت التحليلات في صحيفة "هآرتس"، التي تنتمي إلى الخط اليساري الإسرائيلي والمعروفة بمواقفها المُعارضة لنتنياهو، بعنوان "ليس هناك اتفاق جيد مع إيران"، واتهمت الصحيفة نتنياهو، بشكل أساس، أنه بسبب نحيبه الدائم بأن "هذا الاتفاق هو اتفاق سيء" خلق وهماً بأن ذلك الاتفاق ربما يكون جيداً. جاء في التحليل أنه لا يمكن وجود اتفاق كهذا، ولكن وجود اتفاق متوسط، يُعيق إنتاج إيران للقنبلة النووية، أفضل من عدم وجود اتفاق أبداً، حسب تعبيره الصحيفة.

"قد يكون التغيير للأسوأ، إنما أيضاً قد يكون إيجابياً. إيران أقرب إلى الغرب، وهي مليئة بالشركات الأجنبية وتُحاور الولايات المتحدة الأمر الذي قد يجعل تشكل أقل خطراً على إسرائيل". في اليوم الذي ينتحب فيه الكيان الاسرائيلي حصيلة المفاوضات النووية، بقيادة رئيس الحكومة، من النادر والمُنعش إيجاد عبارة كهذه.