لبنانيون يتطوّعون لخدمة "إسرائيل"

لبنانيون يتطوّعون لخدمة
الخميس ١٦ يوليو ٢٠١٥ - ٠٩:٢٧ بتوقيت غرينتش

تثبت مراسلات ضابط الارتباط الإسرائيلي مع المعارضة السورية، مندي (منذر) الصفدي، ما هو معروف من نشاط لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والسورية.

وتكشف المعلومات التي جرت قرصنتها من أجهزة كومبيوتر وهواتف تعود إلى الصفدي وغيره من الأمنيين الإسرائيليين، عن اعتماد العدو على عملاء لبنانيين لعقد لقاءات مع معارضين سوريين في إسطنبول وبوخارست والولايات المتحدة، ولتنسيق تمويل مجموعات المعارضة المسلحة وتسليحها.

تكشف المراسلات والملفات التي جرت قرصنتها من ملفات العميل الإسرائيلي مندي الصفدي، اتصالاته مع عملاء محليين في لبنان وسوريا، أبرزهم اللبنانيان «ج. أ.» و «ن. ن.» والسوري «م. د.» الذي يعمل لدى اللبناني «ش. م.»، إضافة إلى السيدة «ت. م.» التي أوقفتها الأجهزة الأمنية اللبنانية قبل مدة. وينشط على خط هذه الاتصالات وتجنيد العملاء أيضاً الضابط الإسرائيلي موتي كاهانا الذي يركز على مشروع إقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا.

وتبين من المحادثات أن الأخير على معرفة بعدد من اللبنانيين في الولايات المتحدة، وأنه يعمل أساساً على تجنيد عملاء من النساء للعمل في سوريا، خصوصاً في مخيم الزعتري للنازحين السوريين في شمال الأردن (35 ألف نازح). ويجري التجنيد عبر مشاريع تموّلها مؤسسة «مايكرو فاند فور وومن»، ومقرها نيويورك، وهي مؤسسة خاصة غير ربحية تموّل مشاريع لتمكين النساء.

وقد رُصدت محادثة بين الصفدي واللبناني «ك. ش.»، الملقب بـ«أبو نمر» (مواليد ١٩٥٧)، الذي تبين أن له اتصالات مع العميل اللبناني البارز «ن. ن.»، إضافة إلى اتصالات متكررة مع ضباط من أجهزة أمنية لبنانية.

وفي رسالة في أحد الملفات (تاريخ إنشائه في 24/1/2015) من الإسرائيلي يوسف كوبورواسر، أحد ضباط الاستخبارات العسكرية (أمان)، يشدد الأخير على الصفدي بضرورة التنسيق مع اللبناني «ج. أ.»، لكونه «صلة وصل مع المعارضة السورية ومستشاراً لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فضلاً عن أنه عضو في الحلقة المصغّرة لإدارة الشؤون الطارئة في الداخل اللبناني». وتضمن الملف صورة عن هوية أميركية اللبناني وصورة أخرى تجمعه مع جعجع. والعميل المذكور من مواليد ١٥-٧-١٩٥٦، كان ضابطاً سابقاً في «فرقة الصدم» و«القوات الخاصة» في «القوات اللبنانية»، وعُيِّن رئيساً لمكتب الحزب في إحدى الولايات الأميركية بين ٢٠٠٣ و ٢٠٠٨، وشغل منصب أمين الشؤون الاجتماعية في أميركا الشمالية بين ٢٠٠٥ و ٢٠٠٨.

كذلك وُجدت في ملفات الصفدي رسائل من اللبناني «ن. ن.» (ملقب بـ«شيكو») الذي يقيم في الولايات المتحدة ويحمل جنسية أميركية باسم مايك ريتشارد ستيفانز (مواليد ١٩٦٤/٦/٥، رقم السجل ٦٧١ الصيفي)، وهو يدير «المؤسسة اللبنانية للسلام» ويعمل مساعداً للجنرال الأميركي المتقاعد بول فاليلي، وتفيد الملفات بأنه يعمل عنصر ارتباط بين الموساد والاستخبارات الأميركية، علماً بأنه يدير موقعاً إلكترونياً يروّج للسلام مع العدو الإسرائيلي.

وفي إحدى الرسائل (٢٠١٤/٤/١٨)، يطلب «شيكو» من مندي أن يسقط سلاح الجو الإسرائيلي ليلاً معدات لوجستية لمجموعات مسلّحة يحاصرها الجيش السوري وحزب الله في مناطق محددة من جبال القلمون. وفي ٢٤ من الشهر نفسه، أبلغ العميل «ن» مندي أنه خلال أيام ستُنقل «مواد كيماوية موجودة في منطقة مسيحية من مدرسة في منطقة «النقطة» (كذا) في اتجاه الأراضي اللبنانية»، طالباً منه التنسيق مع قائد «لواء القادسية» أسد الخطيب في الأمر. وفي مراسلة بتاريخ ٢٠١٤/٤/٥ طلب مندي من «شيكو» توفير مبلغ مالي لإحدى المجموعات السورية المسلّحة. وفي محادثة بينهما، أبلغ الصفدي العميل اللبناني أنه تلقى اتصالاً من أحد قادة المجموعات المسلحة في الجولان يطلب بين 5000 و7000 دولار لتزويد المقاتلين بالسلاح. وفي ٢٠١٤/٤/٦ أبلغ «شيكو» الصفدي أنه على صلة بمجموعة من الضباط، من بينهم النقيب «ع. و.» يمكنهم السيطرة على نقاط محددة، مشدداً على ضرورة ألا يعلم أحد بالأمر «ولا حتى محمد عدنان»، فأجابه مندي بأنه التقى هذا الضابط مرتين.

العميل «ن» يطلب إسقاط مساعدات إسرائيلية جواً لمسلّحي القلمون

وبعد ثلاثة أيام، ذكر «ن» أن السعوديين والقطريين هم الوحيدون الذين يوفرون المساعدات المالية واللوجستية. وفي ٢٠١٥/١/٢٨، لفت «شيكو» إلى ضرورة «إعداد خطة في منطقة القلمون والمناطق (السلسلة) الشرقية»، وطلب من مندي «التنسيق بنحو أفضل» لوضع خطة ضد حزب الله في بعلبك وبيروت.

وفي محادثة أخرى بين مندي والعميل «ن»، أرسل الأخير صور ثلاث جوازات سفر سورية، أحدها للعقيد في الجيش السوري «أ.ح.»، فأجاب مندي بأن الأمور «تترتب بالشكل المناسب في النمسا ورومانيا». وبعد ثمانية أيام، أبلغ مندي العميل اللبناني أن الأمور لم تجر كما يرام في رومانيا، مشيراً إلى أنه في حاجة للإعداد للقاء جديد، وطلب منه حجز تذكرة سفر على الخطوط الجوية التركية. فأخبره «ن» بأنه يتحدث في هذه الأثناء مع عميد تركي، و«أن الجماعة اتصلوا وأجّلوا اجتماع رومانيا إلى الأسبوع المقبل». وفي محادثة لاحقة بعد أسبوع، سأل العميل «ن» مندي إن كان يعرف عمار القربي، رئيس «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا»، الموجود في تركيا، وعرَّف عنه بأنه من «أبرز شخصيات الثورة السورية»، وأنه طرح عليه فكرة التعاون مع الإسرائيليين، فلم يعارض وأبدى استعداده لذلك.

ولدى مراجعة النشرة الأمنية للعميل اللبناني، تبين أن في حقه بلاغات وتعاميم تتعلق بجرائم خطف وقتل وتجارة سلاح، إضافة إلى شبهات تعامل مع المخابرات الأميركية والإسرائيلية. كذلك يوجد في حقه بلاغ تقصٍّ صادر عن قيادة الجيش في ٢٠٠٤/٣/١٨. غير أنه لم يتبين وجود أي بلاغات بالاسم الأجنبي الذي يحمله على جواز سفره الأميركي. ويعود تاريخ إصدار آخر جواز سفر لبناني له إلى ٢٠٠١/٤/٢٤. ولدى مراجعة حركة دخول زوجته «د.خ.» تبين أنها زارت لبنان أربع مرات في السنوات الأربع الماضية، آخرها في تشرين الأول ٢٠١٤.

تجدر الإشارة إلى أن العميل «ن» يستخدم رقمي هاتف أميركيين (17608550445)، (12022850359). وقد أظهرت داتا الاتصالات تواصل الرقمين مع عدد من ضباط أحد الأجهزة الأمنية. كذلك تبين أن الرقم الأول استُخدم في لبنان عام ٢٠١٠ وتنقل ما بين المطار وجورة البلوط، وتواصل مع عدد كبير من الأرقام اللبنانية والأجنبية.

*رضوان مرتضی / الأخبار