هل تفتخر بأنك سعودي؟!

هل تفتخر بأنك سعودي؟!
الخميس ٢٠ أغسطس ٢٠١٥ - ١٠:٠٠ بتوقيت غرينتش

مجرد عنوان المقال قد يثير لدى البعض مشاعر مختلفة، و هناك من سيحضر مسبقا كل سكاكين الكلام السوء الذي تعودنا عليه على صفحات التواصل الاجتماعي، لكن لنتفق من البداية أن كل هذا لن يمنعنا من طرح السؤال و إعادة طرحه، و سنترك لهؤلاء المخربين متعة المناكفة و الإيذاء بسقط الكلام، فلكل أمريء ما تعود، و على كل، سيفهم الجميع في النهاية أن مجرد طرح هذا السؤال بهذه الحدة و المباشرة لم يكن عفويا أو مجرد نزوة فكرية، فهناك من المواضيع و الأحداث العربية و الدولية المتلاحقة و المهمة ما يكفى و ما يدعو للانشغال، لكن نحن نقول أنه حان الوقت لطرح هذا السؤال و طرح هذه الفكرة على المتابعين أولا لأننا لا نأتي العيب و ثانيا لان النظام السعودي هو من فرض هذه المناقشة و هذا الطرح.

الافتخار بالانتماء شعور جميل و مطلوب و بديهي، لكن كم من مواطن يزعم هذا الافتخار في كل المناسبات لكنه يخون هذا الوطن في لحظة معينة، و كم من مواطن يعلن كراهيته للوطن لكنه يغير عليه في لحظة معينة، لكن هل من المنطقي أن نتباهى بانتماء لوطن أصبح في مهب الريح و مدعاة للسخرية و الكراهية من الشعوب العربية، و هل من الصواب أن ندين لوطن يفرخ الإرهاب و يدعو للكراهية و القتل، هل من المعقول أن نرضى بمؤسسات دولة لا توفر الحد الأدنى من الديمقراطية و حرية التعبير، هل أن عشق الوطن يبرر الصمت على تدمير أوطان أخرى، ثم، ما العيب أن نرفع الصوت من باب حب الوطن و حب الانتماء لنتحدث بأن حب الأوطان الأخرى من الإيمان، و أن هذا الانتماء للوطن و للإسلام لا يمكن أن يكمم أفواهنا إلى الأبد دون أن نعارض “عاصفة الحزم” التي تقتل الأبرياء في اليمن و “عاصفة الإرهاب” التي تدمر سوريا و ”عاصفة التفجيرات” التي تستبيح مستقبل أبناء العراق، فكل هذه العواصف السعودية القاتلة تحدث و الشعب السعودي لا يتحرك.

من الممكن أن يرضى الشعب السعودي بما هو مكتوب، و بالخيار الوحيد الممنوح من هذه السلطة الاستبدادية الدموية الغاشمة، و من الممكن أن يخاف الشعب من سطوة حكامه و يختار الصبر و السلامة على الدخول في مواجهة مع هذا النظام الدموي الفاسد، من الممكن أيضا أن يتباهى هذا الشعب بأنه يفضل هذا ”النظام” على ما يحدث في دول أخرى، خاصة بعد أن نجحت ماكينة الكذب في تسويق هذه الحملة الكاذبة المغرضة في عقول السعوديين بالذات، لكن من حق المظلومين الذين تدمرهم الماكينة الإرهابية السعودية أن يضعوا الجميع في سلة واحدة، النظام، الجيش، الشعب، لان الشعب اليمنى على سبيل المثال لا يقتل إلا بأمر من السلطة السعودية، و الطائرات التي تدمر و تقتل و تترك الأشلاء المتناثرة على الأرض اليمنية تفعل ذلك بقيادة طيارين ”سعوديين” قذرين، و الشعب الذي يتفرج في هذه المأساة القاسية في صمت و دون استنكار هو شريك فاعل في العدوان و لا يستحق من كل شرفاء العالم أي احترام.

في عهد الفضائيات و وسائل الاتصال، أصبح عار النظام السعودي و عمالته للصهيونية العالمية موثقا بالصوت و الصورة، "إسرائيل" نفسها تفاخر بهذه “الصداقة” و هذه الخدمات المتلاحقة التي يقدمها النظام للمشروع الصهيوني في المنطقة، فضرب اليمن مثلا ليس مصلحة سعودية، فالشعب اليمنى لم يكن يوما عدوا أو خطرا على الشعب السعودي، و ضرب الشعب السوري مصلحة صهيونية معلنة فالشعب السوري كان حليفا للسعودية في حرب الخليج (الفارسي)، ولم يأت نظامه أو شعبه ما يؤذى مشاعر الشعب السعودي، فكيف نفسر صمت ما يسمى بالفئة السعودية المثقفة، صمت الشعب السعودي على كل المجازر الإرهابية التكفيرية التي يرتكبها نظامه في حق الأبرياء العرب، فهل تم حقن هذا الشعب بمورفين الصمت و هل بلع لسانه و وجدانه إلى هذا الحد، و هل أن الخوف من سطوة النظام و جبروته قد أفقدت هذا الشعب كل نية لإعلاء الصوت و التعبير عن رفض ما يحدث.

لا أدرى حقيقة ماذا يفعل هؤلاء المصلون المتعبدون في مساجد السعودية خمسة مرات و أكثر في اليوم الواحد، أليست الصلاة من تنهى عن الفحشاء و المنكر أم هناك خطأ في الترجمة القرآنية و فهم مقاصد هذا الدين الحنيف، أليس محرما على المسلم قتل المسلم بدون حق، فهل أن من يقتلون و يصبحون أشلاء و من ييتمون في اليمن قد ارتكبوا جرما في حق هذا النظام الدموي و في حق هذا الشعب السعودي الأخرس الأبكم، و هل من حق هذا النظام الصهيوني و هذا الشعب الصامت أن يقتلوا الناس بذريعة الخوف من التمدد الشيعي و الخطر الإيراني، هل يمكن تفهم أن يصبح هذا النظام نسخة مطابقة للأصل من "إسرائيل" التي رسخت في أذهان العالم فكرة ما يسمى “بالحرب الإستباقية” ، فالنظام في كل الدول هو الشعب لكن يظهر أن الشعب السعودي يعيش عزلة مع النظام و هما متزوجان حسب طريقة التفرقة في الأملاك و الجسد(séparation de biens et de corps) فلا أحد يهتم بما يفعل الآخر، و هي نمط عيش و تعايش غير مسبوق في العالم.

بإمكان البعض أن يناكف بشعار زائف ملطخ بالدم و العار ليقول ”سعودي و أفتخر” لكن على إيه؟ على الفساد و انعدام المساواة في الفرص الذي يخرب مستقبل هذا ”الوطن”، على هذه الصورة القبيحة المشوهة الرديئة التي ينقلها الإعلام عن المؤسسة الدينية الإرهابية التي تدعو إلى تكفير و قتل الأبرياء، على هذا الدم المراق في كل الأوطان العربية خدمة للصهيونية العالمية، على هذه العلاقة الآثمة مع العدو الصهيوني، على تراجع الموقع السياسي في العالم، على هذه الحروب و المؤامرات الفاشلة في سوريا و العراق و اليمن و تونس و مصر و السودان التي كلفت الخزينة السعودية مليارات بناء مستقبل الشعب السعودي، على فضيحة طرد ملك الفشل من فرنسا التي عبر شعبها عن عمق كراهيته لهذا النظام و من يمثله، على هذه “الفضيلة” الزائفة التي يدعيها الغادون و الرائحون للمساجد و هم أبعد ما يكون عنها قلبا و قالبا لأنها لم تدفعهم لرفع صوت استنكار ما يحدث لأشقائهم العرب، على أيام شهر رمضان الذي قضاها الشعب اليمنى في الظلام يحصى موتاه و يجمع أشلاء الأطفال و كبار السن، لقد أسمعت لو ناديت حيا، و لكن لا حياة لمن تنادى.


* أحمد الحباسى ـ بانوراما الشرق الاوسط