دماء الشعب السوري في رقبة القرضاوي وأمثاله

دماء الشعب السوري في رقبة القرضاوي وأمثاله
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥ - ٠٤:٥٨ بتوقيت غرينتش

حسب علمي ان للشيخ يوسف القرضاوي ، سوبر ستار قناة الجزيرة ، مكتبا ومستشارين ومساعدين ، بفضل الهالة الاعلامية و “العلمائية” التي صنعتها له قطر خلال السنوات الماضية وتم تسويقه على انه “رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” ، ولكن للاسف الشديد ، كل ما ترشح ويترشح عنه من تصريحات ومواقف خلال السنوات القليلة الماضية والان ، يؤكد ان الرجل لا يستشير احدا حول ما يقول وهو قول يرتد عليه وعلى من يدعموه ويؤيدوه ، او ان هناك بطانة سوء ، تسعى لتشويه سمعة الرجل ، عبر تحريضه ليقول ما يقوله.

فالرجل كثيرا ما يدعي انه ينتصر للمظلومين ضد الظالمين ، والمعدمين ضد المترفين ، وللحرية ضد الاستبداد ، وللديمقراطية ضد الدكتاتورية ، بينما لم يسجل للرجل كلمة حق واحدة بحق الانظمة الظلامية الاستبدادية الدكتاتورية الطالمة والمعادية للحرية والديمقراطية ، التي يعيش هو في كنفها منذ عقود ، بل على العكس تماما ، يدعو ليل نهار لاولياء نعمته من انظمة اسرية قبلية متخلفة مثل الانظمة في قطر والسعودية والبحرين والامارات ، في مقابل حفنة من الدولارات ، وشاشة بائسة فقدت كل بريقها كان يعشعش فيها.

في اكثر من مقال قلت ان الله سبحانه وتعالى شاء ان ينهي حياة القرضاوي بأسوء انواع العاقبة ، فالرجل اصبح يسكت دهرا ، بعد ان منعه اسياده القطريين من الظهور في الاعلام كالسابق ، الا انه ينطق كفرا عندما تسنح له الفرصة للنطق ، واخر ما نطق به هذا الرجل كان تعليقه على غرق اللاجئين السوريين في البحار ، وموتهم في الشاحنات في البلدان الغريبة ، حيث علق على موقعه الرسمي على الفيسبوك على هذه المآسي ” إن دماء الشعب السوري يتحملها العرب جميعا أولا، ثم في رقاب من قتلوا الربيع العربي، وتآمروا عليه، ليحيلوا بلاد العرب الى فوضى .. أن من أفظع مآسي القرن، هرب الشعب السوري من الموت ببراميل حاكمه الطاغية، ليموت بأمواج بحار لا تعرف الرحمة، وشاحنات لا تدري معنى الشفقة ..القوة إذا انفصلت عن الحق أصبحت خطرا يهدد الضعفاء، ويبطش بكل مَن لا ظفر له ولا ناب.. قوة الحق أمضى من حق القوة”.

لا ادري لماذا لا يشعر هذا الرجل بأدنى مسؤولية فيما يجري من فوضى ودمار وقتل ومآسي في البلدان العربية ، ويحمل الاخرين نسبة مائة بالمائة ما جرى ويجري ، بينما الجميع يشهد ، واولهم قناة “الجزيرة” القطرية ، كيف كان القرضاوي يحرض الشباب العربي والمسلم للذهاب الى “الجهاد” في ليبيا وسوريا وغيرها من البلدان العربية ، بل وافتى بقتل رؤساء دول وحتى علماء كبار من امثال العلامة البوطي ، وافتى بحلية تدخل الناتو في ليبيا وسوريا ، ورفض كل الحلول السياسية للوصول الى حلول وسط ، مدعوما من انظمة خليجية رجعية طائفية ، وبمليارات الدولارات وبجيوش من العصابات التكفيرية كالقاعدة و “داعش” واخواتهما ، وما يجري اليوم في سوريا وليبيا وحتى اليمن والبحرين ، يتحمل القرضاوي وامثاله جانبا كبيرا وكبيرا منه.

حتى مصر لم تسلم من فتاوى القرضاوي التدميرية الكارثية العبثية ، فالرجل لو اتاحت له الظروف ، كما في ليبيا وسوريا ، لكان حوله مصر الى نموذجا اخر للفوضى والقتل والدمار والخراب ، انتصار لحزب ينتمي اليه ، دون ان يشعر باي مسؤولية ازاء انتمائه الى مصر ، البلد الذي تركه منذ عقود ليكون خطيبا في مسجد راس الفتنة التي يعيشها العرب والمسلمون اليوم “محمد بن عبد الوهاب” في الدوحة.

دافعه الحزبي وليس الاسلامي ، هو الذي كان السبب وراى الفتاوى التي اصدرها ضد الانظمة في سوريا وليبيا وحتى مصر ، لانه كان يعتقد انه سيساعد في وصول حزبه الى سدة الحكم في هذه الدول كما وصل فرعه التركي الى الحكم بقيادة اردوغان ، وهذا السبب كان وراء تكفيره الرئيس معمر القذافي وبشار الاسد وحتى السيسي ، وهذا السبب كان وراء رفضه الحلول السياسية ، ودعوته الى اسقاط هذه الانظمة بالقوة العسكرية ، حتى لو كانت الناتو .

نقول للقرضاوي اذا كانت لديك حظوة كما تقول لدى الملوك والامراء والمشايخ ، الذين تسبح بحمدهم ليل نهار ، واذا كنت متألما جدا لمآسي الشعب السوري ، الذي ذهب ضحية مؤامرة شاركت فيها حكومة قطر واسرائيل والرجعية العربية ، فلماذا لاتدعو الانظمة الخليجية الثرية والمتخمة ان تستقبل اللاجئين السوريين بدلا من يغرقوا في البحار ويموتوا في الشاحنات ، من اجل الوصول الى بلاد “الكفار”، فيما يعيش الملايين من الاجانب في الممالك والامارات والمشايخ الخليجية ومنها قطر؟.

ايها الشيخ كن منصفا مرة واحدة قبل ان ياتيك ملك الموت ، لماذا لا تشير مجرد اشارة الى دور الانظمة العربية الخليجية الرجعية في مأساة في سوريا ؟، فاذا كنت تخشى ان تفقد حظوتك عندهم ، على الاقل اذكر ولو بالاشارة دور العصابات التكفيرية الى ارسلتها الى سوريا والعراق تحت شعار “الشباب المسلم المجاهد” ؟ ، فاذا كنت تخشى على حياتك ، على الاقل اذكر ولو بالاشارة دور اردوغان التخريبي والتدميري في سوريا ، فاذا كنت تخشى ان تطرد من حزبك الاممي ، على الاقل اذكر دور “اسرائيل” التي نسيتها منذ سنوات انها العدو الاول للعرب والمسلمين ، في مآسي الشعب السوري ، فاذا كنت تخشى ان تغضب سيدة اسيادك ، على الاقل اذكر الدور الظاهر والمعلن لامريكا ازاء كل ما يجري في سوريا ، فاذا كنت تخشى ان تغضب امير قطر لتعصبه لامريكا ، نرجو منك اذن ان تسكت بالمرة والا تتكلم خير لك ولاسيادك.

يا قرضاوي ، ليس دماء السوريين فقط في رقبتك ، بل دماء الليبيين والعراقيين والبحرينيين ايضا ، فالجميع يتذكر تصريحاتك ومواقفك وفتاواك ازاء ما جرى ويجري لهم . بالمناسبة ماذا يقول لك ضميرك ازاء ما يجري على الشعب اليمني من ويلات ومن قصف همجي جاهلي حاقد ، تشارك فيه “الانظمة الديمقراطية التحررية المقاومة ” امثال السعودية والقطرية والاماراتية البحرينية والمغربية والاردنية ؟، هل يستحقون كل هذا القتل والتنكيل ؟، كيف ستواجه ربك يوم الدين عندما يسألك عن موقفك من هذا العدوان الذي تقوده الانظمة التي تمتدحها ، والتي شاركت في قتل نحو 5000 طفل وامراة وشيخ يمني ، واصابت الالاف بجروح ، وهجرت الملايين وشردتهم ، ودمرت كل البنى التحتية لليمن؟ ، اليس اهل اليمن هم اصل العرب واصحاب الدور المشرف في الاسلام؟.

يا رجل لماذا لا يهاجر السوريون الذي يعيشون في كنف الدول السورية ؟، ولماذا يهاجر السوريون الذين يعيشون في ظل العصابات التكفيرية التي تعتبرها انت اسلامية ؟، ان كل ما تقوله يرتد اليك ، بل ان وجودك في ضيافة الانظمة الرجعية المستبدة والعميلة ، لهو اكبر دليل ، يؤكد على انك تكذب ولا تقول الحقيقة ، فلو كنت حقا عالما عاملا تخاف الله وتنتصر لعباده كما تقول ، لرفعة صوتك في وجه هذه الانظمة المتخلفة والمستبدة والطائفية والعميلة ، وفي مقدمتها النظام القطري ، لذلك نعيد ونكرر ، وهو ما سيذكره التاريخ ايضا ، ان دماء السوريين والعراقيين والليبيين والبحرينيين واليمنيين في رقبتك ورقبة امثالك من وعاظ السلاطين.

* سامح مظهر/ شفقنا