التدخل العسكري الإماراتي في المنطقة.. الأبعاد والتداعيات الأمنية

التدخل العسكري الإماراتي في المنطقة.. الأبعاد والتداعيات الأمنية
الأربعاء ٠٢ سبتمبر ٢٠١٥ - ٠٥:٤٢ بتوقيت غرينتش

كثيرة هي المغامرات التي خاضتها دولة الامارات ضد دول المنطقة بدءاً من دعمها للجماعات المسلحة ضد سوريا، مروراً بغاراتها علی ليبيا ودعمها للحرب في هذه الدولة، وصولا الی حربها الاخيرة علی الیمن من خلال دخولها الائتلاف السعودي ضد الشعب الیمني الاعزل.

 الشعور بالعظمة من قبل الامارات، هذه الدولة الصغيرة والتي يكاد من الصعب أن تجدها علی خارطة العالم، تجعل المتابع يتساءل عن الدوافع التي تدفع بهذه الدولة، لإبداء مثل هذه التصرفات العدوانية ضد شعوب المنطقة، فهل هو السلاح الأمريكي الذي كدسته الامارات في مخازنها هو من يجعلها تشعر بمثل هذه العظمة ضد شعوب المنطقة؟ أم انه المال الذي يدر علی ابوظبي عبر مبيعاتها النفطية، هو الذي يجعل هذه الدولة أن تصبح عدوانية الی هذا الحد تجاه شعوب المنطقة؟

ومن خلال القاء نظرة خاطفة وسريعة علی الجيش الاماراتي ومساحة وقدرات الامارات ما عدا مخازنها المكدسة بالسلاح الغربي، فانها لا تملك ايا من مواصفات القوی المعترف بها دوليا. ويری الكثير من المراقبين أن مشاركة الإمارات في الحرب علی تنظيم داعش الإرهابي وليبيا والیمن، فضلا عن دعمها للجماعات المسلحة في سوريا، يعود في الاساس الی امتثال هذه الدولة الی الاوامر التي تتلقاها من قبل امريكا، لا لشیء آخر. 

وهذه التصرفات غير المدروسة وغير المسؤولة من قبل الاماراتيين، من المحتمل أن تعرّض الامارات الی نتائج غير محمودة، حيث انه لم يكن من المستبعد أن تؤدي الی انهيار الحكم في هذه الدولة الخليجية، ورواج الفوضى فيها علی غرار ما حدث في ليبيا. ويشير المراقبون الی أن الاموال الهائلة التي تجنيها الإمارات من خلال مبيعاتها النفطية، جعلت الغربيين يستحوذون علی هذه الاموال مجدداً عبر عقد صفقات السلاح مع أبوظبي خلال الاعوام الماضية، مما ادی امتلاك هذه الاسلحة المتطورة من قبل الاماراتيين، الی ظهور نزعة عدوانیة لديهم ضد دول المنطقة، بعد اصابتهم بجنون العظمة!

ونظرا للتصرفات العدوانية لدول مثل السعودية ضد سوريا والیمن والعراق، ودول اخری، فان شعوب المنطقة ليست بحاجة الی تصرفات رعناء اخری من قبل الإمارات، لانه في حال استمرت الامارات بتصرفاتها غير المسؤولة في المنطقة خاصة في سوريا والیمن، فان ذلك سيزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وخلال الشهر الجاري (أغسطس) ذكر تقرير غربي أعده خبراء عسكريون تم نشره في مجلة «جينز ديفنس» أن الامارات نشرت لواءً مدرعاً من قواتها لدعم القوات المتحالفة مع السعودية في الیمن، ويؤكد التقرير أن الامارات ولاسباب يعتقد أنها ناجمة عن خوف أبوظبي من اتهامها بمجازر حرب ضد الشعب الیمني، لم تعلن عن نشر هذه القوات بشکل رسمي، بيد أن الافلام والصور التي تم نشرها توضح انتشار هذه القوات الإماراتية في الیمن، خاصة بهدف فرض سيطرة القوات الموالیة للسعودية علی مطار مدينة عدن. وبالاضافة الی دعم العمليات العسكرية من قبل الامارات ضد الیمن، تعتبر الامارات من ضمن اولی الدول التي دعمت حكومة «منصور هادي» بعد فراره من صنعاء وتشكيله حكومة غير منتخبة في عدن، حيث أعلنت الإمارات آنذاك أنها نقلت سفارتها من صنعاء الی مدينة عدن.

وليس بعیداً عن هذه المواقف الاماراتية، وفي تصريح مثير للسخرية تعودنا ان نسمعه كثيرا من قبل «ضاحي خلفان» نائب رئيس شرطة دبي، عرض خلفان مبلغ مليون درهم إماراتي لمن يتمكن من أسر السيد «عبدالملك الحوثي» زعيم حركة «أنصارالله»، ويسلمه للتحالف السعودي علی حد زعمه! وقال نائب رئيس شرطة دبي علی حسابه الشخصي علی موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ان «مليون درهم كاش من عندي لمن يقبض على عبد الملك الحوثي حيا، ويسلمه للتحالف». كما دعا خلفان الی تقسيم الیمن الی عدة دويلات، وقال حول انفصال الجنوب عن الیمن: «أعلن اعترافي الشعبي بدولة الجنوب العربي اعتبارا من هذه اللحظة دولة مستقلة ذات سيادة». هذه التصريحات التي لا يمكن وصفها إلاّ بالمتهورة من قبل ضاحي خلفان، فجرت موجة غضب بين الشعب الیمني، مما دفع الكثير من المغردين الیمنيين لمهاجمة خلفان.

وفي هذا السياق اعتبرت الناشطة الیمنية «توكل كرمان»، علی حسابها الشخصي علی موقع الفيسبوك، «صدقوني ضاحي خلفان زعلان على صاحبه المخلوع ونجله فلا تلتفتوا له»، فيما انتقدت بشدة دعوة خلفان لانفصال الجنوب. وفي رد علی تغريدة ضاحي خلفان التي قال فيها إن« صنعاء لا تصلح كمدينة للسكان (..) لو أنا صنعاني ابيع كل شئ في صنعاء واسكن عدن أو اب» علی حد زعمه، قال الكاتب الیمني «نبيل سبيع»: «أيها الناس احكموا! نعم، أيها الناس احكموا! هل يصح أن يقول ضاحي خلفان مثل هذا الكلام عن مدينة بكل سكانها البالغ تعدادهم ٣ مليون نسمة؟ وأن ينصح سكانها ببيع كل شيء يملكونه فيها ومغادرتها في الوقت الذي تتعرض فيه للقصف من قبل طائرات دولته وعدة دول أخرى؟».

وفي سياق غير بعيد نشرت العديد من وسائل الاعلام الیوم صوراً قالت إنها تعزيزات عسكرية قدمتها دولة الامارات لقوات المعارضة التي تقاتل الجيش الیمني وحركة انصارالله في محافظة مأرب. وقالت مصادر خبرية إن هذه التعزيزات هي عبارة عن عشرات المدرعات والمدافع الثقيلة، فضلا عن أن الامارات سلمت هذه القوات سلاحاً نوعياً وهو عبارة عن منظومة للدفاع الجوي قصيرة المدى تعرف باسم «بانتسير إس ١» التي تملكها الإمارات.

 وفي النهاية علینا ان نتذكر ان الامارات ساهمت خلال العقود الماضية بشكل كبير في تاسيس حركة طالبان الافغانية من خلال الاعتراف بهذه الحركة عام ١٩٩٧ بشكل رسمي، واستمر هذا الاعتراف حتی أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وفي هذا السياق تحاول الامارات الیوم مجددا دعم الجماعات المرتزقة وتنظيم القاعدة في الیمن، علی حساب أمن واستقرار هذه الدولة. حيث أن هذه السياسة التي تعتبر أكبر من حجم الإمارات بكثير، سيكون لها انعكاسات سلبية علی أمن واستقرار جميع دول المنطقة، فضلا عن زعزعة الامن والاستقرار في الامارات نفسها خلال الحقبة القادمة. لذا من غير المقبول السماح لدولة الامارات الاستمرار بهذه السياسة العدوانية ضد شعوب المنطقة.

الوقت