تفجيرات "داعش" لن تدفع الأتراك الى الإلتفاف حول أردوغان

تفجيرات
الأحد ١٨ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٩:٥٤ بتوقيت غرينتش

“أعتقد ان مجزرة انقرة، سيبقى فاعلها مجهولا، كما هو فاعل مجزرة سوروتش، والسبب بسيط جدا، وهو ان “داعش” والقاعدة وجميع التكفيريين، الذين يعملون لصالح اردوغان في سوريا والعراق، لن يحرجوا “سيدهم” امام شعبه بتبنيهم تفجير انقرة، ليبقى الباب مفتوحا امام التكهنات الغبية، كما هي تكهنات رئيس وزراء تركيا احمد داود اوغلو، عندما اتهم حزب العمال الكردستاني بانه من يقف وراء مجزرة انقرة”، هذا ما كتبته منذ اليوم الاول لتفجير انقره، في مقال تحت عنوان “مجزرة انقرة رسالة “داعشية” من اردوغان الى الشعب التركي”.

ما توقعته لم يكن امرا صعبا، بل هو توقع فرضته السياسة المتخبطة لاردوغان على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهو تخبط فضح علاقته الوثيقة، باكثر المجموعات التكفيرية وحشية ودموية، وهي جماعة “داعش”، التي ترى في هذه العلاقة الشريان الذي يمدها بكل اسباب الحياة، وتجعلها توغل بالدم العراقي والسوري، واليوم بالدم الكردي والتركي، دون ان تحرك هذه المجازر، شعرة واحدة في جسد اردوغان واعضاء حزبه، الذين يرون في “داعش” ورقة ضغط يمكن تمرير سياستهم في المنطقة وحتى داخل سوريا.
المعروف “داعشيا”، ان هذا التنظيم التكفيري الدموي، لن يتأخر لحظة واحدة في تبني مسؤولية جرائمه، التي ينفذها كل يوم ضد المسلمين في العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان والسعودية والكويت، وحتى خارج المنطقة، ويمكن الاشارة الى تبنيه السريع والملفت لجريمة الجبانة ضد المسلمين الشيعة في مدينة سيهات السعودية، عندما اطلق “داعشي” تكفيري النار على المشاركين في مراسم احياء ذكرى ملحمة كرباء واستشهاد الامام ابي عبدالله الحسين (عليه السلام)، واستشهاد خمسة اشخاص، حيث لم تمر سوى لحظات حتى، تبنت “داعش” الجريمة النكراء، واعلنت عن اسم التكفيري المجرم الذي نفذ الجريمة.
جرائم اردوغان ضد الشعب التركي وخاصة الاكراد، كما في جريمتي سوروتش وانقرة، رغم كل القرائن والشواهد، تؤكد على “داعشيتها”، الا ان “داعش”، لم تتبن التفجيرين، ورغم مرور كل هذا الوقت، الامر الذي اكد اتهامات المعارضة التركية وقطاعات واسعة من الشعب التركي والاكراد، والحكومتين العراقية والسورية، بوجود علاقة تربط اردوغان وحزبه ب”داعش”، واستخدام اردوغان ل”داعش”، حتى داخل تركيا، بهدف وضع الشعب التركي بين خيارين، اما القبول بتفرده وتفرد حزبه بالحكم في تركيا، اما دفع تركيا الى اتون الفوضى .
يبدو ان اردوغان، تجاوز مرحلة تهديد الشعب التركي باستخدام المجموعات التكفيرية لتحقيق اهداف سياسية داخلية، الى مرحلة التنفيذ، وما تفجيري سوروتش وانقرة الا بداية لمرحلة تنفيذ دموية لا يعرف الا الله مداها، وهو ما يكشف ان اردوغان لن يتوانى، عن استخدام العصابات التكفيرية، من اجل التشبث بالحكم الفردي، حتى لو اغرق تركيا بالفوضى، وهدد نسيجها الاجتماعي والديمغرافي.
رغم تجاوز اردوغان كل الخطوط الحمراء داخل اللعبة السياسية التركية، بهدف تغييرها لصالحه وصالح حزبه، الا ان السحر انقلب على الساحر، وارتدت اعماله وعلاقته ب”داعش” وكل الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق وداخل تركيا، وبالا عليه وعلى حزبه، حيث تشير استطلاعات الراي الى تراجع شعبية حزب اردوغان “التنمية والعدالة”، قبل ايام من موعد الانتخابات التشريعية التي ستجري في بداية تشرين الثاني / نوفمبر، فقد اكد استطلاع أجرته مؤسسة «جيزيجي» التركية تراجع شعبيّة حزب اردوغان، حتى قياسا بنتائج الانتخابات التي جرت في حزيران الماضي والتي فشل فيها بتحقيق الأغلبيّة في الانتخابات، وهو ما شكل ضربة قوية لطموحات اردوغان “العثمانية”.
مرة اخرى تفرض التجربة التاريخية حكمها على الجميع في تركيا، وخاصة على اردوغان وحزبه، فتفجيرات “داعش” لن تدفع الاتراك الى الالتفاف حول اردوغان، بل على العكس تماما ستجعلهم ينفرون منه اكثر، فمن الخطأ الفادح والقاتل، استخدام الارهاب لتحقيق اهداف سياسية، فمثل هذا التوجه لن يؤدي الى الحاق الضرر بالحكومات والاحزاب والتنظيمات التي تعتمده، فحسب، بل ينعكس وبالا على الشعوب، التي ذاقت الامرين، بسبب نزوات حُكّامها.

* نبيل لطيف - شفقنا